نظام الظل المصرفي هو مجموعة من الوسطاء الماليين غير المصرفيين الذين يقدمون خدمات مماثلة للمصارف التجارية التقليدية.
ويشمل النظام كيانات مثل المحافظ الوقائية، ومحافظ أسواق المال، وأدوات الاستثمار المهيكلة ومحافظ الاستثمار الائتمانية، وتبادل الأموال المتداولة، ومحافظ الائتمان الوقائية، ومحافظ الأسهم الخاصة، ومقدمي التأمين على الائتمان، والتوريق وشركات التمويل.
وللتعلم من دروس الأزمة العالمية التي تفجرت عام 2008 ولا نزال نعيش تداعياتها إلى اليوم، لا بد من إبراز خطر داهم آخر نبه إليه تقرير الاستقرار المالي الذي أصدره صندوق النقد الدولي أخيراً حول خدمات الظل المصرفية.
ويحتوي التقرير بيانات مذهلة عن حجم نظام الظل المصرفي العالمي، الذي عَرَّفَه التقرير بوصفه «الكيانات والنشاطات التي تشمل الوساطة الائتمانية خارج النظام المصرفي العادي».
ولم تتكشف أهمية هذا النظام إلا من خلال تحليل الأدوار الرئيسة التي أدتها الأدوات الاستثمارية المهيكلة وصناديق أسواق المال في انهيار 2008.
ووجد التقرير أن حجم نظام الظل المصرفي ازداد بمقدار 33 تريليون دولار بين 2002 و2007 ليبلغ 50 تريليون دولار ثم انخفض إلى 47 تريليون دولار عام 2008 إلا أنه ارتفع إلى 60 تريليون دولار عام 2013.
ولافت أن النظام ينتعش عاماً بعد عام، إذ ارتفعت قيمته في أوروبا من تسعة تريليونات يورو عام 2006 إلى 21 تريليوناً عام 2013. وباتت قيمة هذا النظام سنوياً تعادل ضعف قيمة النشاطات المصرفية الخاضعة لرقابة المصرفية المقدرة قيمتها بنحو 15 تريليون يورو.
وفي حين تطالب مقررات «بازل 3» المصارف الدولية برفع سيولتها المالية وتبني نظام تعامل شفافاً مع الجهات كلها، ها هو النظام المالي الأوروبي والعالمي يسعى إلى التهرب من هذه المقررات من خلال نظام الظل المصرفي. ويؤكد خبراء أن هذا النظام ساهم في السنوات الماضية في زيادة الأخطار المصرفية في العالم بما نسبته 30 في المئة.
ويتسم نظام الظل المصرفي بالتعقيد، لأنه يشمل خليطاً من المؤسسات والأدوات، وتمثل صناديق الاستثمار 29 في المئة من الإجمالي، في حين تمثل أدوات الاستثمار المهيكلة نحو تسعة في المئة، لكن نظام الظل يشمل أيضاً مؤسسات مالية عامة (مثل شركات إقراض الرهن العقاري المدعومة من قِبل الحكومة كشركة «فاني ماي» في الولايات المتحدة).
وهي تُعد من بين أضخم الأطراف المقابلة للنظام المصرفي العادي، وقد يمثل مجموع إنشائها للائتمان والملكية التجارية والتحوط قسماً كبيراً من تدفقات السيولة العالمية، التي تجعل ضمان الاستقرار المالي أمراً بالغ الصعوبة.
ويرى التقرير أن هناك أسباباً وراء هذا التضخم. الأول أن الائتمان الذي يجري إنشاؤه في الخارج، ومن خلال الأدوات الاستثمارية المهيكلة غير الداخلة في الموازنات العمومية، لا تسجله إحصاءات ميزان المدفوعات الوطنية.
والسبب الثاني يتلخص في صعوبة قياس نشاطات كهذه وذلك لأن غالبيتها تدار من خلال المشتقات المالية في الأسهم الاختيارية والآجلة والمقايضات، التي يجري التعامل معها باعتبارها خارج الموازنات العمومية.
ويعني ذلك أن الأخطار الكثيرة التي كانت تؤثر في المصارف لم يقل عددها وإنما انتقلت إلى الظل المصرفي إذا صح التعبير.
لذلك بات العالم مهدداً مجدداً بسيناريو خطير يتمثل في احتمالات انهيار كيان آخر من كيانات نظام الظل المصرفي، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى شلل التجارة العالمية، كما حدث في 2008.
فحتى الآن لم ينجح اتفاق «بازل 3» في شأن كفاية رأس المال وغير ذلك من الإصلاحات الحديثة في حماية التمويل التجاري من هذه الصدمات المحتملة.
ونخلص من ذلك أن المصارف المركزية العربية وبالتنسيق مع اتحاد المصارف العربية في حاجة ماسة إلى رصد وفهم الدور الذي يؤديه نظام الظل المصرفي من خلال وضع تعريف له، خصوصاً في محيط الصناعة المصرفية العربية وسواء من اللاعبين داخل هذه الصناعة أو من المتعاملين الدوليين معهم، مع وضع ضوابط واضحة لمراقبة القطاع وكذلك وضع تشريعات متينة وملائمة للحد من أخطاره المصرفية والاقتصادية.
نقلا عن الحياة