عرضت في مقال الأسبوع الماضي لجزء مهم من تقرير صندوق النقد الدولي- الذي صدر في الثاني من إبريل- عن مشاوراته مع المسؤولين القطريين بشأن الوضع الاقتصادي والمالي لدولة قطر والتوقعات لعام 2015 والأعوام التالية.
واشتمل المقال تحديداً على توقعات بأن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في عام 2015 بنسبة 9% مع نمو الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بنسبة 7,1%، وينخفض بعد ذلك تدريجياً إلى 3,9% في عام 2020.
وأشرنا إلى أن فائض الميزانية في السنة التي انتهت-نظرياً- في مارس قد بلغ 149,2 مليار ريال، وفسرنا هذه الزيادة الكبيرة في الفائض بتحويل أرباح قطر من صناعة النفط والغاز بالكامل إلى حساب الدولة، بدلاً من بقاء جزء منهم في حساب قطر للبترول، مع اتجاه الحكومة لضبط المصاريف الإدارية بخلاف الرواتب، مع تباطؤ نمو النفقات الرأسمالية.
وتوقع الصندوق أن تبلغ الإيرادات في التسعة شهور المتبقية من عام 2015 نحو 189 مليار ريال، وأن النفقات ستبلغ 187,4 مليار ريال.
وتناول المقال أيضاً ديون قطر وحجم استثمارتها السيادية، وتطور معدل التضخم وأسعار العقارات في عام 2014.
وفي مقال اليوم نعرض لجانب آخر من التقرير يتعلق بالجهاز المالي والمصرفي وسعر الصرف والسياسة النقدية، والمخاطر التي قد يتعرض لها الاقتصاد، إضافة إلى معلومات أخرى متفرقة:-
1-توقع تقرير الصندوق أن تستقر أسعار النفط حول المستويات الراهنة مع زيادة محدود تصل بسعر خام برنت إلى 72 دولار في السنوات التالية حتى عام 2020.
وتوقع التقرير تراجع انتاج قطر من النفط الخام من 670 الف برميل يومياً عام 2014، إلى 655 ألف ب/ي في عام 2015، وأن يستمر التراجع التدريجي وصولاً إلى 529,4 ألف ب/ي عام 2020، وأن تستقر صادرات الغاز المسال عند 77 مليون طن سنوياً ، مع زيادة انتاج الغاز للأغراض المحلية.
2-لاحظ التقرير أن الوضع النقدي وظروف الائتمان في الجهاز المصرفي القطري قد بقيت متكيفة مع ربط سعر صرف الريال بالدولار.
وأثنى الصندوق على سياسية الربط الثابت لسعر الصرف مقابل الدولار حيث أثبتت نجاعتها في كل الظروف. وقد نجح مصرف قطر المركزي في الحفاظ على السيولة المصرفية، وعلى معدلات الفائدة على أذونات الخزانة مستقرة حول 3%.
وقد نما الائتمان المحلي في ديسمبر 2014 بنسبة 10% على معدل سنوي-أي مقارنة بديسمبر 2013-، مع تسارع نمو ائتمان القطاع الخاص بنسبة 20%، مدعوماً بطلب قوي من قطاعات المقاولات، والخدمات والتجارة، واستهلاك الأفراد، وبدرجة أقل ائتمان قطاع العقارات.
3-على النقيض من نمو ائتمان القطاع الخاص، شهد ائتمان القطاع العام تراجعاً في عام 2014، بما يعود جزئياً إلى ما تفرضة وزارة المالية من رقابة وثيقه على القروض الممنوحة لهذا القطاع.
ولم يطرأ أي تغير على سياسة الاحتراز الكلي للمصرف المركزي التي ظلت محايدة بشكل واسع.
4-لاحظ التقرير أن البنوك القطرية في وضع جيد، حيث أن كافة النسب الخاصة بكفاية رأس المال مرتفعة وتزيد عما قررته بازل 3، وتنخفض نسبة القروض المتعثرة إلى 2%، وأن نسبة إجمالي القروض إلى الودائع كانت عند واحد صحيح، كما تتمتع البنوك بنسب ربحية جيدة.
وأثنى الصندوق على مُضي مصرف قطر المركزي قُدماً في تنفيذ السياسات الإصلاحية، وحثه البنوك على الإلتزام بمقررات بازل3.
5- توقع الصندوق أن تكون تأثيرات رفع معدل الفائدة على الدولار-إذا ما حدثت هذا العام- محدودة بالنظر إلى أن معدلات الفائدة على الريال القطري تزيد بنسبة 0.75% عن مثيلاتها على الدولار الأمريكي.
وبإمكان مصرف قطر المركزي ضخ سيولة في الجهاز المصرفي من خلال نافذة الريبو، ويمكن للحكومة ضخ سيولة بالعملات الأجنبية من حسابات صندوقها السيادي بالخارج.
6-انخفاض أسعار النفط والغاز، تزيد من مخاطر الضغط على الميزانية العامة وعلى الحساب الجاري، بحيث ستسجل الميزانية العامة عجزاً في عام 2016، وأن يتلاشى فائض الحساب الجاري.
ولكن الخطر الأكبر يأتي من تراجع صادرات النفط والغاز القطرية، وهو ما يمكن حدوثه في حال استمر تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، أو ظهر منتجين منافسين جدد للغاز المسال والنفط.
ويجب أن تعمل الحكومة على ضبط المصروفات بتخفيض الدعم إلا على مستحقيه، وزيادة الإيرادات على الشركات الأجنبية والخليجية في القطاعات غير النفطية، وفرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5%.
7- قدر الصندوق عدد الأجانب بنحو 90% من إجمالي عدد السكان، وذكر في هامش الصفحة الرابعة من التقرير إلى أن تحويلات العاملين الأجانب في عام 2014 تقدر بنحو 13 مليار دولار، أو ما يعادل 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبالريال القطري تعادل التحويلات نحو 47,3 مليار ريال أو ما يعادل 19% من الإيرادات الحكومية.