كيف يُقرأ المشهد الاقتصادي في الإمارات، بعد العواصف والاضطرابات التي ضربت أسواق المال والسلع والعملات في العالم، خلال الأسابيع الماضية؟ هل اقتصادنا مازال قوياً وقادراً على المواجهة، أم أنه معرض لاهتزازات من شأنها أن تؤثر على فاعليته وحيويته ونموه في المرحلة المقبلة؟
لو بدأنا بسوق الأسهم، وهو الأكثر ارتباطاً بالعالم، نظراً لطبيعة انتقال الأموال عبر القارات، لوجدنا أنه «متماسك» نسبياً، وإن كانت اهتزازات طبيعية اعترته في الأسبوعين الماضيين مع تنامي الإعصار الصيني.
فطيلة الأزمة اليونانية في شهري يونيو ويوليو الماضيين، استطاعت أسهمنا أن تثبت في مواجهة الأزمة اليونانية على الرغم من الاضطرابات التي لحقت بأسواق العالم، حيث تولدت قناعة لدى المستثمرين، آنذاك، بأن أوروبا لن تتخلى عن أثنيا، وبالتالي فإن الأزمة مؤقتة، وحلها قريب وهذا ما حصل.
لكن في مواجهة الأزمة الصينية لم تتمكن أسواقنا من الصمود، فترنحت على غرار أسواق العالم، لأن الأمر لم يكن يقتصر على بكين وحدها التي تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم، على أهمية هذا العامل بل لأن الفعل كان مزدوجاً ليشمل النفط الذي يشكل مصدراً أساسياً للدخل في الإمارات ودوّل الخليج العربي، التي تتكامل أسواقها إلى حد بعيد.
على الصعيد النفطي، فإنه من الطبيعي أن تكون التأثيرات السعرية عاملاً ضاغطاً على سيكولوجية قطاع الأعمال ، لكن عند النظر إلى الأمر من زاوية مختلفة، نجد أن الضغط سيقل، فالنفط لا يسهم سوى بأقل من 30 % من الناتج ، في حين أن امتلاك الإمارات لصناديق سيادية بمئات مليارات الدولارات، وما يعني ذلك من عوائد استثمارية ضخمة، قد يؤدي إلى تلاشي العامل النفسي لتراجع النفط، إضافة إلى ذلك فإن الحكومة أعلنت التزامها في أكثر من مناسبة، استمرارها في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية العملاقة لتحقيق التنمية المستدامة.
وإذا انتقلنا إلى أداء الشركات، فالتقرير الأخير الذي أعدته شركة عالمية لمصلحة بنك الإمارات دبي الوطني، جاء مبشراً، فهو لاحظ أول تحسن من نوعه لشركات القطاع الخاص منذ ستة أشهر مدفوعاً بالتوسعات القوية في الإنتاج والطلبيات الجديدة، إذ وصل مؤشر مديري المشتريات (PMI) للقطاع الخاص غير النفطي لأعلى مستوى له عند 57.1 نقطة خلال أغسطس.
وبالنسبة للعقار، فيؤمل أن يستعيد بريقه في الربع الأخير، بعد أن أظهر في الأشهر الثلاثة الماضية تراجعاً واضحاً لناحية المبيعات، وأقل لناحية الأسعار، وهو تراجع مزدوج بسبب الصيف وشهر رمضان، فيما يعلق المطورون أملاً على الاتفاق النووي لزيادة المبيعات في الأشهر المقبلة.
ما تقدم لا يعني أن الصورة الأكبر هي «وردية»، فالمتغيرات والاضطرابات الإقليمية والعالمية متعددة، لكن لابد من التأكيد على أن أساسيات اقتصاد الإمارات مازالت قوية ، وفرص النمو تبقى واعدة، استناداً إلى حيوية قطاع الأعمال وتنوعه.
نقلا عن الخليج