وزير الصحة وتحديات التوظيف

22/01/2015 0
م. برجس حمود البرجس

صدر الشهر الماضي عدد من الأوامر الملكية الكريمة تضمنت تعيين الدكتور محمد بن علي هيازع آل هيازع وزيراً للصحة، بعد أن تولى عدة مناصب في الدولة وكان آخرها مديراً جامعة جازان منذ 14/ 11/ 1428. وتواجه وزارة الصحة عدة تحديات منها في الخدمات الوقائية والعلاجية، ومنها في مشاريع قائمة ومشاريع جديدة، ووظائف تواجه تحديات نقص في الكوادر والكفاءات، وأيضاً خريجين وخريجات كليات ومعاهد صحية دون وظائف. نتمنى وندعو للوزير والوزارة بالتوفيق في مواجهة هذه التحديات، ومن واجبنا ككتاب تنمية واقتصاد تسليط الضوء على الجانب التنموي والاقتصادي.

سأتطرق في هذا المقال للتحديات الوظيفية في القطاع الصحي خصوصاً أنها شبيهة بالتحديات التي كانت (ولازالت) تواجه جامعة جازان. فالإحصائيات الأخيرة لوزارة التعليم العالي تشير إلى أن جامعة جازان بها 1949 عضو تدريس ذكر وفقط 972 عضو تدريس أنثى بينما يدرس بها 19.7 ألف طالب بكالوريوس و 25.2 ألف طالبة بكالوريوس، وهنا يتضح نقص في كادر التدريس النسائي. أما من ناحية السعودة فهي أقلية، ففي جامعة جازان تصل السعودة بين الأساتذة الذكور والإناث إلى 30% فقط، وعلى مستوى الذكور فالسعودة 32%، وعلى مستوى الأساتذة الإناث فالسعودة 24%، وهي الأسوأ بنسب السعودة بعد جامعة حائل بين 25 جامعة حكومية في المملكة.

ربما ضعف السعودة ناتج لصعوبة الحصول على الكفاءات، فيعمل في الجامعة 1041 أستاذا (ذكر وأنثى) غير سعودي يقابلهم 104 أستاذ (ذكر وأنثى) سعودي، 808 محاضرين (ذكر وأنثى) غير سعوديين مقابل 190 سعوديا، و 8 معيدين غير سعوديين مقابل 573 سعوديا وسعودية، ويتضح ضعف في الحصول على كفاءات عالية في المنطقة، فليس من المعقول أن تفّوت الجامعة فرص توظيف لكفاءات عالية، أما على مستوى المعيدين فالسعودة 99% لتوفرهم.

هذه التحديات الوظيفية في جامعة جازان شبيهة لتحديات الوظائف في وزارة الصحة، فبالنسبة لعدد الأطباء في المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة ومرافقها تعاني من نقص في عدد الأطباء بسبب الركود في تعيين الأطباء بين عامي 1411 هـ و 1421 هـ (كما هو موضح بالشكل المرفق)، فلازلت وزارة الصحة تعاني من تداعيات ذلك الركود.

وحسب تقرير وزارة الصحة السنوي الأخير، فمستشفيات وزارة الصحة يعمل بها 35.8 ألف طبيب وطبيبة (6051 طبيبا سعوديا، 3068 طبيبة سعودية، 20264 طبيبا غير سعودي، 6458 طبيبة غير سعودية) بمستويات وتخصصات مختلفة. ويعمل بها 82.9 ألف كادر تمريضي (19409 سعودي، 26466 سعودية، 1423 غير سعودي، 35650 غير سعودية). ويعمل بها أيضاً 45.7 ألف فئات طبية مساعدة (33995 سعوديا، 7036 سعودية، 1396 غير سعودي، 3271 غير سعودية).

يتضح من هذه الأرقام أن نسبة السعودة متدنية في مختلف فئات الكوادر الطبية، أو بمنظور آخر نستطيع أن ننظر لها كفرص توظيف للكوادر البشرية الوطنية.

ومن ناحية أخرى، هناك وظائف مفقودة كثيرة، (ومنها للملاحظة والتمعن) نجد أن في المستشفيات الحكومية (العادية والتخصصية) عدد الممرضين والممرضات 225 لكل 100 طبيب، بينما في المستشفيات الخاصة فقط 128 ممرضاً وممرضة لكل 100 طبيب، وهذا النقص أو الشح في عدد الكادر التمريضي في القطاع الخاص عُمل عمداً لتوفير المصاريف; بلا شك المستشفيات الخاصة تركز على الربحية، فالطبيب يُدخل أرباحاً، والممرض زيادة مصاريف، فبالرغم من أن الكادر التمريضي في القطاع الخاص به 27 ألف ممرض وممرضة أجنبية ويكمن سعودتها تدريجياً، إلا أنه أيضاً به 22 ألف وظيفة مفقودة في نفس الكادر تركت عمداً لتقليل المصاريف على حساب جودة الخدمة والوقت.

وفي المقابل، نجد أن هناك كثير من أبناء وبنات الوطن من خريجي وخريجات الكليات والمعاهد الصحية (دون وظائف). ففي ظل ما سبق ذكره وبقية المعلومات في تقرير وزارة الصحة، فكادر الطب التمريض والفئات الطبية الأخرى والذين يعملون حالياً في الحكومة والقطاع الخاص يصل عددهم إلى 294 ألف، منهم 127 ألف سعوديين والباقي 167 غير سعوديين، فهذا تحدٍ كبير أمام وزارة الصحة ووزارة العمل.

فبالنظر من خارج الوزارة، نجزم أن هناك فرصة لاستفادة من الكوادر البشرية الوطنية (العاطلة) حتى وإن تطلب إعادة تأهيل بعضهم، ربما يكون صعوبة في سعودة الكادر الطبي، أما الكادر التمريضي والفني فربما يمكن سعودته كما تم سعودة معيدي ومعيدات جامعة جازان كما سبق ذكره،، وهذا يتطلب وضع استراتيجية من قبل وزير الصحة فالكثير يأمل به خيراً فتعيينه والثقة التي أولاه خادم الحرمين لم تكن إلا بناء على كفاءته وقدرته على تصحيح قطاع التوظيف مثل بقية التحديات الأخرى، متمنين له التوفيق والنجاح في مهمته.

 

نقلا عن الجزيرة