رسالتي "الرقابية" إلى معالي الوزراء (٢/١)

10/02/2015 2
نايف آل خليفة

في البداية أود أن أهنئ و أبارك جميع الوزراء على الثقة الملكية في اختيارهم كقيادات لمرحلة مهمة من مراحل التنمية والتطوير في المملكة العربية السعودية، و التي أصبح المواطن يسبر تفاصيلها في كل جانب من جوانب الحياة.

و لأهمية المرحلة تجاه القيادة و المواطن، و لما يحتاجه كذلك كل قائد يحمل في حقيبته أهدافاً مرحلية و إستراتيجية يسعى إلى تحقيقها، حيث أن تحقيق الأهداف وبلوغ النتائج يتطلب العناية و الإهتمام بتفعيل البيئة الرقابية لما له من نتائج ملموسة في تحقيق الأهداف المرجوة وفق الخطط الاسترايتجية المعمول بها.

و قبل التطرق الى العناصر الرقابية التي تحتاجها وزاراتكم الموقرة، أود التذكير بأهمية تفعيل قرار مجلس الوزراء رقم 235 في 1425/8/20 القاضي بتأسيس "وحدة للمراجعة الداخلية في كل جهاز حكومي يرتبط رئيسها بالمسئول الأول في الجهاز".

حيث أن العناصر الرقابية التي سوف نتطرق اليها لا يمكن أن تتحقق في ظل غياب هذا الجهاز الاستشاري الرقابي الهام.

كما يجب التأكيد على أهمية استقلال هذا الجهاز وظيفياً، على أن يكون ارتباطه بالوزير مباشرة كما جاء في القرار أو لجنة متخصصة تتشكل بأعضاء مستقلين من خارج الوزارة بقرار من معاليكم للقيام بمتابعة التقارير الدورية لأنشطة مهام وحدة المراجعة الداخلية.

عودًا على بدء، سوف يتم التطرق في هذا الجزء من المقال والجزء الذي سيتبعه بإذن الله عن الدور الرقابي الذي سوف يشمل أهم السياسات والإجراءات في البيئة الرقابية وتأثيرها الإيجابي على أهداف الوزارة ونتائج أعمالها وخدماتها، حيث أن الحديث هنا عن البيئة الرقابية لا يعد حديثاً كاملاً عن النظم الرقابي الشامل، وإنما التركيز على أهم الجوانب التي لها ما بعدها من التأثير الإيجابي في حال تم فهم عناصر ومكونات البيئة الرقابية التي تحتاجها أي مؤسسة.

كما أن الحديث عن النظام الرقابي الشامل يتطلب التوسع في الشرح المبني على المعايير والقواعد المهنية والتي لا يحتاج إليها معاليكم بحكم الاختصاص.

إن العملية الرقابية بطبيعتها تحتاج كغيرها من الممارسات و الأنظمة الجديدة إلى برامج و جلسات توعوية تغطي جميع المستويات الوظيفية في الوزارة.

حيث تعتبر هذه البرامج و الجلسات من أولويات عملية بناء البيئة الرقابية الداخلية لما لها من دور في تعزيز المفاهيم الرقابية والآثار الناتجة من تطبيقها؛ كما أن عملية التوعية تضع الجميع أمام المسئولية المباشرة للقيام بالواجب و الإلتزام بتطبيق السياسات و الإجراءات و الأنظمة و التشريعات و القوانين و التعاقدات التي يرتبطون بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

و بناء عليه، فإن الخطوة الأولى التي يحتاج إليها معاليكم هو إجراء دراسة مسحية لقياس مستوى المعرفة والإدراك بالنظم الرقابية الداخلية لدى منسوبي وزارتكم الموقرة لتحديد جوانب الضعف التي يحتاجون إلى بنائها، و تعزيز و تطوير الجوانب الإيجابية لضمان جودة الأداء في تحقيق النتائج.

حيث ثبت بالتجربة بأن إجراءات التقييم الإستباقية تُشعر الشخص المعني بعملية التقييم بأهمية ما بعده من إجراء مما يجعله في جاهزية نفسية واستعداد ذهني للإجراءات المرتقبة.

كما أن إشراك  منسوبي وزارتكم في ورش عمل تعنى بالمفاهيم العملية و التي تُعرف بإدارة التغيير، يمكن اعتباره بالغ الأهمية، حيث أن التغيير لا يعني بالضرورة سوء الوضع بقدر ما يعني التطوير المستمر الذي تحتاجه الوزارة والموظفين معا.

و من أهم المواضيع التي سوف يحتاج إليها منسوبي وزارتكم هو غرس المبادئ و القيم العملية والمهنية للوظائف التي يقومون بها باعتبارها جزء لا يتجزأ من تحقيق النجاح المشترك، على أن يكون هناك في المقابل سياسة للحوافز المالية و المعنوية و التي تكون معلنة لشحذ الهمم وتحقيق الأهداف بكفاءة و فاعلية و سياسة تعنى بالإجراءات الجزائية للممارسات السلبية على مستوى نظام و أخلاقيات العمل التي قد تصدر من الموظف في أي حال من الأحوال.

إذًا هناك جوانب مهمة في بناء هذا الدور الهام للوصول إلى نتائج ملموسة وهو ما جعل بعض القطاعات الحكومية و غير الحكومية تواجه عملية النجاح أو الفشل في بناء المنظومة الرقابية التي تحتاج لها و ذلك بناءً على التهيئة التي يحتاج لها الأشخاص المعنيين بالنظام، أو الإجراء الجديد قبل دخوله حيز التنفيذ، و فتح المجال للموظفين بمختلف مستوياتهم للمشاركة في التقييم وإبداء وجهات النظر لامتصاص الجانب النفسي الذي غالباً ما يكون السبب الرئيسي في الامتناع عن التفاعل أو التعاون في أي جانب من جوانب العمل.