يبدو أننا أمام تغيرات هيكلية جذرية وكبيرة على صعيد السوق المالية وقنوات التمويل المتاحة والخيارات الاستثمارية والادخارية للأفراد، إضافة إلى جملة من التطورات والتعديلات على الوسائل القائمة، ولعل أبرز ذلك التوجه الجديد لهيئة السوق المالية الذي أعلن عنه هذا الأسبوع للسماح بإنشاء صناديق استثمار تمويلية عامة تطرح على عموم المستثمرين، بما في ذلك المستثمرون الأفراد، وإدراجها في السوق المالية، وهذا تطور جديد ولافت، حيث كان ذلك متاحاً فقط لفئات معينة من المستثمرين، ناهيك عن أن الاقتراض برمته كان متاحاً فقط من قبل المصارف والمؤسسات التمويلية المرخصة من قبل البنك المركزي. في هذه المقالة القصيرة، سأحاول تقديم أجوبة مباشرة لما نحن بصدده بلغة سهلة يفهمها عامة القراء والمتابعين.
ما الجديد في تحركات هيئة السوق المالية في مجال التمويل؟
في الأعوام القليلة الماضية سمحت الهيئة بإنشاء صناديق استثمارية للعمل في أسواق الدين، أي تقديم قروض للشركات، وذلك من خلال أموال المستثمرين، ليس من بينهم الأفراد، تضخ في هذه الصناديق، ويسمى ذلك طرحاً خاصاً لأنه موجه فقط لفئات معينة من المستثمرين بسبب طبيعة المخاطر المتعلقة به. فهذه الصناديق تعتبر صناديق تمويل خاصة مباشرة، وسبب كونها مباشرة أنها تقدم قروضها مباشرة للمستفيدين من المؤسسات والشركات، لا عن طريق طرف آخر، لذا فإن أول تغيير هو أنها ستفتح الآن أمام الجميع، فتكون صناديق تمويل عامة مباشرة. وثانياً أنه الآن سيسمح لها بالتمويل غير المباشر كما سنرى، فتكون من جهة صناديق عامة يمكن للأفراد الاستثمار فيها، ويسمح لها بالتمويل غير المباشر.
ما المقصود بالتمويل غير المباشر لتلك الصناديق الجديدة؟
بداية، الهيئة الآن ستغير الاسم لتكون هذه صناديق استثمار تمويلية، بحيث تشمل الصناديق العامة (تلك المتاحة للجميع) والصناديق الخاصة (تلك الموجهة لعينة من المستثمرين)، وفي الوقت نفسه ستقدم هذه الصناديق تمويلات مباشرة للشركات، أو غير مباشرة عن طريق شراء محافظ تمويلية أو شراء صكوك رهن عقاري أو أي وسائل تمويلية أخرى متاحة. الشيء الوحيد الذي لن يسمح لها بمزاولته هو التمويل المباشر للأفراد، حيث يبقى ذلك حكراً على المصارف والمؤسسات التمويلية تحت إشراف البنك المركزي.
هل من تأثير في التمويل العقاري وتمويل الأفراد بشكل عام؟
التأثير في تكلفة القروض وسهولة الحصول عليها سيأتي بسبب السماح للصناديق الجديدة بالتمويل غير المباشر، بمعنى أن الجهات الأخرى التي تقدم قروضا للأفراد (القروض العقارية وغيرها) ستستفيد من السيولة المتاحة من خلال هذه الصناديق، مثلاً عبر بيع محافظها التمويلية لتلك الصناديق، فتحصل على سيولة جديدة تستخدمها في تقديم قروض جديدة. لاحظ أن صناديق التمويل المباشر الحالية غير مسموح لها بشكل صريح بمزاولة التمويل غير المباشر، كشراء المحافظ التمويلية، لكن قريباً ستقوم بذلك إضافة إلى فرص تمويلية عديدة ووسائل مالية أخرى متاحة لها. توقيت هذه الخطوة ليس عفوياً، بل إنه يتماشى مع ما تقوم به الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، بالتعاون مع شركات إدارة أصول عالمية لتأسيس سوق محلية للأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري لتمويل قطاع الإسكان وإعادة تدوير القروض العقارية.
كيف يمكن السيطرة على المخاطر الائتمانية لدى جهات جديدة غير خاضعة لإشراف البنك المركزي؟
من المعروف أن البنك المركزي يمارس أدواراً رقابية مهمة ولديه خبرة طويلة في الإشراف على العمليات الائتمانية وتطبيق سياسات محاسبية مالية دولية معروفة، لذا تحاول هيئة السوق المالية الاستفادة من هذه الممارسات مع الصناديق الجديدة، إضافة إلى مسؤوليتها في حماية المستثمرين في الصناديق ذاتها، أي إن على عاتقها الآن مهمتان: الإشراف على عملية الائتمان لدى الصناديق، وحماية من يستثمر في هذه الصناديق، فالمستثمرون الآن ليسوا فقط من فئة المؤهلين، بل فيهم الأفراد، وهذه الصناديق ستطرح في السوق المالية وبعضها ستكون متداولة، وجميعها صناديق مغلقة غير مفتوحة.
إشراف الهيئة يأتي على شكل ضوابط معينة على الصناديق الالتزام بها، وهي شبيهة بما يقوم به البنك المركزي مع البنوك ومؤسسات التمويل، كأن لا يتجاوز تعرض الصندوق لمستفيد واحد نسبة 25% من حجم الصندوق، وقيود على قدرة الصندوق على الاستدانة لنفسه، والإفصاح الفوري عند حدوث تعثرات بنسبة معينة من أصول الصندوق، وضرورة تقديم تقارير فصلية تكشف طبيعة القروض وجدول السداد ونسب التعثر وإلزام مجلس الإدارة بوضع سياسات ائتمان واضحة والإفصاح عن آليات التحصيل وإدارة المخاطر، وغير ذلك.
كيف ستؤثر هذه الصناديق الجديدة في سيولة سوق الأسهم؟
التخوف طبيعي وقائم من أن تمتص الصناديق التمويلية الجديدة السيولة من سوق الأسهم، التي هي نفسها تعاني أزمة سيولة وضعف أداء محير منذ عدة أعوام، ومع ذلك فالسيولة المستهدفة مختلفة، فعادة من يبحث عن عوائد الصناديق التمويلية يتبع سياسات استثمارية متحفظة إلى حد كبير، كما أن التوجه نحو هذه الصناديق مرتبط بالارتفاع النسبي لمعدلات الفائدة، بينما أسواق الأسهم تزدهر في ظل وجود معدلات فائدة وظروف اقتصادية مختلفة، ومع ذلك فهناك فوائد لما تقدمه هذه الصناديق، وهناك فئات من المدخرين والمستثمرين ستجد فيها فرصا مناسبة، ولا سيما أن بعضها ستكون متاحة من قبل سوق الأسهم ذاتها.
هذه الصناديق التمويلية الجديدة ليست مجرد منتج جديد، بل إنها جزء من إستراتيجية شاملة لتطوير السوق المالية السعودية ستفتح قنوات جديدة أمام المستثمرين الأفراد، وستوفر قنوات جديدة لتمويل الشركات، وترفع من درجة التكامل مع سوق الصكوك المدعومة بالرهن العقاري. وهي فرصة للمستثمرين الأفراد للدخول إلى عالم كان مغلقاً أمامهم، يتيح لهم عوائد مستقرة وتنويعاً أفضل، ومن جهة الاقتصاد عموما فهي قناة إضافية لدعم النمو وتمويل المشاريع التنموية، ويتبقى على المنظم الحذر من الانفتاح السريع غير المدروس، وضرورة التدرج في تقديم هذه الوسيلة الجديدة بخطوات متوازنة مع الإبقاء على ضوابط تحمي السوق والمستثمرين.
نقلا عن الاقتصادية
قد تصبح السيولة تنافس بين الصناديق الجديدة والأسهم لجذب الاستثمارات. من الضرورة التثقيف المالي للأفراد لفهم طبيعة هذه الأدوات قبل الاستثمار فيها.
الخطوة الجديدة للصناديق التمويلية العامة مرحب بها، لكنها كانت لتكون أكثر فاعلية لو تمت قبل انتشار منصات التمويل الجماعي. الأفراد كمجموعة غير مترابطة، والمنصات غالبًا لم تتمكن من إدارة التعثرات بشكل كامل. الصناديق الجديدة، بحكم وجود فرق إدارة متخصصة وخبراء ماليين، توفر توقعات أفضل لإدارة المخاطر والتحصيل. كما أن توقيت إدخال الأفراد في مثل هذه الأدوات الاستثمارية يبقى عاملًا مهمًا لضمان حماية المستثمرين وتعزيز استقرار السوق
أتفق مع ذلك تماماً، ولكن لاحظ إن العوائد مختلفة.. منصات الدين تمنح عوائد على بكثير، مع مخاطرة عالية، وهذا يجذب فئات من المستثمرين، بينما الصناديق الجديدة، مع جميع الضمانات التي تقدمها، سيصبح العائد فيها قريب من عوائد صكوك البنوك، وستواجه صعوبات تشغيلية بكل تأكيد.
د فهد. تحية طيبة. مالفرق بين الصناديق المباشرة والغير مباشرة. المطروحه طرحا عاما. والا يوجد تعارض بين الشركة السعودية لاعادة التمويل وبين الصناديق الغير مباشرة. والا تعتقد. ان التوقيت. في ظل انخفا الفائدة. المرتقب. غير مشجع. تحياتي. لك. وارجو الرد. لاجل متابعينك.
الطرح العام هو مجرد السماح لعامة الناس بالمشاركة في رأس مال هذه الصناديق، أما التعارض مع شركة إعادة التمويل فلا يوجد تعارض، ولكن يوجد تشابه في بعض المهام، فشركة إعادة التمويل معنية بالتمويل العقاري السكني، وهذا الهدف الرئيسي من إنشائها، وممكن لاحقاً تتوسع إلى مجالات أخرى.. بينما هناك أصناف أخرى من محافظ القروض غير العقارية للأفراد.. فيه قروض عقارية تجارية وقروض أفراد متنوعة غير العقارية.. بالإضافة إلى أن شركة إعادة التمويل لوحدها غير كافية (حتى لمحافظ القروض السكنية) وسترحب بمن يأتي للمساعدة!! ................................... .................................. .......................... والأهم، إن الصناديق الجديدة مفيدة جداً لشركة إعادة التمويل التي دائماً تبحث عن مستثمرين يشترون منها المحافظ التي تقوم بتوريقها.. فرأس مال الشركة فقط 5 مليار ريال، لذا هي تحتاج أموال المستثمرين لتتمكن من مواصلة شراء محافظ البنوك، فتجدها تطرح صكوك داخلية وخارجية لجمع الأموال.. ومع الصناديق الجديدة ستتسع قاعدة المستثمرين.. الموضوع يطول وممكن أسوي مقال عن التفاصيل هذي.
لكن السؤال هل هذة الصناديق عالية المخاطرة ؟ في حال تعثر طالب التمويل عن السداد كما حصل في منصات تمويل بالدين والان نشاهد تعثرات كثيرة في هذة المنصات
نعم هذي نقطة مهمة، النظام يحمي الأفراد لأنه يحمّل الصندوق المسئولية الكاملة، يسمى حق الرجوع الكلي، بمعنى إذا الصندوق قام ببيع المحافظ التي يشتريها من البنوك ومؤسسات التمويل على مستثمرين (أفراد وغير أفراد) فهؤلاء المستثمرين غير معنيين بمشاكل المقترضيين الأصليين وعدم سدادهم، إلخ. هذا يختلف عن منصات التمويل بالدين، ويجعل العملية صعبة على هذه الصناديق، لكنه من صالح المستثمرين، بالذات الأفراد.
هل هذا يعني عودة هوامير البورصة ومجموعاتهم ولكن بشكل رسمي ؟؟
صندوق الخبير المتنوع للدخل 2030 هو صندوق تمويل ولكنه يعمل خارج المملكة