أربعة تطورات رئيسية ساعدت في منع إنزلاق بورصات العالم نحو المزيد من التدهور، أولها في الصين وتمثل في قرار خفض معدل الفائدة على اليوان، وثانيها تصريحات صدرت عن أحد المسؤولين المهمين في لجنة السياسات المفتوحة ببنك الاحتياط الأمريكي أكد فيها أن اللجنة لن تُقدم على رفع معدلات الفائدة على الدولار، طالما أن أجواء أسواق الأسهم غير مستعدة لمثل هذا القرار.
أما التطور الثالث فتمثل في الإعلان يوم الأربعاء عن زيادة مستويات السحب من مخزونات النفط الأمريكية بشكل مفاجئ، ثم الإعلان عن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الثاني بنسبة 3,7%، وهو معدل مرتفع ويزيد كثيراً عن توقعات المحللين وعن نسبة النمو في الربع الأول.
ففي الوقت الذي كانت فيه البورصات العالمية تبدأ الأسبوع الماضي على انخفاضات كبيرة، اتخذ بنك الشعب الصيني خطوة مهمة تمثلت بخفض معدلات الفائدة على اليوان، من أجل تنشيط الاقتصاد الصيني الذي دخل في مرحلة تباطؤ هذا العام.
وقد ساعدت هذه الخطوة على ارتفاع مؤشرات الأسهم الصينية، وإلى توقف التراجع الحاد في أسعار النفط، باعتبار الصين من كبريات الدول المستهلكة والمستوردة للنفط.
وكانت الولايات المتحدة يوم الخميس بانتظار صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي لفترة الربع الأول، ورجحت التوقعات أن يكون النمو بنسبة 3,2% مقارنة بنسبة 2,4% في الربع الأول.
ومثل هذا المستوى المرتفع نسبياً ،كفيل بدفع لجنة السياسات النقدية ببنك الاحتياط الفيدرالي إلى اتخاذ الخطوة المنتظرة يوم 17 سبتمبر القادم برفع معدل الفائدة على الدولار.
ولو سارت الأمور على هذا النحو لزادت الضغوط على أسواق الأسهم الأمريكية كما حدث في الأسبوع السابق وفي تداولات يوم الإثنين.
لكن السيد وليام دادلي رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك قد سارع يوم الأربعاء بالقول بأن زيادة معدلات الفائدة الامريكية تبدو أقل ملاءمة بالنظر الي التهديد الذي تشكله الاضطرابات الاخيرة في الاسواق العالمية على الاقتصاد الأمريكي.
وأضاف أيضاً إن رفع الفائدة في سبتمبر "يبدو أقل إلحاحا" عما كان عليه الأمر قبل أسابيع فقط. هذا التصريح كان له تأثير إيجابي كبير على أسواق الأسهم الأمريكية وأعادها إلى الارتفاع ومكنها من استرداد معظم ما خسرته في الأيام السابقة.
وأظهرت البيانات الأمريكية يوم الأربعاء حدوث سحب كبير من مخزونات النفط في الأسبوع السابق بلغ نحو 5 مليون برميل، فساعد ذلك في وقت لاحق على تماسك أسعار النفط وعودتها للارتفاع.
أما التطور الرابع فهو ما أظهرته البيانات الاقتصادية الأمريكية يوم الخميس من ارتفاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الثاني بنسبة 3,7%، أي بأكثر مما ذهبت إليه التوقعات.
ولو كانت هذه البيانات قد صدرت قبل يوم الخميس، لأكدت الظنون بشأن اتجاه بنك الاحتياط الفيدرالي لرفع معدل الفائدة على الدولار، ولربما ساهم ذلك في إحداث المزيد من الضغوط على أسعار الأسهم.
إلا أن تصريحات السيد دادلي المشار إليها أعلاه قد سبقت صدور هذه الأرقام-ويبدو أنه كان على علم مسبق بها- فعملت على تدارك الأمر ونزعت فتيل الأزمة قبل وقوعها.
وهكذا فإن بيانات النمو الاقتصادي القوية في الولايات المتحدة، وارتفاع مستوى السحب من مخزونات النفط، مع عدم وجود مخاوف من رفع معدلات الفائدة على الدولار، قد أعطى الأسهم الأمريكية رفعة قوية يوم الخميس بحيث استرد مؤشر داو جونز والمؤشرات الأخرى كل ما خسروه في الأيام السابقة، وتجاوزوها..
وبالمحصلة فإن تداولات الأسبوع قد أسفرت عن تقلص الخسائر إلى 50 نقطة فقط في بورصة قطر، وإلى تقلص خسارة السوق السعودي إلى نحو 409 نقطة (بنسبة 5,1%)، وتحول مؤشر داو جونز في نيويورك إلى الأخضر بمقدار 183 نقطة.
فكيف ستكون اتجاهات الأسواق في الأسبوع الحالي؟ علماً بأنني أستند فيما سأقوله على بعض المؤشرات التي يمكن إبرازها على النحو التالي:
1-أنه رغم ارتفاع التداولات في بورصة قطر في الأسبوع الماضي إلى نحو 2,3 مليار ريال، إلا أن المشتريات الصافية كانت محدودة بقيمة 36,6 مليون ريال فقط، منها 9,9 مليون ريال للأفراد القطريين و 26,7 مليون ريال للمحافظ القطرية، وباع غير القطريين صافي بنفس القيمة.
وذلك يشير إلى أن من باعوا بداية الأسبوع قد عادوا للشراء لتجنب الخسارة، دون أن يكون هناك زيادة ملموسة في عدد المتداولين.
2-أن التذبدبات الحادة في بورصة نيويورك قد انتهت يوم الخميس، وسجل مؤشر داو جونز يوم الجمعة انخفاضا محدودا بأقل من 12 نقطة، مما يعني أن الأسواق قد عادت تبحث عن معطيات جديدة تدفع الأسعار بأحد الإتجاهين.
3-أن الارتفاع المفاجئ في السحب من مخزون النفط الأمريكي في الأسبوع الماضي قد لا يتكرر هذا الأسبوع، بإعتبار أن هذه الزيادة قد نتجت-على ما يبدو في جزء منها- من رغبة المستهلكين في تقليل المشتريات تحسباً لانخفاض الأسعار وتفضيلهم بالتالي السحب من المخزون.
وعليه فإن الأسواق قد عادت قريباً من نقطة التعادل بين الانخفاض والارتفاع، وسيفضل المستثمرون –غالباً-انتظار بيانات أو قرارات أو تصريحات جديدة تعزز الارتفاع أو الانخفاض.
ويظل في بعض ما كتبت رأي شخصي قد يحتمل الخطأ، والله جل جلاله أعلم
شكرا لك تلخيص موجز ووافي