نعلم جميعا أن الحكومة اتخذت قرارا واضحا بخفض الدين العام خلال السنوات السابقة. هذا القرار أضاف متانة للوضع المالي في المملكة خصوصا خلال التقلبات الاقتصادية مثل التي نعيشها حاليا.
المعلومات المتوفرة عن الدين الحكومي القائم قليلة نسبيا خصوصا ان آخر اصدار لسندات الحكومة كان في عام 2007 وجميع السندات الحكومية تستحق السداد في الأعوام الثلاث القادمة (2015, 2016, 2017) حسب ما تشير قاعدة بيانات بلومبيرغ.
بعد إعلان الميزانية تحدث العديد من الاقتصاديين عن احتمالية اتجاه المملكة للاقتراض لسد جزء من العجز. في وجهة نظري، يبقى هذا الخيار مستبعدا على الأقل في النصف الأول من 2015. لكن اذا ما قررت وزارة المالية الاقتراض، قد تستفيد من انكشاف البنوك على مؤسسة النقد عن طريق أذونات الخزينة وتحويل جزء من هذه المبالغ لسد نسبة من العجز.
على الرغم من أن إجمالي الدين العام كان ينخفض باستمرار، إلّا أن اصدارات مؤسسة النقد من أذونات الخزينة اخذت في الارتفاع في نفس الفترة لإدارة فائض السيولة في النظام المالي الذي أتى نتيجة الانتعاش الاقتصادي في السنوات الأخيرة. إذا نظرنا الى الرسم البياني التالي، سنجد أن إجمالي أذونات الخزينة القائمة ارتفع بحوالي146 مليار ريال في الفترة ما بين 2009 و نوفمبر 2014.
نلاحظ من الرسم البياني أيضا أن اجمالي أذونات الخزينة انخفضت عام 2009 مقارنة مع 2008 عندما واجهت الميزانية عجزا. طبعا لا يتوقع أن مستوى أذونات الخزينة سيعود إلى مستوى 78 مليار كما كان في 2009 (مقارنة بـحوالي 245 مليار حاليا) بحكم ان الاقتصاد نما بقوة منذ ذلك الحين، لكن سيكون من المنطقي أن تكون نسبة أذونات الخزينة إلى بعض المؤشرات الاقتصادية الأخرى مقاربة لما كانت عليه في 2009. في محاولة لقراءة مستويات أذونات الخزينة المتوقعة، اخترت المؤشرات التالية :
• أذونات الخزينة إلى مطلوبات المصارف من القطاع الخاص
• أذونات الخزينة إلى العرض النقدي ن3
• أذونات الخزينة إلى مجموع أصول البنوك
عادة خلال فترات التباطؤ الاقتصادي، تعمد البنوك المركزية لتقليل كمية اصدارات أذونات الخزينة في محاولة لتوجيه السيولة للقطاع الخاص ودفع عجلة الاقتصاد.
لكن تستطيع الحكومة في ظل الظروف الحالية اعادة توجيه هذه السيولة إلى الدولة (وزارة المالية) عن طريق اصدار سندات حكومية لسد جزء من عجز الميزانية.
إذا افترضنا من الرسم البياني السابق أن تستخدم النسب المئوية لعام 2009 كنسب مستهدفة لتحديد حجم أذونات الخزينة في عام 2015، نستطيع ان نقدر حجم الانخفاض في أذونات الخزينة ما بين 90-105 مليار ريال.
هذه السيولة تستطيع سد جزء كبير من العجز خصوصا أن البنوك المحلية متعطشة للاستثمار في أوراق حكومية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
هناك خيار آخر وهو لم يفعل بعد بالشكل المطلوب رغم أنه لقي نجاحا في السوق، وهو خيار تقديم الحكومة لضمان مالي لمشروع معين ليتم تمويله عن طريق السوق (البنوك والمستثمرين الآخرين). يمثل هذا الخيار سيناريو مثالي لبعض مشاريع البنية التحتية لأنه يقدم للحكومة فوائد أخرى بالإضافة إلى التمويل:
• تطوير سوق الصكوك وأدوات الدين.
• توجيه السيولة إلى المشاريع التنموية ذات الفائدة العامة.
• وضع مزيد من المسؤولية على أصحاب هذه المشاريع (المؤسسات والدوائر الحكومية) لرفع الكفاءة وزيادة الشفافية بحكم أن المستثمرين سيراقبون هذه المشاريع بصورة مكثفة .
مثلت صكوك الهيئة العامة للطيران المدني مثال جيد للصكوك المضمونة من الدولة ليس فقط على مستوى المملكة، بل أيضا على مستوى الأسواق الناشئة.
وعلى الرغم من وجود بعض الصعوبات القانونية التي قد تحد من قدرة مؤسسات أخرى على تطبيق مثل هذه الفكرة، إلّا أن الحلول لن تكون مستحيلة إذا ما رغبت الحكومة في إعادة تطبيق هذه التجربة.
مشكور على المعلومات القيمة.. سؤالي لماذا ربطت أذونات مؤسسة النقد باقتراض الحكومة؟ مثل ما ذكرت أنت، أذونات المؤسسة مثلها مثل اتفاقيات أعادة الشراء تصدر من قبل المؤسسة لأغراض السيولة وليست مرتبطة بالدين العام للدولة. بينما وزارة المالية قد تقرر إصدار سندات خاصة بها (بعيداً عن مؤسسة النقد). أمور شيقة تحدث عندما تقوم المؤسسة بشراء السندات التي تصدرها وزارة المالية!!
شكرا أخي sharpshooter أوافقك الرأي انه لا علاقة مباشرة بين اذونات الخزينة واقتراض وزارة المالية. لكن كما ذكر في المقال أنه من المتوقع أن تخفف مؤسسة النقد من اصدار اذونات الخزينة وفي هذه الحالة سيعود فائض السيولة للبنوك، وهذا يشكل فرصة اذا ما رغبت وزارة المالية بالاقتراض بحكم أن البنوك سترغب في استثمار هذه السيولة في أوراق حكومية سواء كانت من مؤسسة النقد أو وزارة المالية أو حتى صكوك مضمونة من الدولة
ماذا يحدث عندما تقوم المؤسسة بشراء السندات التي تصدرها وزارة المالية؟ سؤال موجه للأخ محمد والقراء.