لماذا الإصرار على مشاركة صغار المساهمين؟

02/07/2015 10
د. مشعل فرج

بدأت هيئة سوق المال مؤخراً بزيادة النسبة المخصصة للاستثمار المؤسسي بجميع فئاته في الاكتتابات الأولية، من جانب أخر وكما كان متوقعاً منذ فترة طويلة تم فتح سوق الأسهم السعودية لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية.

من الواضح من هاتين الخطوتين أن هناك توجه من الهيئة على أهمية تعزيز الاستثمار المؤسسي في السوق. أحد تباعات هذا التوجه هو تقليص الاستثمار الفردي المباشر في السوق، وهذا يثير تساؤل ولماذا الاستثمار الفردي؟

لوقت طويل شكل الاستثمار الفردي الطابع الذي يغلب على سوق الأسهم السعودية. وعلى الرغم من وجود مستثمرين أفراداً بحجم مؤسسات إلا أن تحركاتهم بالسوق تظل فردية.

من صفات الاستثمار الفردي أنه غالباً ما يكون قصير المدى بمعنى أنه يهدف إلى تحقيق الربح السريع، لذلك لا يكون لهذا النوع من الاستثمار تأثير ملحوظ في إدارة أمور الشركات.

إذ أن أغلبهم لا يمارس حقوقه المتصلة بالسهم فهو لا يحضر في جمعيات المساهمين (إن كان يمتلك عشرين سهماً) وإن حضر لا يكون له تأثير نظراً لصغر حصته وهذا يؤثر على قوته التصويتية. 

نظام الشركات منح مجلس الإدارة أوسع الصلاحيات لمجلس الإدارة لإدارة أمور الشركة وذلك دون الرجوع للمساهمين في أمور كثيرة.

رغم ذلك أعطى النظام صلاحيات محدودة للمساهمين بالمشاركة إدارة الشركة عن طريق الجمعيات العمومية ولكن لا تمكن هذه الصلاحيات من إدارة الشركة بشكل يومي.

وهذا نتاج طبيعي لمنطق انفصال الملكية عن الإدارة، إذا تظل الملكية في يد المساهمين والإدارة مع مجلس الإدارة.

ولم تخرج لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن هيئة سوق المال عن توجه نظام الشركات بهذا الخصوص، إذا أنها أكدت على منح أوسع الصلاحيات لمجس الإدارة.

وعليه يمكن القول بأن طريقة تصميم نظام الشركات وكذلك لائحة حوكمة الشركات حدت من مشاركة المساهمين في إدارة أمور الشركة.

يتضح لنا أن تدخل المساهمين في أمور الشركة هو في أصله محدود وليس هناك فرق بين المساهم الفرد والمساهم المؤسسي في هذا السياق.

بل على العكس محدودية هذا الدور تزداد عندما يكون المساهم فرداً، إذ أن أهداف المساهمين الأفراد عادة تكون مختلفة وتتسم بعدم الوضوح وهذا يضعف دورهم الذي هو ضعيف في الأصل.

صحيح أن المؤسسات الاستثمارية تتشابه مع المستثمر الفرد في محدودية الصلاحيات الممنوحة لهم للتدخل في إدارة شؤون الشركة ولكن كبر حجم مساهمتها وقوتها التصويتية يمكنها من القيام بدور أكثر فعالية من المساهمين الأفراد، يساعدها في ذلك الخبرات العالية التي تمتلكها.

هناك لوم كبير من المساهمين الأفراد على مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، هذا اللوم قائم على فرضية عدم مراعات مصلحة المساهمين.

في الواقع التطبيقي، وإن حرص مجلس الإدارة على أخذ توجهات المساهمين الأفراد بالاعتبار عند اتخاذ القرارات سوف يواجه صعوبة في رسم وتحديد أهداف هؤلاء المساهمين نظراً لكثرتهم وصعوبة إجماعهم على هدف واحد.

المعضلة تتجلى في تعارض مصلحة بعض المساهمين الأفراد في تحقيق الربح السريع عن طريق بيع السهم حال ارتفاعه وبين هدف مجلس الإدارة في الحفاظ على الشركة ككيان تجاري يهدف إلى تحقيق الربح وهو هدف طويل المدى بطبيعته.

تاريخياً، لم يكن لصغار المساهمين (المساهمين الأفراد) دور فعال في تحسين حوكمة الشركات في السوق السعودي، لذلك لماذا الإصرار على تفعيل دور هو سلبي في أصله بسبب النظام وبسبب الافتقاد إلى المحفز الاقتصادي؟