من المعلوم انه لا يدخل صاحب رأس المال في أي صفقة أو تجارة أو استثمار إلا بعد تردد وتفكير وسؤال من لديهم الخبرة في تلك المجالات.
فرأس المال معروف عنه بأنه جبان. ولكن ماذا لو كان المال ليس مالَك ولا يهمك إن نجحت الصفقة أم لا، ما دام سيدخل جيبك مرتب كبير آخر الشهر ومخصصات في آخر العام.
في أمريكا الكل عرف وسمع عن قصة شركة (إنرون) العملاقة التي كانت تتمتع بسمعة جعلتها من افضل الشركات في امريكا وتوظف حوالي (20) ألف موظف وبدخل وصل في آخر سنواتها إلى (110) بلايين دولار.
ومع ذلك وبين يوم وليلة اتضح أن هذه الشركة مفلسة تماما وأن أرباحها وسجلاتها المالية لم تعكس الواقع.
والبعض من إدارييها الكبار لم يهمهم المستثمر أو الشركة ولم تكن هناك عليهم مراقبة بالشكل الصحيح.
وبالطبع تم الإعلان عما حصل لتقوم بعدها امريكا بسن قانون لمراقبة الشركات الكبيرة وحساباتها.
وبمعنى آخر انه مهما كان حجم الشركة ورأس مالها فبسبب أخطاء صغيرة متراكمة من الممكن وفي خلال أيام أن تخسر أو تفلس الشركة.
وهذه أمور تحدث بين الحين والآخر في جميع دول العالم ولكن ردود الأفعال تختلف بين دولة وأخرى حول ما يتم عمله إن حدث شيء مثل هذا القبيل.
وفي المملكة نسمع بين فترة واخرى خبرا عن شركة خسرت الكثير في سوق الأسهم وتأثر الكثير من المساهمين، وهذا أمر طبيعي يحدث في سوق الأسهم، ولكن المشكلة تكمن لدينا في عدم وضوح سبب الخسارة وأكثر من ذلك هو أن جزءا كبيرا من تلك الخسائر يعود إلى صفقات واستثمارات تنقصها الشفافية وهذا هو وجه الغرابة.
فمعروف عن الشركات عدم المركزية وغياب البيروقراطية ويوجد مراقبة أكثر بعكس المؤسسات الحكومية والتي تأتيها الميزانيات السنوية بصورة تلقائية وكل ما هو مطلوب منهم هو الصرف.
وفي الوقت الحالي أصبحت الأسواق العالمية مرتبطة مع بعضها البعض وتكون تحت تأثير أي متغير اقتصادي.
وسوق الاسهم السعودية هي من اقوى الأسواق الناشئة في العالم لتصبح السوق السعودية تحت تأثير أي عوامل خارجية وإضافة لذلك لها تأثير على ما يجري في الخارج.
ويقول الكثير: إن أحد اسباب نزول مؤشر سوق الأسهم السعودية بصورة عامة هو بسبب تدني أسعار النفط ولكن الكل يعرف أن هناك اسهم شركات هبطت بمعدلات كبيرة لدرجة ايقاف التعامل بأسهمها لعدة ايام، وبعد إعادة تداول أسهمها هبطت بصورة كبيرة وتكبدت خسائر وصلت للبلايين.
ورغم انه تم الإعلان عن الأسباب ولكن لا تزال الصورة ضبابية حول اتفاقيات لم يتم لها الاستمرار أو إلغاؤها أو ماذا حدث في مجالس إداراتها.
وفي الوقت الحالي هناك الكثير من المساهمين ممن يعتمد اعتمادا كليا في استثماراته على سوق الأسهم السعودية لثقته الكبيرة بالاقتصاد السعودي، ولكن إن استمرت الهزات في بعض شركاتنا الكبيرة وغابت الشفافية، فمن الممكن ان تهتز الثقة للمسثمر السعودي.
وكما قلنا إن رأس المال جبان وبهذا سيقوم المستثمر السعودي باستثمار أمواله في الخارج حتى لو كان المردود أقل، ولكنه يريد أن يكون أكثر اطمئنانا على استثماراته. ولكن هذا شيء فيه ضرر على الاقتصاد السعودي.
صدقت الوضع لدينا غير مطمئن بالنسبة للمستثمر المحلي فما بالك بالمستثمر الاجنبي الذي يجد اسواقاً اكثر كفاءة واقل مخاطرة من سوقنا الذي تنقصه الشفافية والمراقبة الواضحة بدئاً من طرح الاسهم للاكتتاب وحتى بعد اعطاء الشركة ايحاء للمستثمرين بانها واحدة من افضل شركات السوق (موبايلي كمثال)