رفض مكافأة مجلس سوليدرتي بين نظام الشركة ونظام العمل وتصويت المساهمين

13/05/2015 3
عبدالله عبدالعزيز المحمود

شكّل رفض الجمعية العمومية لشركة سوليدرتي صرف مكافأة لأعضاء مجلس الإدارة مفاجأة للمتعاملين في سوق المال السعودي. فمكافأة أعضاء مجلس الإدارة للشركات المساهمة نظمتها عدة أدوات قانونية.

بدءاً من المادة 74 من نظام الشركات التي ألزمت الشركات على تحديد هذه المكافأة في نظامها الأساسي، ثم وضعت هذه المادة إطاراً عاماً لتقرير وصرف المكافآت بذكر أربعة أمثلة يمكن استخدامها لغرض مكافأة أعضاء المجلس.

هذه الأمثلة التي يمكن استخدامها أو بعضها، وهي الرواتب، وبدل حضور الجلسات، ومزايا عينية، أو نسبة من الأرباح. ولم تحدد هذه المادة أي حد أعلى أو شروط إذا تم استخدام الثلاثة الأول لمكافأة أعضاء المجلس.

لكن إذا تم استخدم نسبة الأرباح فلا بد من توافر شرطين، الأول ألا تزيد هذه النسبة التي تُمنح لأعضاء المجلس عن 10% من صافي الأرباح بعد خصم المصروفات والاستهلاكات والاحتياطات التي تقررها الجمعية العامة، والثاني توزيع ربح على المساهمين لا يقل عن 5% من رأس المال. 

في عام 1412هـ صدر قرار معالي وزير التجارة رقم 1071 استنادا إلى البند 12 من قرار مجلس الوزراء رقم 202 وتاريخ 13/8/1404هـ بوضع حد أعلى لمكافآت أعضاء المجلس.

وهذا الحد الأعلى هو ألا يزيد بدل حضور الجلسات عن ثلاثة آلاف ريال عن كل جلسة من جلسات مجلس الإدارة، كما أضاف شرطا ثالثا لاستخدام الأرباح لمكافأة عضو المجلس وهو أن العشرة بالمائة لا تزيد عن مائتي ألف ريال للعضو الواحد.

ويلاحظ أن هذا القرار لم يضع حدا أعلى للكل، بل ظلت الرواتب والمزايا العينية بدون تحديد. كما أن قرار وزير التجارة أضاف أمراً جديداً وهو وجوب العرض على الجمعية العمومية. لكن هل هو عرض للحصول على الموافقة، أو أنه عرض لمجرد الإحاطة؟

جرت العادة أن ينص نظام الشركة الأساسي على مكافآة رئيس المجلس وأعضاءه، ويُقسمها هذا النظام الأساسي - عادة – إلى المكافأة السنوية والتي تكون في حدود المائتين ألف ريال أو أقل، بالإضافة إلى بدل حضور جلسات المجلس بمبلغ 3000 ريال عن كل جلسة أو أقل.

كما جرت العادة في بعض الشركات أن تكون مكافأة رئيس المجلس أعلى من مكافأة بقية الأعضاء.

وينص النظام الأساسي في بعض الشركات على جواز دفع نفقات إضافية، كمصروفات السفر والإقامة لحضور الاجتماعات. وفي بعضها ينص النظام الأساسي صراحة على عدم جواز زيادة مجموع المكافآت عن نسبة معينة من الأرباح كـ 5% من صافي أرباح الشركة.

إضافة إلى ذلك، يتطلب النظام الأساسي لبعض الشركات وجوب إرسال تفاصيل المبالغ للمساهمين للتصويت عليها، وكذلك الحصول على موافقتهم على شروط المكافآت والتعويضات. 

أولاً: ما هي المكافآت والتعويضات؟ لفظ المكافآت والتعويضات هنا لا يعني الأموال التي تصرف زيادة على الرواتب. فهي كل ما يصرف لهذا العضو نظير عمله في مجلس الإدارة.

سؤال ثان: هل تعتبر مكافأة نهاية السنة المذكورة في الأنظمة الأساسية للشركات هي نفس النسبة من الأرباح المذكورة في نظام الشركات؟ الجواب مهم؛ لأنه إذا كانت هي النسبة، فإن القيود المذكور في المادة 74 وفي قرار وزير التجارة تنطبق عليها؛ وأما إذا لم تكن هي النسبة – وهو الأقرب من ما اطلعت عليه من صياغة لبعض الأنطمة الأساسية – فلا ينطبق عليها قيود إلا ما ذكر في النظام الأساسي للشركة المعنية.

سؤال ثالث: هل يحق للمساهمين إذا وافقوا على شروط وآليات التعويضات المنصوص عليها في النظام الأساسي، رفض صرف هذه التعويضات لاحقاً؟ الجواب صعب؛ لأنه إذا كان التصويت على الآليات والشروط سبب لاستحقاق أعضاء المجلس لهذه المبالغ، فبأي حق تمتنع الجمعية عن صرف هذه المستحقات لاحقاً.

كما يمكن القول إن موافقة الجمعية على الصرف من ضمن شروط الاستحقاق، وبالتالي فالتصويت السلبي يمنع استحقاق الأعضاء لهذه المبالغ.

لكن هل موافقة الجمعية من ضمن آليات وشروط الاستحقاق لصرف مكافأة نهاية السنة فقط، أو أنها شرط لصرف بدل الجلسات والنفقات ومصروفات السفر والإقامة؟ الجواب يعتمد على الصياغة الواردة في النظام الأساسي للشركة المعنية. 

سؤال رابع: ما هي طبيعة العلاقة بين عضو مجلس الإدارة غير التنفيذي والشركة؟ هل هي علاقة عمل، أو أن هذا العضو مجرد ممثل عن المساهمين، وبالتالي تنتفي العلاقة العمالية؟ إذا كانت العلاقة علاقة عمل، فهنا يحق له أجره بموجب مواد نظام العمل، وتحديدا المادة 95.

أعتقد أن حالة سوليدرتي هي من الشركات القلائل إن لم تكن أول شركة ترفض صرف مكافأة أعضاء المجلس (لا علم لي هل سبق لشركة أخرى أن رفضت صرف المكافأة)، لكن هل سيتقدم أحد هؤلاء الأعضاء لرفع دعوى قضائية حتى نعرف الإجابة على الأسئلة السابقة من وجه نظر القضاء؟

لا أعتقد أن أحداً من الأعضاء سيتقدم للقضاء من أجل هذه المكافأة، لأن احتفاظه بسمعته وبمركزه في المجلس أهم من هذه المكافأة. ختاماً، إن الكثير في مجتمعنا لازال ينظر للقضاء على أنه الملجأ الأخير لتصعيد الخصومات، لا المكان الصحيح لتفسير القانون والنظام، وفض الخصومات، وتحديد الحقوق.