خرجت مجموعة العشرين من إجتماع أنقرة خلال هذا الأسبوع وهي تحمل خيبات أمل نحو نمو الإقتصاد العالمي، وكان قد ركز الإجتماع على محاور أساسية على رأسها، اتجاه الفدرالي الأمريكي الى رفع الفائدة و الأزمة الصينية بسبب خفض قيمة اليوان الصيني بالإضافة الى حلول البطالة، ولكن ظل السؤال المحوري الذي يجب أن يجيب عليه هذا الإجتماع والذي يتحدث عن: هل خيبة الأمل الحالية التي أصابت مجموعة دول العشرين تجاه الإقتصاد العالمي يمكن أن تقود الى واقع أفضل لمستقبل الإقتصاد العالمي؟.
ومعروف أن هذه الدول تمثل النسبة الأكبر من الإقتصاد العالمي وتستحوذ على 85% منه، كما تمثل ثلثي سكان كوكب الأرض، وهذه النسب في تقديرنا تؤهل هذه الدول لتتخذ القرارات الإقتصادية حتى عن الدول غير الأعضاء في المجموعة لما تمثله من أغلبية وقوة إقتصادية.
وكانت أصعب معادلة على طاولة الإجتماع، التوفيق بين حماية إقتصاديات الدول الناشئة واتجاه الاحتياطي الفدرالي الأمريكي الى رفع الفائدة، مما يثير مخاوف رحيل رؤوس الأموال من تلك الدول الى الولايات المتحدة وهذا من شأنه خلق أزمة سيولة كبيرة لن تكون في صالح تلك الدول، وفشل الإجتماع بشكل واضح في تأجيل قرار زيادة الفائدة المتوقع خلال الإجتماع القادم لمجلس الاحتياطي الأمريكي لكونه لا يخاطب مؤسسات بعينها، وهذا ما يقدح في جدوى الإجتماع من الأساس، باعتبار هذه المسالة قضية جوهرية تضر دول أعضاء في المجموعة دعك من باقي الإقتصاديات الناشئة.
ولم تتوقف التحديات التي واجهت الإجتماع عند قضية (رفع الفائدة) وإنما أيضا في مسالة تباطؤ الإقتصاد العالمي والهلع الذي أصاب أسواق البورصة العالمية والإنخفاض الدراماتيكي الذي حدث لأسعار النفط بسبب تخفيض الصين لعملتها اليوان بشكل مفاجئ، وعلى الرغم من مباركة الاجتماع للخطوات الصينية في اتجاه تحرير إقتصادها، الا إنها إنتقدت عدم الشفافية التي تصاحب السياسات الإقتصادية في الصين، وما ترتب عليها من ضرر وخسائر أصابت البورصات العالمية بمافيها البورصة الصينية بدرجة كبيرة كما تخوف الإجتماع من إحتمالية إندلاع حرب عملات بسبب تلك السياسة.
وأيضا صدرت موجهات عامة نحو محاربة البطالة في الدول الأعضاء من خلال الإتفاق على ثلاثة أولويات عمل تمثلت في (الشمولية والإستثمار والتنفيذ) وصولا لتوفير الوظائف للقوى العاملة والإستثمار في تنمية المهارات والحد من تحديات عدم تكافؤ الفرص من أجل تعزيز التكامل وخطط التنمية.
ولكن في ذات الوقت ظلت موجهات عامة، وتوصيات غير ملزمة وبدون اي آليات تنفيذ مشجعة، في ظل عدم إتفاق واضح نحو خلق إقتصاد عالمي متوازن وتكامل للأدوار، ويظهر هذا التناقض في القرار المرتقب لرفع الفائدة الامريكية بالإضافة الى تأكيدات البنك المركزي الأوربي خلال الإجتماع عن دعمه الامحدود والسخي لإقتصاد منطقة اليورو تحت كل الظروف وما سيترتب من مشاكل إقتصادية لكثير من دول العالم نتيجة هذه القرارات ولا سيما إزدياد نسب البطالة بسبب تعثر النمو الإقتصادي لتلك الدول.
ولا ندري من أين جاءت تلك الثقة التي كانت ملازمة للإجتماع حينما يقول المجتمعون: (لقد وعدنا باتخاذ تدابير حاسمة ليظل النمو الاقتصادي على الطريق السليم)، مبدئين تفاؤل نحو تسارع وتيرة النمو ولكن من دون تحديد (جدول زمني) وهذا يضع كل مراقب إقتصادي في حالة قلق دائم لمستقبل قاتم، بإعتبار أن إجتماع مجموعة العشرين خرج بمجموعة وعود صينية أوربية أمريكية غير ملزمة وبدون سقف زمني.
(النمو العالمي الحالي لا يرضي التطلعات) بهذه الجملة إختتمت دول العشرين إجتماع أنقرة على أمل اللقاء العام القادم في ظل إقتصاد أفضل وتطلعات ترضي طموحاتهم، ولكن في النهاية تظل مجرد آمال ووعود.
وعليه هل ستنجح مجموعة دول العشرين كما وعدت في الخروج بالإقتصاد العالمي من عنق الزجاجة، الى نمو إقتصادي حقيقي يحقق التطلعات أم سيلتقون العام المقبل وهم يحملون في حقائبهم ذات خيبات الأمل؟