لو عرضتَ هذا المقال على خبير في أرامكو لابتسم وقال لك الجملة الشهيرة: "من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب"..
غير أنني كتبت هذا المقال بعد اطلاعي على تصريح رئيس أبحاث الأوبك عمر عبدالحميد (لمجلة سيمنز الألمانية في الاسبوع الماضي) والذي أكد فيه أن انتهاء النفط ليس وشيكا وسيستمر في التدفق لفترة طويلة.. فالعالم استهلك في عام 2014 أكثر من 91 مليون برميل يوميا، وسيستمر الطلب عليه حتى يصل الى 111 مليون برميل يوميا في عام 2040 (وهذا يعني أن العالم سيستهلك في المتوسط 100 مليون برميل يوميا طوال الخمسة والعشرين عاما القادمة)..
وإذا أضفنا لهذه الأرقام استهلاك العالم من النفط في المئتي عام الماضية..
وإذا علمنا أن مخزونات النفط لم تتراجع منذ ذلك الحين (بل ارتفعت بفضل اكتشاف حقول جديدة) يحق لنا طرح السؤال الكبير:
- من أين إذاً تأتي كل هذه الكميات المهولة من النفط الخام؟
خبير النفط سيقول بلا تردد: من بقايا المخلوقات العضوية القديمة..
أما المشككون مثلي فيقولون: كم قطيعاً من الديناصورات نحتاج لتكوين حقل نفطي هائل؟
فالتفسير المعتمد حاليا هو ان النفط تكون من البقايا العضوية للكائنات الحية. فحين تموت الحيوانات تهبط بقاياها الى أعماق البحر (أو المستنقعات الضحلة) فتغطيها طبقات جيولوجية أخرى.
وكلما ترسبت اكثر زاد فوقها الضغط وتعرضت لحرارة اكبر. وبعد ملايين السنين تتحول البقايا العضوية الى مادة شمعية تتحول بفعل الحرارة والضغط الى غاز ونفط!!
.. أما كيف عرف العلماء ان النفط يعود في أصوله الى بقايا عضوية؟ فهذا بسبب احتوائه على سلاسل كربونية لاتوجد في غير الكائنات الحية (وأعترف مقدما أنه دليل يصعب نقضه)!
ولكن؛ في المقابل هناك ثغرات عديدة في هذه الفرضية لايمكن تجاهلها.. فعلى سبيل المثال:
- معظم الحقول النفطية تفتقر الى أحافير تثبت ظهور الحياة فيها في الأزمنة القديمة..
- حقول النفط في كل منطقة تتميز عن غيرها في المناطق الأخرى (بحيث يمكن تمييز نفط السعودية عن فنزويلا، ونفط الصين عن بحر الشمال)..
- وما الذي يجعل الحياة القديمة تتركز في بؤر نفطية معينة وقليلة دون غيرها (بحيث توجد في الربع الخالي وصحراء ليبيا ولا توجد في أفريقيا أو الأمازون مثلا)!
- وهناك بالفعل نوع من النفط النادر (يستخرج غالبا من أعماق بعيدة جدا) لا يضم أي اثر كربوني عضوي ما يثير التساؤل عن أصله الحقيقي..
- أضف لذلك تتشكل مكامن النفط غالبا على شكل خطوط او اقواس أو تعرجات ما يدعونا للتساؤل: هل تترسب الحيوانات عمدا بهذا الشكل الغريب!؟
- أما خامسا فهو ان الخامات النفطية اكتشفت فى النيازك وكواكب المجموعة الشمسية (حيث لم تظهر الحياة أصلا) ناهيك عن إمكانية استخراجه هذه الأيام من صخور شبه صماء (النفط الصخري)!
.. والحقيقة هي أنه قبل اعتماد الفرضية الحديثة (القائلة بالأصل العضوي للنفط) كانت هناك فرضية قديمة تقول ان النفط الخام هو من المكونات الأساسية للكوكب.. بمعنى ان النفط مثل الزئبق والنحاس والذهب مادة تشكلت مع تشكل الأرض ثم صعدت من أعماقها السحيقة بفضل هيئتها السائلة. ولكن هذه الفرضية تم تجاهلها لاحقا بعد اكتشاف المركبات الكربونية في النفط واقتناع معظم العلماء بأصله العضوي..
ورغم اعترافي مجددا بصعوبة دحض الدليل الكربوني في المكون النفطي، إلا أن هناك احتمالات كثيرة لسبب تواجده فيها.. فهناك مثلا احتمال تسرب الآثار العضوية للحقول النفطية.. وهناك احتمال تشكل سلاسل كربونية داخلها تشبه الموجودة في الكائنات الحية (ولكن بطريقة غير مفهومة الى الآن).. وهناك أيضا احتمال بوجود نوعين من النفط الأول عضوي فعلا والثاني تلوث عضويا خلال ملايين السنين من عمر الأرض (فتم تعميم الأصل العضوي على الجميع)!
... أنا شخصيا على قناعة بأن النفط لن ينضب قبل مناجم النحاس والفضة في العالم..
السؤال الذي يقلقني فعلا (ليس متى ينضب النفط؟) بل متى يستغني العالم عن النفط لصالح موارد أكثر فعالية وتلويثا للبيئة...
نقلا عن الرياض
تساؤلات منطقية للأسف أهل النفط (الخبراء) لا يهتمون بها!!! التفسير العلمي كما ذكر الكاتب، والتساؤل عن ضخامة كميات النفط وعدم استيعاب كيف يمكن أن ياتي من مواد عضوية تساؤل مهم... طبعاً الأخ الكاتب حصرها في الحيوانات، بينما المواد العضوية تشمل الحشرات والطيور والإنسان والنبات، وهذه أعدادها مهولة..كذلك وجودها في أماكن معينة تفسيره أن طبيعة الجاذبية وحركة السوائل في باطن الأرض تتبع مسارات معينة.