الشركات العائلية والأجيال القادمة

09/04/2015 1
عبد الرحمن بسيوني

العلاقة الجيدة والتواصل بين أفراد العائلة عامل مهم لنجاح التجارة العائلية لكنه ليس كافياً لإدارتها وضمان إستمرارها.

فالتجارة العائلية تختلف عن التجارات الأخرى لإرتباط عنصري التجارة والعائلة معاً. فكل فرد من العائلة يريد إخضاع التجارة لرغباته وحاجاته الشخصية بغض النظرعن  رغبات وحاجات الأفراد الأخرين، أو خوف الجيل المعاصر من مواجهة التغيير وعدم أعطاء المسؤولية الى الجيل القادم.

كل ذلك  يؤثر سلباً على إدارتها وقدرتها للتصدى للتحديات التي تواجهها وبالتالي الى صعوبة إستمرارها الى الأجيال القادمة أو إنهيارها.

ولذلك فإن مايزيدعن 90% من الأعمال التجارية العائلية حول العالم تنهارعند وصولها الى الجيل الثالث حسب أكسفورد جورنال (2009)، وتزيد هذه النسبة في دول منطقة الخليج.

  تعَرف التجارة العائلية في علم الإدراة بالتجارة التي يملكها بالكامل أو جزء منها فرد أو مجموعة أفراد من عائلة واحدة.

وتمثل التجارة العائلية مانسبته 80% من إجمالي الأعمال التجارية في المملكة العربية السعودية بعضها مملوكة بالكامل والبعض الاخر مملوكة بجزءٍ منها.

وتساهم هذه التجارة بنسبة 25% من إجمالي الناتج المحلي للمملكة. ولأهمية ذلك قامت شركة برايس وترهاوس (2012) بدراسة تتحدث عن المشاكل الرئيسية التي تواجهها التجارة العائلية في المملكة  بشكل خاص فوجدتها بإختصار تتمثل في عاملين رئيسين هما كالتالي:

أولاً: الإستمرارية، وهو ما يقصد به إستمرار التجارة العائلية لأطول فترة ممكنة.

فبعض الشركات العائلية تمتد إلى الجيل الثالث مثل شركة  تايوتا اليابانية، أو إلى الجيل الرابع والخامس مثل بعض الشركات الألمانية والأمريكية كشركة مارسيدس بنز ووول مارت على التوالي.

ولكن من أهم التحديات التي تواجه إستمرارية التجارة العائلية بالمملكة، هوعدم وجود رؤية واضحة وخطة إستراتيجية لدى العائلة لنقل ملكية التجارة والإدارة الى الأجيال القادمة بفاعلية، بالأضافة الى عدم فصل الملكية عن الإدارة، فكل من يملك يريد أن يدير وكل من يدير يريد أن يصبح هو المدير!.

ثانياً: إدراة الصراعات، والتي تنتج عن الخلط بين المشاكل العائلية وإدارة التجارة.

حيث يتم تداخل العلاقات الشخصية والمشاكل العاطفية على حساب المصالح الإستثمارية والقرارات الإدارية .

فتصبح العلاقة  قائمة على المجاملات والقرارات الإرتجالية، أوالمركزية في بعض الأوقات حسب الظروف والمزاج.

مما يودئ إلى الفشل في الحوار وعدم الإتفاق، وبالتالي إلى الصراعات وفض الأعمال التجارية عن طريق القضاء والذي غالباً مايأخذ أعوماً عديدة لحل النزاع بينهم.

والذي ينتج عنه قطع العلاقات العائلية وتأثرالأجيال القادمة كالأبناء والأحفاد بهذا القطع والخلاف.

ولمواجهة هذه التحديات فإنه يجب على العائلة التجارية العمل من خلال مؤسسة تجارية لها صفة مستقلة عن العائلة وهو مايعرف اليوم بإسم الحوكمة.

بحيث يكون لها رؤية واضحة وأهداف محددة تعمل على ضوءها ويتم مراجعتها بشكل دوري من خلال الإجتماعات واللقاءات العملية.

والتي يتم إتخاذ القرارات فيها من خلال مجلس العائلة الذي يمثله أفرادها ممن لديهم الشهادات العلمية والخبرات العملية الملاءمة، أو من خارجها أذا لزم الأمر.

حيث يتم أتخاذ القرار عن طريق دراسات وإستشارات مبنية على أرقام يمكن قراءتها ونتائج متوقعة يمكن قياسها.

وبذلك تعمل العائلة التجارية من خلال عمل مؤسسي مستقل وقائم على تحقيق أفضل الأرباح للشركاء، بالإضافة الى تحقيق الإستمرارية والعلاقة الجيدة بين أفراد العائلة من جيل لآخر بنجاح وفاعلية.

يقال أن الإنسان لايستطيع أن يعيش طويلاً، لكن الشركات تستطيع ذلك. فتحول التجارة العائلية الى شركة مساهمة مغلقة أوعامة، يمكنها من التغلب على هذه التحديات التي تواجهها كي تعمل ضمن رؤية مشتركة، وأهداف محددة، وإجراءات عملية منظمة.

وبالتالي يتم نقل الملكية والإدارة الى الأجيال القادمة بمرونة تحفظ علاقة العائلة والتجارة معاً.