هل انتبهت الجهات الرقابية إلى الدور السلبي الذي لعبته خفافيش الأسهم في الأزمة الأخيرة؟
هؤلاء الخفافيش الذين يفرضون وصاية ذات تأثير بليغ على قرارات المتعاملين الأفراد عبر توجيه مزاجهم الاستثماري صوب البيع أو الشراء، بالترهيب تارة وبالتخويف تارة أخرى، وباستخدام أحدث ما توصل إليه العلم من تكنولوجيا.
وتستوطن هذه الخفافيش وسائل التواصل الاجتماعي ومنتديات الإنترنت وبرامج التراسل الفوري مثل «واتسآب» و«بي بي ماسنجر» وغيرها.
وتنشط ليلاً لتملأ عقول المستثمرين بما تريد منهم تنفيذه في صباح اليوم التالي من صفقات بيع أو شراء، مدّعية علمها بخفايا وأسرار الأداء المالي للشركات، وأرباحها المتوقعة، وتوزيعاتها النقدية والعينية المنتظرة.
وزيادة في الإيقاع بضحاياها تدعم هذه الخفافيش توصياتها المغرضة برسوم بيانية و«شارتات» لا يكتشف زيفها وفبركتها إلا خبير فاحص ملم بخبايا السوق.
وللأسف، يقع في شرك هذه الخفافيش جموع غفيرة من صغار المستثمرين الباحثين عن بوصلة توجههم في ظل تراخي أغلب البنوك وشركات الوساطة والاستشارات المالية عن إفادتهم بخدماتها، وقصرها على مستثمرين كبار يديرون محافظ ذات حدٍّ أدنى لا يقل عن سبعة أرقام.
ولا يمكن إعفاء ضحايا هذه الخفافيش من المسؤولية، فكيف يستمد المرء قرارات مصيرية تخص مدخراته و «تحويشة عمره» من حسابات مجهولة على تويتر، أو من «غروب» على «واتسآب» أو منتدى مجهول على الإنترنت؟
ألا يصح أن يتوقف ليسأل نفسه: ما مصلحة من يديرون هذه الحسابات والمنتديات في إصدار توصيات بيع أو شراء الأسهم، الفوركس والسلع مدعومة برسوم بيانية تحتاج جهداً ووقتاً؟ هل يفعلون ذلك بلا مقابل، وبلا هدف؟
بالطبع لا، فهؤلاء الخفافيش هم في الغالب مضاربون وهوامير كبار يديرون محافظ استثمارية ضخمة، ويسعون من وراء هذه التوصيات المغرضة إلى توجيه الرأي العام في السوق إلى ما يخدم مصالحهم، ولذا، ينصحون بالبيع عندما يرغبون في الشراء، ويوصون بالشراء إذا رغبوا في التخلص مما في حوزتهم من أسهم، عملات أوسلع، بعد أن يكونوا حققوا ما أرادوا من مكاسب.
وإذا صح إلقاء اللوم على المتعاملين الذين يتتبعون توصيات الخفافيش وينفذونها حرفياً، فلا يجب أبداً إعفاء الجهات الرقابية من المسؤولية، فهؤلاء يمارسون نشاط تقديم الاستشارات المالية من دون ترخيص.
والقانون صارم لمن يريد تطبيقه.
نقلا عن الرؤية الإماراتية