في العقود الماضية رأت المملكة مشاريع عملاقة لا تزال تعتبر علامات فارقة في مراحل التطور الذي رأته المملكة منذ اكتشاف النفط عام 1938م.
واكتسبت هذه المشاريع شهرة ليس على الصعيد المحلي فقط، بل إن بعضها كان ولا يزال يتمتع بنفس الشهرة منذ تنفيذها.
وما يميز هذه المشاريع العملاقة التي بنيت منذ عقود هو أن المواطن العادي كان يحس بوجودها ويلحظ تأثيرها الإيجابي على حياته اليومية.
وأمثلة بسيطة من هذه المشاريع هو بناء خط سكة حديد بطول 600 كم - بناء معمل تكرير في رأس تنورة - بناء خط أنابيب بترول (التابلاين) بطول 1600 كم - بناء فرضة تصدير- مشروع الصرف والري بالأحساء - شق شبكة طرق تعتبر في ذلك الوقت نقلة نوعية - بناء عدة مطارات أحدها الأفضل تصميما في العالم في الظهران - مصانع الأسمنت وبالطبع يوجد الكثير من المشاريع الأخرى التي لا يتسع المقال لذكرها جميعا.
وكل هذه المشاريع تجمعها صفات موحدة رغم اختلاف الغرض من كل منها.
كل هذه المشاريع تم بناؤها في أوقات قياسية وبتكلفة لو قدرت بحسابات مالية اليوم فلن تجد أيا منها يبلغ تكلفته البليون، بل إن مطار الظهران الدولي بلغت تكلفته في ذلك الوقت أربعين مليون ريال فقط.
والاكثر من ذلك هو أن الكثير من المشاريع التي تم بناؤها في تلك الأزمنة وما بعدها بفترات قصيرة لا تزال بنفس الجودة والجمال رغم مرور عشرات السنوات منذ إنشائها.
ولا نذكر أننا سمعنا عن أي سقف تسربت منه مياه أمطار في أبنية تلك المشاريع. ولم نر اي تشققات في جدران تلك الأبنية أو اي تصدعات في بنيتها التحتية.
وأكثر من ذلك هو اننا لم نسمع عن قيام اي كان بملامسة المال العام الخاص بتلك المشاريع في وقت لم يكن هناك أجهزة رقابية بالمعنى الواقعي. وأهم نقطة هو أن المجتمع وسوق العمل المحلي كان يستفيد من كل مشروع يتم طرحه.
ولكن وفي الوقت الحالي ومع توفر أجهزة رقابية على المال العام وتوافر أجهزة رقابية على نوعية البناء ومراقبين هندسيين وماليين لمشاريع بليونية، إلا أننا لا نحس بهذه المشاريع.
ورأينا الكثير من المشاريع التي كلفت بلايين ولكن عند هطول أو قطرات مطر أو هبوب اي ريح خفيفة إلا وترى العجب العجاب.
وأمر آخر وهو الأهم حيال المشاريع البليونية وهو عدم استفادة سوق العمل المحلي، بل إن الكثير من هذه المشاريع اصبح رافدا مهما لجلب عمالة أكثر في وقت بلغ عدد الأجانب حوالي ثلث عدد السكان. وبمعنى آخر هو ان المواطن لم يستفد من هذه المشاريع البليونية ولم ير الجودة المطلوبة فيها.
وأصبح بعض هذه المشاريع ضررها أكثر من نفعها خاصة فيما يتعلق الأمر بتأثيرها على البيئة وتأثيرها على مصادر مالية مستقبلية كون أي مشروع بليوني يحتاج إلى ملايين ليست بالقليلة لتبقيه صالحا للاستعمال لعقود طويلة. فهل يرجع السبب إلى أننا أفقدنا البليون هيبته؟
نقلا عن اليوم