الشركات العائلية هي إحدى أهم الأرقام الاقتصادية التي تسيطر على الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ٩٪ حيثُ تقدر استثمارات الشركات العائلية في المملكة العربية السعودية بنحو ٢٤٨ مليار ريال، ومن المتوقع زيادة معدل نمو استثمار الشركات العائلية خلال السنوات القادمة بصورة متسارعة .هذا النمو يُعززه التوجه الحكومي الساعي إلى تقليل الاعتماد على النفط و التحول إلى دعم المقومات الاقتصادية الأخرى.
في ظل التوقعات بنمو استثمارات الشركات العائلية في المملكة فإن هذا النمو يواجه الكثير من المخاطر والتحديات التي قد تعيقها من تحقيق أهدافها أو استمراريتها لأسباب عدة، "سيُشار إليه في هذا المقال".
هذه المخاطر سوف تنعكس بالتأكيد سلباً على الاقتصاد مما يجعل لهذا الأمر أبعادًا أخرى ترتبط بصورة مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الكلي، مما استدعى وجود أنظمة وقوانين احترازية لمنع و قوع مثل هذا النوع من المخاطر، إلا أن هذه الأنظمة والقوانين لازالت غير ملزمة بالرغم من أننا أصبحنا نرى و نسمع عن تعثر و تدهور بعض الشركات العائلية فضلا عن انهيار بعضها!
إن من أبرز التحديات التي تواجه الشركات العائلية هو انتقال الإدارة من جيل إلى آخر، وبالرغم من أن هذا الانتقال يسبقه الانتقال من المؤسس إلى الجيل الأول، إلا أن العملية الانتقالية هنا غالباً ما تكون أقل خطورة لوجود المؤسس الذي يعتبر صاحب القرار في تحديد اتجاه البوصلة.
أما عند انتقال الإدارة من الجيل الأول إلى الجيل الذي يليه فإن لهذا الانتقال أبعاد خطيرة تتمثل غالباً في نشوب صراع على السلطة، و هذا النوع من الخلاف الأكثر انتشارًا وفتكًا على كيان الشركة، وخاصة عند تسرب هذا الخلاف إلى الساحات الخارجية للشركة.
كما أن من المخاطر التي تواجه الشركات العائلية ضعف أداء مجلس الإدارة ويعود غالباً هذا الضعف إلى المجاملات دون الأخذ في الاعتبار أهمية الكفاءة والفاعلية في الإدارة، ولعل المزج ما بين الملكية والإدارة هو ما نراه منتشر في أغلب الشركات العائلية، يؤكد قصر عمرها وربما زوالها في حال لم تتم معالجتها بصورة إحترافية.
لتجنب هذه التحديات والمخاطر المتوقعة فإنه يتطلب وجود ميثاق عائلي "فاعل"، والمقصود بمصطلح "فاعل" هو أن تتوفر الضمانات التي تساعد على الالتزام بهذا الميثاق من داخل و خارج الشركة على أن ينال هذا الميثاق موافقة أفراد العائلة ويصبح المرجع لضمان استمرار شركتهم واستقرارها وتقدمها، واتخاذ القرارات الإستراتيجية التي تحدد مستقبلها.
كما أن تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة تعتبر إحدى أهم العوامل التي تضمن استقرار واستمرارية الشركات العائلية.
يعتبر تطبيق نظام الحوكمة من الخيارات الاختيارية في حالة لم تكن الشركة العائلية شركة مساهمة.
وقد اطلعت على بعض الشركات العائلة التي بادرت منذ وقت مبكر في تطبيق هذا النظام بالرغم من وجود لدى بعضها أخطاء وتجاوزات جهلاً وليس قصداً بسبب حداثة النظام وغياب الكفاءات والخبرات التي تساعد على تقويم هذا الخلل في حال وقوعه، إلا أن هذه المبادرة تشير إلى الوعي وإدراك مخاطر المستقبل لدى تلك الشركات وهو مؤشر جيد يستدعي من وزارة التجارة والصناعة أن تبادر في دعم تلك الشركات وتحفيز الشركات العائلية الأخرى للمبادرة في تطبيق نظام الحوكمة لما يعود بالنفع على تلك الشركات.
من الوسائل المهمة في الحفاظ على استمرارية الشركات العائلية هو التحول إلى شركة مساهمة سواء كانت مساهمة مقفلة أو مساهمة عامة، حيث أن هذا التحول سوف يساعد الشركة العائلية في حل المشاكل الناتجة عن الخلافات بسبب الملكية وذلك من خلال توزيع حصص الشركة العائلية على أسهم ووضوح ملكية كل فرد في الشركة، كما أن لهذا التحول أثر ايجابي في تجنيب الشركة الخلافات الإدارية من خلال فصل الملكية عن الإدارة بتطبيق نظام الحوكمة والذي يعتبر في هذه الحالة ملزم كون الشركة أصبحت مساهمة.
ومن الجوانب الإيجابية في هذا التحول هو حل المشكلات التمويلية التي تحتاج لها الشركة من خلال إمكانية زيادة رأس المال والقدرة على التوسع والانتشار لزيادة الحصة السوقية.
ولعنا نشهد في خلال الفترة القادمة تحول كثير من تلك الشركات العائلية إلى شركات مساهمة لما في ذلك منافع متعددة، تلقي بظلالها على ملفات هامة جداً على قائمتها ملف البطالة، لما ستحققه تلك الشركات من توسع وانتشار سيساعد في زيادة الفرص الوظيفية ومن ثم تخفيض نسبة البطالة.
مقال جميل ورائع عزيزي نايف..شكرا لك :)
شكراً لمرورك وتسجيل اعجابك أخي عبدالرحمن. تحياتي