شهد مساء الجمعة الماضي زحاماً شديداً في المجمعات التجارية والشوارع المحيطة بها فهل خرج الناس عن بكرة أبيهم للتسوق قبل حلول شهر رمضان المبارك، أو للتجهيز للرحلات الصيفية والسفر، أم للاستمتاع بالأجواء الباردة في المجمعات بعد أن اشتد حر الصيف مبكراً؟ أم لأن الأمس كان الجمعة الأولى في شهر يونيو؟
في كل الأحوال كان الزحام غير عادي بالنسبة لي، ولم يكن في الغالب نتيجة لاختناقات مرورية في الشوارع بعد أن اكتملت التوسعات في معظمها وأصبحت شوارع فسيحة.
وبالأرقام ارتفع عدد السكان في قطر إلى ذروة جديدة بوصوله مع نهاية مايو إلى مستوى 2,375 مليون نسمة بزيادة 33 ألف نسمة عن نهاية أبريل، ولكن الزيادة السنوية عن مايو 2014 قد بلغت 201 ألف نسمة وبنسبة 9,25%.
وبذلك يكون مسلسل انخفاض الزيادات السنوية الذي لاحظناه في مقال سابق قبل شهر قد توقف، بعد ان هبط في إبريل إلى 8,7%.
المهم أن عدد السكان الذين لديهم إقامة سواء من القطريين أو من العاملين قد بلغ أعلى مستوى له وهو 2,375 مليون نسمة.
ولكن هل هذا هو كل عدد المتواجدين في قطر في هذه الفترة من السنة؟ بالتأكيد لا، فهناك عدد الزوار الذين يبدو أنهم قد تجاوزوا مئات الآلاف ليتجاوز العدد الكلي 2,5 مليون نسمة.
وهذه الطفرة في عدد الزوار قد تكون منطقية أيضاً لأكثر من سبب أولها ما باتت تتمتع به قطر من معالم سياحية متميزة مع وفرة غير مسبوقة في عدد الفنادق والمجمعات التجارية الضخمة.
والسبب الثاني أن عدد القادمين لزيارة أقاربهم قد سجل طفرة كبيرة على ما يبدو نتيجة لأكثر من عامل أولها زيادة عدد المقيمين، فكلما زاد هذا العدد كلما زاد عدد طلبات الزيارة لذويهم، والثاني أن الظروف السياسية المحيطة في دول الشرق الأوسط هي ظروف طاردة للسكان في بلدانها، ولذلك يزداد عدد الراغبين في زيارة قطر والبقاء فيها أطول مدة ممكنه رغم دخول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة.
ولكن هل ستتغير الصورة في الأول من شهر يوليو القادم؟ من المتعارف عليه أن العدد الكلي للسكان من ذوي الإقامات قطريون وغير قطريين، يميل في فصل الصيف إلى الانخفاض نتيجة بدء موسم الإجازات الصيفية والعطل المدرسية، وسفر الكثيرين إلى الخارج... ولكن تبدو الظروف مختلفة هذه السنة، ومن غير المتوقع أن يهبط العدد بشدة، وأن يبقى فوق 2,3 مليون نسمة لأسباب إضافية تتمثل في دخول شهر رمضان مبكراً يوم 18 أو 19 يونيو، مما سيؤجل قيام الكثيرين بالإجازات إلى ما بعد العيد، لصعوبة الجمع بين الصيام والإصطياف في وقت واحد، ولأن ساعات النهار في أوروبا تصل إلى ذروتها مما يصعب معها الصيام لنحو 20 ساعة يومياً.
ومن جهة أخرى فإن ظروف انقطاع الكهرباء في بعض دول المنطقة وعدم استقرار الأمور السياسية، كل ذلك سيؤخر قيام الكثيرين بإجازاتهم السنوية المعتادة أو تفضيلهم قضاء شهر رمضان المبارك في ربوع قطر، وهو ما سيبقى عدد السكان مرتفعاً نسبياً خلال شهري يونيو ويوليو.
ولأن الزيادة في السكان تنتج أيضاً عن النمو الاقتصادي الذي يتطلب المزيد من القوى العاملة الأجنبية، لذا فإن عام 2016 القادم –الذي يمثل السنة الأخيرة في خطة التنمية الإستراتيجية 2011/2016- سوف يشهد على ما يبدو وصول عدد المقيمين( قطريين وغير قطريين) إلى نحو 2,5 مليون نسمة، وأن يقترب العدد الكلي للمقيمن والزوار من مستوى 3 مليون نسمة،،، فهل استعدت البلد لذلك؟ هذا ما نرجوه على كل الأصعدة من شوارع، ومجمعات، ومرافق كهرباء وماء وهاتف، وعيادات طبية، ومدارس.
