استعادة مكافآت كبار التنفيذيين في حالة الخطأ في حساب الأرباح

10/03/2015 4
عبدالله عبدالعزيز المحمود

لا شك أن الخطأ والتلاعب في الاعتراف بالإيرادات له أثر على مكافآت أعضاء مجلس الإدراة وكبار التنفيذيين، لأن زيادة الأرباح بشكل صوري سيترتب عليه زيادة في مكافآت هؤلاء، كما أنه سيظهرهم بمظهر جيد أمام المساهمين.

لذا فإن الخطأ الذي قد تقع به بعض الشركات المساهمة في توقيت الاعتراف بالايرادات؛ يؤدي إلى قيام هذه الشركات لاحقاً، بتعديل الايرادات والأرباح لفترات سابقة، إلا أن هذا التعديل لا يشمل المكافآت التي سبق دفعها لكبار التنفيذيين، بناء على النتائج قبل التعديل، وحيث إن هذه الأموال، التي تم دفعها على شكل مكافأة مرتبطة بالربح الصوري غير الحقيقي، مال المساهمين، وحق لهم، يجب استعادته من المدير الذي أخطأ، أو سمح بالخطأ؛ نتيجة الاهمال وعدم الحرص في أداء واجبه، ولأجل الحصول على هذه المكافآة.

لذا فإنه عندما تقوم الشركة بإعادة النظر في أرباح سابقة، يجب أن تعيد النظر في المكافأة التي حصل عليها المسؤولون عن هذا الخطأ.

إلا أن خلو نظام الشركات ونظام السوق المالية ولوائحة من مواد تعالج هذا الموضوع، جعل الأمر صعباً إن لم يكن مستحيلاً على المساهمين. وهو موضوع سيعالجه هذا المقال. 

استعادة واسترجاع ما دُفع من مكافآت لكبار التنفيذيين في الشركات المدرجة هو نظام، متبع في كثير من الأسواق المالية، يهدف إلى منع كبار التنفيذيين من الاستفادة من أخطائهم في الاستعجال بالاعتراف بالايرادات، أو حتى تحايلهم باستخدام هذه الثغرات المحاسبية؛ لتضخيم إيرادات الشركة وأرباحها بشكل صوري، يهدف إلى الحصول على زيادة في مكافآتهم نهاية العام المالي. 

لتوضيح الصورة للقارئ الكريم، فإن مكافآت أعضاء مجلس الإدراة وكبار التنفيذيين تنقسم إلى جزئين رئيسيين: جزء ثابت لا علاقة له بأداء الشركة، ويتقاضاه العضو أو المدير مقابل عمله في الشركة وهذا الجزء لا يتأثر بالأرباح والايرادات بشكل عام؛ لذا فهو غير قابل للاسترداد، والجزء الآخر، جزء متغير، زيادة ونقصا بناء على أداء العضو أو المدير وأداء الشركة ككل، وهذا الجزء هو الجزء القابل للاسترداد كلياً أو جزئياً، بحسب الألية المستخدمة في تصميمه وحسابه.

تختلف الشركات في تصميم برامجها للمكافآت المتغيرة المرتبطة بالأداء، لكن يمكن تقسيم الأداء إلى ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى تشمل المقاييس المحاسبية التي تتعلق بالأرباح والعوائد، كالعائد على رأس المال أو زيادة الأرباح، والمجموعة الثانية ترتبط بالقيمة السوقية للسهم، والمجموعة الثالثة ترتبط بالأداء الشخصي للعضو أو المدير، وكذلك أداء الوحدة التي ينتمي إليها، أو يشرف عليها هذا المدير.

لكن جرت العادة أن الشركات تصمم برامجها للمكافآت، لتكون مزيجا من المجموعات الثلاث، خصوصا المجموعتين الأولى والثالثة، مع الأخذ في الاعتبار أنه ينبغي توخي الحذر عند تصميم برامج مكافآت تعتمد على المجموعة الثانية؛ لأن أسعار الأسهم قد تتأثر بأسباب خارجة عن أداء أعضاء المجلس والمديرين، وقد ترتفع أسعار الأسهم أو تنخفض دون وجود علاقة بينها وبين أداء المدير الايجابي أو السلبي.

لقد نصت لائحة الحوكمة الصادرة عن هيئة السوق المالية في المادة 15 على وجوب قيام الشركات بتصميم سياسات واضحة لتعويضات ومكافآت أعضاء مجلس الإدراة وكبار التنفيذيين، مع مراعاة استخدام معايير مرتبطة بالأداء.

لكن بالرغم من وجود هذه المادة الإلزامية إلا أن المساهمين ليس لديهم علم عن هذه المعايير التي تستخدمها الشركات، وذلك لأن الشركات غير ملزمة بالافصاح عن سياساتها وبرامجها فيما يخص مكافآت كبار التنفيذيين، على الرغم من أن هذا النوع من الإفصاح أصبح من ضمن الممارسات الجيدة في الحوكمة وتطبقه العديد من الدول.

تجدر الإشارة إلى أن الشركات المدرجة في السعودية ملزمة بالإفصاح عن ما تم دفعه من مكافآت وتعويضات خلال السنة المالية، إلا أن طريقة الإفصاح متباينة بين الشركات، فالبعض يحاول التعتيم قدر المستطاع بعدم إيضاح عدد المستحقين، أو تفاصيل المبالغ.

لذا فإن الذي يظهر، أن هناك فراغاً نظامياً، يتعلق بتنظيم الإفصاح عن مكافآت أعضاء مجلس الإدراة وكبار التنفيذيين، وكذلك فيما يتعلق بالإفصاح عن سياسة المكافآت وطريقة حسابها، كما أن هناك فراغاً آخر يتعلق في ايجاد نظام أو سند نظامي يسمح للشركات أو المساهمين أو هيئة السوق المالية بالمطالبة باستعادة المكافآت أو جزء منها والتي تم دفعها بناء على أداء، اتضح لاحقاً أنه صوري وغير دقيق. 

لذا فإن قدرة المساهمين أو الهيئة على المطالبة باسترجاع واستعادة المكافآت التي دُفعت بناء على معلومات خاطئة أو مضللة، مرهون بمعرفة مدى ارتباط المكافأة أو الجزء المراد استرجاعه منها بالأداء الذي تبين عدم صحته، وهو أمر مستحيل للمساهمين في ضل غياب الإفصاح عن سياسة المكافآت التي نصت عليه المادة 15 من لائحة الحوكمة، ولأن كل هذه المعلومات تحتفظ بها الشركات دون غيرها. ولا بد أيضا من وجود سند نظامي يسمح للمساهمين أو الهيئة بمثل هذه المطالبة.

ومن المعلوم أن نظام الشركات ونظام السوق المالية ولوائحه يخلو من مثل هذا السند النظامي. أخيراً إن إقرار نظام بهذا الخصوص لا بد أن يراعي حقوق المساهمين وحقوق المديرين من غير إفراط في آلية اقرار هذا الحق بحيث يشمل من لم يكن له علاقة بالخطأ، ولا تفريط في عدم إقراره على من أخطأ.