يقول صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي عن دولة الامارات إن بنوكنا الوطنية وعددها 20 بنكاً، لديها 162 عضواً في مجالس إدارات يشغلون 492 صفة في مؤسسات أخرى بمتوسط 3 مناصب لكل عضو.
ويضيف: أن 109 من أعضاء مجالس إدارات البنوك يشغلون مناصب مباشرة في مؤسسات تملك حصص أغلبية في هذه البنوك، و40 عضواً لهم صلة بمؤسسات يمكن أن يكون لديها علاقة غير مباشرة بمؤسسات لها حصص أغلبية في هذه البنوك، في حين أن 13 من الأعضاء لهم مناصب في البنوك نفسها، كما أن بنوك الإمارات لديها 18 مؤسسة مساهمة يمكنها أن تقوم بتعيين أعضاء مجالس الإدارات.
ويفيدنا الصندوق "هذه الشبكة الضخمة من المؤسسات المتشابكة وحملة الأسهم، وأعضاء مجالس الإدارات يمكن أن تشكل تحدياً على مستوى موضوعية عملية اتخاذ القرار في البنوك المحلية واستقلاليتها".
هل ما تقدم صحي يوفر عدالة في الحصول على المعلومات واستخدامها بدرجة متساوية للجميع؟ نحن هنا لا نشكك في أحد ونفترض حسن النية، ولكن نتساءل: كيف يستطيع هؤلاء ضبط أنفسهم امام مجتمعهم وعائلاتهم وأصدقائهم، في الحديث عمّا يقومون به وفي تقديم النصائح وتوجيه الأسواق وتمرير المعلومات؟
وإذا افترضنا مجدداً حسن النية وعدم وجود اختراقات، فإن السؤال الأهم هو عن القدرة الخارقة لأعضاء مجالس إدارات البنوك في شغل ثلاثة مناصب دفعة واحدة في المتوسط، إضافة إلى أعمالهم الخاصة التي هي الأساس، فكيف سيحسن هؤلاء الأداء؟
إذا كانت مجالس إدارات البنوك التي يفترض أن تكون السرية جزءاً أساسياً من مكوناتها، بهذا الوضع وهذا التشابك في المصالح، فماذا لو تحدثنا عن أكثر من 100 شركة مساهمة في أسواقنا، وعن المناصب التي يشغلها أعضاء مجالس إداراتها في الشركات الشقيقة والصديقة والمجاورة من المؤكد أن الوضع لا يسرّ إطلاقاً.
أمام هذا التشابك فالطبيعي أن تكون التسريبات عن الشركات متاحة لفئة على حساب العامة، وأن تتحرك أسهم هذه الشركات صعوداً وهبوطاً قبل أيام من إعلانهاً رسمياً، فيكون تأثيرها في يوم الإعلان باهتاً، لأنه كما يُقال "من ضرب ضرب ومن هرب هرب"، ويبقى المستثمر العادي صاحب الحق في الشركة آخر من يعلم ودافع الثمن، والشواهد كثيرة.
أسئلة تُطرح، لماذا يحتكر أعضاء مجالس الإدارة تلك المناصب؟ هل هم وحدهم أفهم من غيرهم؟ ألا يوجد في الإمارات كوادر مواطنة على مستوى عالٍ من العلم والخبرة سواء في الحكومة او القطاع الأهلي؟ لماذا يستبعد هؤلاء من المشهد العام والخاص للشركات المساهمة ويبقى الأمر محصوراً ب"الكريمة"؟
الأمر كله متروك بيد المشرعين الذين يعدون لقوانين طال انتظارها في الشركات والبنوك.
نقلا عن الخليج