كثر في الآونة الأخيرة تسليط الضوء على موضوع إفصاح الشركات المساهمة خصوصاً بعد الأخطاء التي وقعت بها بعض الشركات المدرجة في بياناتها المالية. يعتبر الإفصاح أحد أهم المبادئ التي الزم بها نظام السوق المالية.
وتسري أحكام الإفصاح على ما يصدر من الشركة من نشرة إصدار وتقارير المالية وبيانات ومعلومات كاشفة عن حال الشركة المالي. تأثير البيانات والتقارير الصادرة عن شركة لا يتوقف على سعر سهمها بل يتعدى إلى قرارات المساهمين والمستثمرين لذلك يجب أن تكون واضحة ودقيقة.
أي تحايل أو إغفال في التحقق من صحة المعلومة قد يضلل المستثمر والمساهم. ولهذا السبب ألزمت المادة السادسة والخمسون من نظام السوق المالية أي شخص يصرح ببيان غير صحيح أو يغفل عن التصريح ببيانات جوهرية بتعويض المتضررين.
من جانب أخر، ألزمت نفس المادة المتضرر أن يثبت (1) أنه لم يكن يعلم بإغفال البيان أو عدم صحته، (2) وأنه لم يكن أن يشتري أو يبيع الورقة المالية لو أنه علم مسبقاً بإغفال المعلومات أو عدم صحتها (3) وكذلك عليه أن يثبت أن الشخص المصرح كان على دراية بأن هناك احتمالاً أن المعلومات المصرح بها قد تضمنت إغفالاً لحقيقة جوهرية أو قد علم بعدم صحتها.
كل متطلب من هذه الشروط يمثل تحدي للمساهم المتضرر. الإثبات بشكل عام يعتبر من الصعوبات التي تواجه المدعي وهذا يسري على قضايا التحايل كذلك. في هذا النوع من القضايا مثلاً يجب أن يثبت المدعي أن التصريح المتضمن المعلومة الغير صحيحة دفعته للبيع أو الشراء. بمعنى أخر، أنه ما كان ليتصرف بالبيع أو الشراء لو كان يعلم بعدم صحة المعلومة المصرح بها، فالتصريح هو الذي أقنعه بالبيع أو الشراء.
على المتضرر اللجوء إلى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية وفقاً للمادة الخامسة والعشرون من نظام السوق المالية. إن الضرر الناتج عن البيانات المظللة أو المغفلة عام بطبيعته، إذ أن أثره لا يقتصر على مساهم دون أخر ذلك أن الإفصاح يكون لجمهور المتداولين.
أقول على الرغم من ذلك جاء النظام خالي من تنظيم الدعوى الجماعية والتي تمنح المتضررين من خطاء واحد حق الاتحاد في دعوى واحده. في الواقع العملي كل متضرر يرفع دعواه بشكل مستقل عن باقي المساهمين المتضررين. غياب نظام ينظم الدعوى الجماعية للمتضررين من التحايل في المعلومات يضعف دور المساهمين ويزيد من العبء على جهة التقاضي (لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية).
غياب هذا التنظيم يضعف دور المساهمين لأنه بالنظر إلى السوق السعودي نجد أن المساهمين الأفراد يشكلون أغلبية المتداولين في السوق. والمساهمين الأفراد رغم أغلبيتهم في السوق إلا إنهم أقلية في الجمعيات العمومية لتشتت الأسهم بينهم. وهذا الضعف ينعكس على دعاويهم.
حيث أن حصة المساهم الفرد غالباً لا تكون ذات قيمة وبتحليل cost-benefit analysis التعويض عن الضرر الذي يصيب هذه الحصة الصغيرة لا يتوقع أن يكون كبيراً وبالتالي هي ليس لها جدوى مالية بالنسبة للمساهم.
لنفس السبب، قد لا يجد المحامي محفز للسير في هذا النوع من الدعاوى حيث أن المردود المتوقع من هذه الدعاوى لن يتجاوز قيمة أسهم المساهم في أغلب الأحوال.
قيام كل مساهم برفع دعواه بشكل مستقل عن باقي المساهمين يزيد من عبء لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية. ضرر التصريحات المضللة، كما أشرت سابقاً، لا يقتصر على مساهم واحد فقط بل تشمل كل من باع أو اشترى اعتمادا على التصريح المضلل.
من المتوقع أن يكون عدد المتضررين كبير وقد يصل العدد بالآلاف وهذا يؤدي إلى تراكم القضايا لدى اللجنة مما قد يترتب عليه تأخر البت فيها لو قام كل متضرر برفع دعواه بشكل مستقل. رغم ما تقوم فيه اللجنة من جهد واضح في البت في القضايا المعروضة أمامها إلا أن الوضع الحالي قد يتطلب جهد مضاعف مما قد يؤدي إلى إضعاف دور الهيئة.
في المقال القادم بأذن الله سوف يتم مناقشة مقترح لقضايا التصريح بمعلومات غير صحيحة.
جميل ولكن ما علاقة فرضية كفاءة سوق الأسهم بذلك؟ عنوان غير مناسب حتى وإن كنت ستكتب عنها في المقالة القادمة، وبالتوفيق.
ربما المقال الأول لا يبين العلاقة بين فرضية كفاءة السوق و قضايا التحايل, أمل أن المقال الثاني يوضح العلاقة بشكل أكبر. شاكر تعليقك