.. ولأن المنطق مغلوط من الأساس، فإن تكرار الأخطاء نفسها بالسيناريو ذاته وارد.
والحديث هنا عن سهم أملاك الذي تضاعف سعره منذ إعادة التداول عليه قبل أسبوع، صاعداً بالحد الأقصى المسموح به على مدار خمس جلسات متتالية، من دون أن تحرك هيئة الأوراق المالية والسلع أو إدارة سوق دبي المالي ساكناً، وتركتا المتعاملين يضربون أخماساً في أسداس، محاولين التنبؤ بالتحركات المستقبلية للسهم المعجزة، ومن قبلهم عتاة المحللين الماليين الذين وقفوا معقودي اللسان ومكتوفي الفهم تجاه هذه القفزات غير المبررة.
والسؤال: ماذا لو عكسنا الوضع، وراح سهم أملاك يتراجع بالحد الأقصى طوال الفترة نفسها، فاقداً نصف قيمته، مثلاً، هل كانت الجهات الرقابية ستصمت؟ ألم تكن أجهزة مراقبة التعاملات التي يستعين بها الرقباء ـ وهي الأحدث في العالم ـ ستكشف مَن وراء هذه الضغوط على السهم؟ ألم تكن الشركة ستبادر بإعلان أنه لا يوجد ما يبرر هذه الانخفاضات الحادة، ولا مانع حينها من التأكيد على متانة الموقف المالي للشركة، وغيرها من الجمل المطاطة المستخدمة في مثل هذه الظروف؟ ألم تكن الجهات الرقابية ستخاطب الشركة، إذا لم تبادر بالإفصاح، متسائلة عما إذا كانت هناك أخبار سلبية تبرر التراجعات؟
ولأن المنطق مغلوط صمتت الجهات الرقابية على ارتفاعات أملاك، ولم تبادر الشركة بالإفصاح، بزعم أن الكل رابح، ولا يوجد متضررون، وهو السيناريو نفسه الذي تكرر أكثر من مرة مع أكثر من سهم، ودفعت الأسواق ثمن ذلك غالياً في وقت لاحق، والأمثلة كثيرة.
ومن بين الأدلة على كون المنطق مغلوطاً، الاختلاف بين الحد الأقصى المسموح به للصعود (15 في المئة)، والحد الأقصى للهبوط (10 في المئة)، كما لو كانت إدارات الأسواق حصرت دورها في تشجيع الأسهم على التحرك في اتجاه واحد: الصعود فقط.
ولأن المنطق مغلوط، تبرز إدارات الأسواق النسبة السنوية لارتفاع المؤشر العام كواحدة من إنجازاتها، في حين تشير باستحياء في تقاريرها السنوية إلى هذه النسبة إذا كانت باللون الأحمر.
ومن نافلة القول التأكيد على أن دور الجهات الرقابية ليس دفع الأسواق إلى الصعود، ولكن دورها ببساطة واختصار ضمان نزاهة وعدالة التعاملات، وإلزام الشركات المدرجة بأقصى درجات الإفصاح والشفافية، حتى تكون قواعد اللعبة عادلة للجميع.
أما استمرار الوضع على ما هو عليه، فيعني بقاء الأسواق على هشاشتها، وحينها يصح القول: ولا أملاك لمن تنادي.