مرة أخرى أعود للحديث عن أسعار النفط، وتحديداً سعر نفط الأوبك بالنظر إلى أهمية ذلك على المعطيات الاقتصادية القطرية وفي مقدمتها الإيرادات الحكومية، ومستويات الإنفاق، وميزان السلع والحساب الجاري للدولة فضلاً عن تأثيرها غير المباشر على تحركات أسعار الأسهم في بورصة قطر.
وقد لوحظ أن سعر نفط الأوبك قد تحسن في شهر مايو الماضي بوصوله إلى 62,16 دولار للبرميل مقارنة بـ 57,3 دولار في متوسط شهر أبريل، ثم هو قد استقر حول مستوى 60,45 دولار للبرميل في شهر يونيو الحالي.
وبالنتيجة فإن متوسط السعر في الربع الثاني من العام الحالي يكون في حدود 60 دولار للبرميل، وهو ما يزيد بأكثر من 15 دولار عن أدنى مستوى وصله هذا العام عندما انخفض إلى مستوى 44,38 دولار في شهر يناير الماضي. وهذا التحسن والاستقرار في سعر برميل النفط له أسبابه التي يمكن أن نوجزها في التالي:
1-أن هناك تحسناً فس الطلب العالمي على النفط نتيجة حدوث تحسن في معدلات النمو الاقتصادي في أوروبا واليابان والهند،، ووفقاً لتقديرات نشرة أوبك الشهرية التي صدرت من أسبوعين، فإن الطلب العالمي على النفط مقدر له أن ينمو في عام 2015 بنحو 1,2 مليون برميل يوميا مقارنة بما كان عليه في متوسط 2014.
ويقلل من شأن هذا النمو أن الإمدادات المتاحة من خارج الأوبك ومن سوائل الغاز من دول الأوبك ستكون قد نمت بنحو 0,9 مليون برميل يومياً، وذلك يعني أن الطلب على نفط الأوبك يزداد بنحو 300 ألف ب/ي.
2-أن انخفاض الأسعار في النصف الثاني من العام 2014 وحتى يناير من العام الحالي قد أثر سلباً على اقتصاديات مشاريع إنتاج النفط من الحقول الصخرية غير التقليدية، ورأينا لذلك أن عدد الأبار في هذه الصناعة قد شهد انخفاضاً سريعاً فبعد أن بلغ ذروته في نهاية العام 2014 بوصوله إلى مستوى 3689 بئراً، فإنه قد انخفض مع نهاية شهر مايو إلى 2181 بئراً، معظمها من آبار النفط. وذلك يعني أن إنتاج النفط الصخري لن يشهد زيادات سريعة كما حدث في السنوات من 2011-2014.
وقد تباطؤ النمو في معدل إنتاج الولايات المتحدة من النفط، فبعد أن تزايد بسرعة بأكثر من مليون ب/ي حتى عام 2014 حتى وصل إلى 12,9 مليون ب/ي، فإنه قد ارتفع إلى 13,6 مليون ب/ي في عام 2015، بزيادة 700 ألف ب/ي فقط. ومع انخفاض عدد الأبار المشار إليه، فإن هناك احتمالات بأن تتوقف الزيادات السنوية من انتاج النفط الأمريكي أو أن ينخفض ثانية.
3-أن التحسن المضطرد الذي طرأ على سعر صرف الدولار-الذي يُقَوم به سعر برميل النفط، قد توقف عن الارتفاع مقابل اليورو، واستقر حول 1,11 دولار لكل يورو، وفوق 122 ين لكل دولار. وهذا الاستقرار في سعر صرف الدولار، يقلل من العوامل التي كانت تضغط باتجاه انخفاض سعر برميل النفط، في النصف الثاني من عام 2014، وحتى يناير من العام الحالي.
4-أن رفع الحظر عن الإنتاج الإيراني بعد قُرب الاتفاق السياسي بين الولايات المتحدة وطهران لم يتم كما كان متوقعاً، وقد يتأخر تأثيره باعتبار أن أي زيادة في إنتاج إيران من النفط تحتاج إلى استثمارات كبيرة لا يدعمها السعر المنخفض نسبياً للنفط مقارنة بما كان عليه الحال حتى منتصف العام الماصي.
وعلى ذلك نجد أنه في حين كان هناك حتى بداية العام فائضاً في الإمدادات العالمية من النفط يصل إلى نحو 900 ألف ب/ي، فإن هذا الفائض لم يزداد كما كان التوقعات ترجح في بداية العام، وإنما انخفض بنحو 300 ألف ب/ي. ومع بدء ارتفاع الطلب الموسمي اعتباراً من الربع الثالث الذي يبدأ في الأول من يوليو بعد أسبوع، فإن الاحتمالات الأرجح الآن أن تظل أسعار النفط مستقرة بدعم متواصل من تراجع عدد آبار النفط الصخري، وبزيادة الطلب على النفط موسمياً وبتأثير تحسن الأداء الاقتصادي.
وتؤدي أعمال التوتر في مناطق الإنتاج في الشرق الأوسط مثل ليبيا واليمن والعراق إلى تراجع الصادرات من هذه البلدان، وهو ما يساعد في استقرار أسعار النفط وإمكانية ارتفاعها.
وعلى ضوء جملة العوامل المشار إليها أعلاه يمكن القول إن سعر برميل نفط الأوبك سيتذبذب خلال شهر يوليو ما بين 59-65 دولار للبرميل، وقد تتغير هذه التوقعات إذا ما ظهرت معطيات جديدة، وقد نعود لهذا الموضوع في مقال الأحد القادم إذا ما استجد في الموضوع جديد.
وإذا ما استقرت أسعار النفط أو تحسنت، في الأسابيع القادمة، فإن ذلك سيكون له انعكاسات إيجابية على المجاميع الاقتصادية القطرية المشار إليها في بداية المقال، ومنها المؤشرات وإجمالي التداولات في بورصة قطر.
ويظل فيما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ،،، والله جل جلاله أعلم.