الأسهم الممتازة ليست إلا سندات دين ولا تختلف عنها جوهريا، إلا في أمر رئيسي واحد وهو: حق المطالبة بالوفاء بالدين، عند التعثر أو العجز عن السداد، بالاستحواذ على الشركة وتصفيتها. فملاك السندات لهم الحق في طلب الحجز على ممتلكات الشركة وتصفيتها، عند عجز الشركة عن الوفاء بمستحقات الدين.
وأما مُلاك الأسهم الممتازة فليس لهم الحق في ذلك، رغم أنهم في الواقع ديانة (أي مقرضين لا مُلاك).
- وتسمية الأداة التمويلية التي تحمل اليوم مُسمى الأسهم الممتازة بالأسهم، وتصنيفها ضمن الملكية، هو في الواقع تحريف لمعنى الملكية، وتشويش على الأفهام. وهو -في اعتقادي- أمر غريب ونادر عن لغة القانون الأمريكي بالذات في دقة اختياره للألفاظ ودلالاتها.
وقد وجدت البارحة بعد كتابة مقالي ما يؤكد استغرابي. فالأسهم الممتازة دخلت على أمريكا قبل قرنين من الزمان مع ولادة التشريعات للأدوات المالية قبل الحرب الأهلية الأمريكية ومع الحاجة لإصلاح ميريلاند في قصة طويلة ليس محلها هنا.
واستمر العمل بها منذ ذلك الوقت، والى اليوم يخلط المستثمرون هناك في فهم حقيقة الأسهم الممتازة بسبب تسميتها بغير اسمها.
أي مثل حالنا اليوم مع الصيرفة الإفلاسمية والصكوك. فنحن نعيد اليوم نفس ما أخطأت به الأمم قبل قرنين من الزمان، ولكن نحن نخطئ على مقياس أكبر وأشمل.
- وأعتقد أن انتزاع حق المقرض في تصفية الشركة والاستيلاء على ممتلكاتها عند التعثر في السداد، بقوة القانون، هو الذي دفع المشرع الأمريكي -آنذاك - لتسمية هذا الدين/القرض باسم لا يدل على الدين بل على الملكية.
فبدلا من أن يسميها سندات، أسماها أسهما ممتازة. (وهذا يعطينا كيف كان مفهوم الإقراض يشمل الاقراض التجاري في ذلك الوقت، وتغيره مع الزمن حتى أصبح التمويل غير الإقراض ).
- فمعنى السهم ينصرف للملكية ولذا فالأسهم الممتازة تُصنف في كشوفات الشركة ضمن رأس المال (أي ضمن حقوق المُلاك) رغم أنها ديون، إلا أنه ليس لأصحابها حق الاستحواذ على الشركة عند تعثرها عن السداد.
- وأعتقد أن الحجة التي انطلق منها المُشرع لتسمية هذا النوع من الأدوات المالية بالأسهم وتصنيفها ضمن الملكية لا ضمن الديون، هو أن مالك التجارة لا يحتاج لأمر قضائي لمطالبة نفسه بالحجز على أملاكه وتصفيتها.
- فمفهوم الملكية وإن تلاقى مع الأسهم الممتازة في خاصية عدم وجود الحق في طلب الحجز على ممتلكات الشركة وتصفيتها عند تعثرها في السداد، إلا أنها صفة غالبة من صفات المِلكية، لا جوهر المِلكية.
كما أنها صفة قد تزول في حالات كثيرة، كاختلاف الشركاء. وقد يكون هناك أسباب أخرى مُحاسبية دفعت المشرعين -آنذاك- لهذا إلا أنه مهما قد يطرح من أسباب، فتسمية الأشياء بغير اسمها أمر لا يقدم عليه حصيف ولا صاحب نظر بعيد، وتظل عورة في التشريع.
- فالمساهمة التجارية التعاوضية ( أي غير التبرع والإهداء ونحوه)، لا تخرج عن ثلاثة أنواع، مالك، وممول ومدير. والحد الفارق بين المُلك وبين غيره هو المشاركة في مُلك الأصل ،لا المشاركة في ما ينتج عن الأصل من أرباح وخسائر، فهذا يدخل فيه الممول والمدير.
وهذا المفهوم للملكية، قد تعارفت عليه الإنسانية بالفطرة. فمثلا لو افترضنا ان صاحب شركة او مالك مزرعة سلم ملكه لمن يديره ويموله مقابل جميع الناتج، الذي ينتج عن الشركة او المزرعة - سواء ربحه أو خسارته- فلا يُعد المدير والممول مالكا للشركة أو المزرعة.
بل المالك هو مالك الأصل، له نمو الأصل وعليه نقصان الأصل. وحتى ولو كان المالك لا يقدر التصرف في ملكه ببيع وشراء نظراً لارتباطه بعقد إيجارة مثلا، إلا أنه لا يزال هو المالك للأصل. فنمو قيمة الأصل أو نقصانه يرجع للمالك ولو بعد حين. وهذا هو جوهر الملكية التي تعارفت عليه الإنسانية. وحملة الأسهم الممتازة ليس لهم أي حق في أصل الشركة، لكن في أرباحها، على حسب نوع الأسهم الممتازة المُصدرة.
- والأسهم الممتازة أنواع كثيرة مطابقة لأنواع السندات. فكما أن السندات أنواع كثيرة فمنها السندات المعروفة التي تحمل وقتا محددا لسداد أصل الدين مع فائدة معلومة، أو سندات القابل للتحويل لأسهم عامة أو حق شراء أسهم عامة بسعر محدد مسبقا، أو سندات ليس لها وقت محدد لسداد الأصل أو سندات قابلة للاستدعاء أو سندات لها حق مشاركة في الأرباح بنسبة معينة، فكذلك هي الأسهم الممتازة، أنواعها كأنواع السندات بالضبط. (وكذلك حق الإدارة، ليس لهم غالباً).
- ولذا فالسعر السوقي للأسهم الممتازة لا يتذبذب كثيراً كالأسعار السوقية للأسهم العامة. فالأسعار السوقية للأسهم الممتازة تتبع سوق الديون وتتأثر بالعوامل التي تؤثر على سداد الشركة كالعوامل التي تتأثر بها السندات.
- ويبقى سؤال واحد. وهو: لماذا تصدر الشركات أسهما ممتازة؟ ولماذا يقبل البعض على شراء هذه لأسهم؟.
فأما الشركات فتصدر الأسهم الممتازة في حالة خوفها من تدفق الكاش المستقبلي، مع حاجتها الآنية للتمويل.
فهي تصدر الأسهم الممتازة التي عادة ما تكون مدتها خمس سنوات، فتحصل بذلك على التمويل وتضمن عدم تعرضها للإفلاس في حالة تعثرها في سداد هذا التمويل.
فلو قامت الشركة وتضاعفت قيمتها ألف مرة (أي تضاعفت قيمة الأصل) فإن حملة الأسهم الممتازة والسندات «والصكوك» لا يستفيدون شيئاً ولا ترتفع قيمة أسهمهم.
- وأما الذي يدفع البعض لشراء الأسهم الممتازة فهو إما لعدم إدراكه لمعانيها (وهذا يحدث حتى في أمريكا ومن مختصين أحياناً) وإما مدفوعا بارتفاع الفائدة عليها عن مستوى الفوائد العام، وهم لا يسمون أرباحها فوائد، بل توزيعات أرباح. كما نحن نسمي الفائدة إيجارة.
- والزبدة أنه إذا سُميت الأشياء بغير مسمياتها صَعُب فهمها حتى على المختصين، ولا تُسمى الأشياء بغير مسمياتها، إلا لإخفاء حقيقتها من أجل الالتفاف على مانع ديني أو قانوني أو اجتماعي.
نقلا عن الجزيرة
كلام سليم، ولكن نقطة هامة في الموضوع وهي أن الأسهم الممتازة تعني ملكية حقيقية للشركة وليست مثل الدين.. على سبيل المثال، في حال إفلاس الشركة يحصل ملاك الأسهم الممتازة على حصتهم مما يتبقى من الشركة قبل حملة الأسهم العادية، ولكن بالطبع بعد الديانة. كذلك الأرباح الموزعة ليست ثابتة مثل الدين، وتصرف لهم الأرباح قبل حملة الأسهم العادية. لذا فالإسم ليس بالضرورة خاطئ
اعتقد بانها أداة وسطى بين الملكية و الدين .وذلك بدليل انه هناك خيار بتحويل لسهم عادية أو السداد.
لا اعلم أن الأسهم الممتاز سبق وإن أصدرت في السعودية
نحتاج لمزيد من هذه المقالات المبسطة السلسة ؛ شكرا للكاتب