بعد أسبوعين متتاليين من التراجعات تمكن سوق الأسهم السعودية من وضع حد لتلك الخسائر، حيث حقق مكاسب للأسبوع المنصرم بحوالي 32 نقطة فقط أي بنسبة 0.3%، ورغم قلة تلك المكاسب إلا أنها كانت بمثابة الضوء الذي بدأ يلوح في آخر النفق، وذلك في رأيي يعود لانتهاء أكبر اكتتاب على الاطلاق في تاريخ السوق السعودي وهو اكتتاب البنك الأهلي بالإضافة إلى سرعة إدراجه في بادرة أعتقد أنها مفهومة من هيئة سوق المال، حيث إنها تطمح إلى عدم ترك ذلك الإدراج أي أثر سلبي على السوق خاصةً في هذا التوقيت الحرج والذي فقد فيه السوق أكثر من 13.5% منذ أن بدأ مسلسل التراجعات في سبتمبر الماضي وحتى الآن.
أما من حيث السيولة، وهي المقياس الحقيقي لقوة المسار، فقد تجاوزت مستوى 36.9 مليار ريال أي أكثر من الأسبوع الذي قبله بحوالي 2.3 مليار ريال، وهذا الارتفاع في السيولة يوحي بأن الارتداد الحاصل خلال الأسبوع الماضي رغم قلة مكاسبه سيواصل مسيرته خلال الأسبوع الحالي، وقد يكون ذلك الأمر مدعوماً بمواصلة البنك الأهلي سلسلة النسب التي بدأها يوم الأربعاء الماضي في أول يوم إدراج له، مما يرجّح تلك الفرضيّة هو قوة الطلبات التي شهدها البنك خلال اليومين الماضيين حيث إن الطلبات عليه بلغت أكثر من 150 مليون سهم على النسبة القصوى وهذه الارتفاعات ستبث حالة من التفاؤل بين المتداولين وستقلل من الحالة السلبية التي قد يسببها انخفاض أسعار النفط ووصولها إلى مستويات لم تبلغها منذ أكثر من 4 سنوات.
أهم الأحداث العالمية
كان انخفاض أسعار النفط لمستويات قياسية هذا العام هو حديث الساعة، حيث كسر خام برنت مستوى دعم 82 دولارا وهو المستوى الذي كان يعوّل عليه الكثيرون بالارتداد من عنده خاصةً مع دخول فصل الشتاء وارتفاع الطلب عليه، بالإضافة إلى تقارير خاصة كانت قد نُشرت قبل اجتماع منظمة أوبك والذي سيعقد في 27 من الشهر الحالي وكانت تشير إلى احتمال خفض السعودية إنتاجها حتى تعود الأسعار إلى ما فوق 90 دولارا للبرميل وهو الطلب الرئيسي لأعضاء المنظمة لكن المملكة قد ترفض ذلك الطلب حيث أشار وزير البترول والثروة المعدنية علي النعيمي بمؤتمر في منتجع أكابولكو المكسيكي إلى أن الأسعار لا تشهد حرباً لكنها تخضع لمقاييس العرض والطلب، وأضاف ان السعودية ترى أن الأسعار الحالية هي أسعار عادلة. وهذا التصريح في نظري قد يدفع الأسعار نحو الاستمرار في الهبوط حتى الدعم الثاني عند 72 دولارا وهو الملاذ الأخير للأسعار، فكسر تلك المنطقة يعني أن الأسعار ستهبط لمستويات 58 دولارا وهو مستوى لم تشهده الأسعار منذ عام 2009م.
أما خام وست تكساس فلم يكن بأحسن حالاً من سابقه حيث واصل مسلسل خسائره ليلامس أدنى نقطة له في 4 أعوام عند 74 دولارا وذلك بعد سبعة أسابيع من الهبوط المتواصل ليتجه نحو الدعم الأخير له عند 71.50 دولار قبل أن يفقد خانة السبعينات ويتجه نحو منطقة 60 دولارا، وهذا الأمر إن حصل لا شك أنه سيكون كارثيا على اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية والذي هو بالفعل يعاني من أزمة ديون خانقة أصبحت على مشارف 18 تريليون دولار كأكبر دولة مدينة في العالم. وفي خضمّ هذه التقلبات قد يظن المستثمر أن الذهب هو الاستثمار الآمن في الوقت الحالي لكن ذلك الأمر غير صحيح، فمع مواصلة سعر الدولار الارتفاع لا يمكن لأسعار الذهب أن ترتفع هي الأخرى فمنذ أن فشل المعدن الثمين في اختراق مقاومة 1,180 دولارا فقد بات من المرجح أن تتجه الأسعار لما دون 1,000 دولار، ولا يزال هذا الاحتمال قائماً ما دامت الأسعار تحت مستوى المقاومة المذكور.
أهم الأحداث المحلية
من أهم أحداث الأسبوع إدراج سهم البنك الأهلي كأسرع شركة إدراجاً على الاطلاق حيث لم يتم الاعلان عن موعد الإدراج إلا قبله بـ 48 ساعة فقط وذلك لحساسية التوقيت وكبر حجم الإدراج، لكن من الملاحظ أن الأسهم المتداولة عليه خلال اليومين الماضيين كانت قليلة جداً بالمقارنة مع الكميات المطلوبة، وهذا الأمر يشير إلى أن مسلسل النسب سيتواصل هذا الأسبوع أيضاً لكني لا أتوقع أن يستمر حتى نهاية الأسبوع.
أيضاً شهد هذا الأسبوع بداية اكتتاب شركة الصناعات الكهربائية والتي تعد من الشركات الحديثة في السوق حيث صدرت الموافقة على إنشائها عام 2007م، وقد بلغت أرباح الشركة الصافية خلال العام 2013م حوالي 165.2 مليون ريال، فيما بلغت أرباحها الصافية للأشهر التسعة الأولى من هذا العام نحو 112.9 مليون ريال مما يوضح مدى قوة أداء الشركة. يُذكر أن الاكتتاب سينتهي يوم غدٍ الاثنين ومن المتوقع أن يتم تخصيص الأسهم وإعادة الفوائض المالية في مدة أقصاها يوم الخميس المقبل.
التحليل الفني
بالنظر إلى الرسم البياني لسوق الأسهم السعودية أجد أن المحافظة على دعم 9,600 نقطة وارتفاع السيولة مقارنةً بالأسبوع قبل الماضي عاملان قد يدفعان السوق على الاستمرار في الصعود حتى مشارف 10,050 نقطة، لكن هذا الأمر مرهون بتخطى مقاومة 9,800 والتي سيعطي تجاوزها المزيد من الزخم للسوق. أما كسر دعم 9,470 نقطة فيعني أن السلبية ستكون هي الطاغية على أداء السوق، وأنه من المرجّح أن يكسر السوق أدنى قاع له خلال الفترة الماضية عند 9,347 نقطة، وأنه سيتجه لتسجيل قاع جديد أدنى من القاع المذكور آنفاً واتوقع أن يكون عند 9,200 نقطة كمحطة هبوط أولى.
أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف سيكون هو الذي سيقود تداولات السوق صعوداً وسيعمل على خلق توازن في حالة تم الضغط على المؤشر العام بواسطة قطاع الصناعات البتروكيماوية كونه هو المتضرر الأكبر من تراجع أسعار النفط، وسيكون أداء المصارف ايجابياً نظراً لاستمرار الطلب على أسهم البنك الأهلي واستمرار محافظة القطاع على دعم 21,200 نقطة ليتجه بعدها إلى مقاومة 22,780 نقطة وهذا سيتوافق مع سيناريو ارتفاع السوق إلى مشارف 10,000 نقطة.
من جهة أخرى، أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية لا يزال يحاول جاهداً التحرر من سيطرة المسار الهابط واتوقع أن يكون له ذلك بمجرد الثبات فوق منطقة 7,400 نقطة، عندها سيكون دافعاً ايجابياً للسوق بجانب قطاع المصارف وسيتجه نحو مقاومة 7,800 نقطة كمرحلة أولى.
أما القطاعات الايجابية المتوقعة لهذا الأسبوع فهي قطاعات الاسمنت والطاقة والزراعة والاتصالات والاستثمار الصناعي والتطوير العقاري والنقل والإعلام.
في المقابل، اتوقع أن تكون قطاعات التجزئة والتأمين والاستثمار المتعدد والتشييد والبناء والفنادق والسياحة ضمن القطاعات السلبية.
نقلا عن اليوم