إكمالا لموضوعنا السابق حول الجمعيات العمومية للشركات المساهمة العامة، وما يلاحظ فيها ، نستكمل استعراض تلك الملاحظات بما يلي:
· يجري النقاش في بعض الجمعيات في إطار بعيد عن الهدوء وآداب الكلام وسماع الرأي الآخر، بل يصل الأمر في بعضها إلى التلفظ بعبارات تتضمن قدحا وسبا في بعض الأحيان.
· يرفض بعض رؤوساء مجالس الإدارات الإجابة على أسئلة بعض المساهمين المستثمرين أو مناقشتهم في بعض المواضيع بحكم معرفتهم السابقة لهم بأنهم ذوو ملاحظات قد لا تروق لأعضاء مجالس الإدارات، ويكون هذا الرفض إما بالتجاهل وعدم النظر إلى المساهم السائل، أو التوجه إلى سائل آخر، وفي أحسن الأحوال رد جواب دبلوماسي أو مختصر جدا لا يتناسب مع سؤال مالي دقيق أو نحوه.
· يستعطف بعض رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة المساهمين بعبارات منمقة فيما يخص مكآفآتهم السنوية، فمرة يذكرون نسبة المكافأة دون قيمتها، ومرة يذكرون قيمة مكآفأة العضو الواحد حتى لا يستكثر المساهمون قيمتها الإجمالية لجميع الأعضاء، ومرة يمنّون بأفعالهم الخيرية بتصرفهم بمكآفآتهم السنوية السابقة بأوجه الخير والتبرعات مما يتطلب طبعا موافقة المساهمين على المكافآت الحالية وكأن الأمر أصبح كتعويضات، وفي عدة أحيان لا يذكر رئيس مجلس الإدارة في عدة شركات بند مكافآته والأعضاء رغم أنه بند أساسي في الجمعيات العمومية.
· تم التجديد لعقود بعض مدققي الحسابات رغم ارتفاع تكلفة تلك العقود مقارنة بشركات تدقيق أخرى، بل إن اللافت أن شركة تدقيق الحسابات قد تكون متعاقدة منذ فترة طويلة مع الشركة المساهمة تزيد عن أربع سنوات، مما أوجد نوعا من العلاقة ما بين موظفي الشركة ومسؤوليها مع شركة التدقيق وهو أمر غير محبذ ولا يتناسب والشفافية المطلوبة،ومع ذلك يجدد لها، ولمحنا بعض شركات التدقيق قد جدد لها للسنة العاشرة على التوالي في شركة ما !!.
· يحصل في بعض الجمعيات بذخ وإسراف في التحضير لها، خصوصا في جانب توفير الأطعمة والأشربة الباردة والساخنة، وتجهيزات صالة الجمعية وكأن الأمر سيكون احتفالا كبيرا أو عرضا مسرحيا يحتاج لأضواء ولافتات ومكبرات وخلفيات، ويتخطى الأمر المستوى المقبول حين تكون الأطعمة والأشربة المقدمة في الجمعية تفوق حاجة ضعف عدد الحاضرين والأدهى عندما تقوم العديد من الفنادق برمي هذه الأطعمة والأشربة في القمامة بعد انتهاء الجمعيات نظرا لعدم صلاحية تقديمها مرة أخرى بعد أن حصلت على ثمنها نقدا وبتكلفة موائد الخمسة نجوم، وسجلت تلك التكاليف طبعا كمصاريف في الشركة !!.
· بعد انتهاء الجمعية يرفض بعض رؤساء أو أعضاء مجالس الإدارات لقاء الصحفيين وهذا من حقهم، لكن اللافت في الموضوع الانتقائية التي يقوم بها بعض رؤساء وتنفيذيي الشركات تجاه وسائل الإعلام، باختيار وسيلة مرئية مثلا دون الصحيفة المكتوبة، أو باختيار إعلامي معروف سابقا يكتب ما يسمع فقط دون آخر قد يطرح أسئلة قد تتسبب بالصداع، كما أن مسؤولي الإعلام والعلاقات العامة في بعض الشركات (وليس جميعها) يتخذون من المحاباة والتدخل في أسئلة الصحافة وأجوبتها سياسة لهم، ويتمثل ذلك في اختيارهم للصحفي المسموح له بالحضور أو بإجراء مقابلة بناء على جنسه أو جنسيته أو الوسيلة الإعلامية التي يمثلها ومدى انتشارها أو نوعيتها ومدى العلاقة السابقة معه، بل إن بعضهم وعند إجرائنا لبعض المقابلات تدخل بالإجابة على بعض الأسئلة دون المسؤول في الشركة والذي هز رأسه مبتسما !!!.
· هناك بعض القوانين في الخاصة بالجمعيات العمومية بحاجة إلى تحديث أو مواكبة لتقنيات حديثة، فحضور المساهم شخصيا أو قيامه بتوكيل قانوني مقبول لأحد الأشخاص هو المعتمد في الجمعيات، مع أنه بالإمكان إيجاد آليات وبدائل لحضور المساهم من خلال بعض تقنيات الاتصالات الحديثة أو إرسال تصويت مسبق ممهور بتوقيع معتمد على بنود الجمعية المنشورة سابقا، تلافيا لعدم اكتمال النصاب واستقصاء لرأي أكبر عدد من المساهمين ببنود الجمعية، خصوصا أنه وفي المقابل تم اعتماد قانونية عقد اجتماع بعض مجالس الإدارات هاتفيا وعبر دوائر تلفزيونية، فلماذا لا يطبق الأمر على الجمعيات العمومية.
· يتطلب إقرار بعض البنود غير الروتينية عقد جمعيات عمومية غير عادية، كإقرار ضوابط الحوكمة، وبما أنه وبالكاد يكتمل النصاب لعقد جمعية عمومية عادية فإن اكتمال النصاب لعقد الغير عادية يصبح شبه مستحيل مما يتطلب دعوة هذه الجمعية لمرة ومرتين وثلاثة في كثير من الأحيان لعقدها، وهو ما يكلف الشركة والمساهمين مالا ووقتا ضائعا في سبيل إقرار بنود من المحسوم إقرارها كبنود تعديل النظام بما يتوافق مع الحوكمة، وهو ما يثير تساؤلا من جدوى هذا الروتين المكلف دون إيجاد مخرج قانوني له.
ولم يخل الأمر من جمعيات عمومية اتصفت بالجدية وكانت ذات ثمار، كما أن النقاش فيها كان بناءً وضمن قواعد النقاش المقبول والهادف، كما تم في بعض الجمعيات وبعد نقاش مثمر وغير حاد أيضا تغيير بعض القرارات الهامة واتخاذ قرارات بخلاف توصيات مسبقة، كإقرار توزيع أرباح بعد أن أوصى بعض مجالس الإدارات بعدم التوزيع، أو تعديل التوزيعات ونسبتها، أو غير ذلك من النقاط، فمثلا وبعد أن طالب مساهموا شركة رأس الخيمة العقارية بتوزيعات أرباح نقدية سنوية وافقت الجمعية العمومية على طلبهم فوزعت 7.5 % نقدا رغم توصية مجلس إدارتها بعدم توزيع أرباح، كما عدّلت الجمعية العمومية لشركة دبي للاستثمار توصية مجلس الإدارة بعد أن كانت مقتصرة على توزيع أسهم منحة بنسبة 10% لتصبح 10% نقدا بالإضافة إلى 10% أسهم منحة.