توقعت في مقال الأحد الماضي أن تعود أسعار الأسهم إلى الإرتفاع بعد أن توقفت مؤشرات الأسهم الأمريكية والأوروبية عن التراجع، وأضفت إلى ذلك سبب محلي يتعلق بتوالي إفصاح الشركات عن نتائجها للربع الثالث من العام الحالي؛ حيث تُظهر كثير من الشركات-استناداً إلى ما حققته في نصف العام- تحسناً في النتائج ونمواً في الأرباح عن الفترة المناظرة من العام السابق، وهو ما قد يدفع المستثمرين إلى العودة للسوق سريعاً.
وهذه العودة المحتملة مبنية على أحد أمرين أو كليهما؛ فإما الرغبة في انتظار توزيعات نهاية العام التي اقترب أجلها، أو لقناعة بأن أسعار الأسهم ستظل متماسكة في الشهور القادمة حتى توزيع الأرباح إن لم ترتفع، وتحقق أرباحاً رأسمالية.
وقد حدث ما توقعته؛حيث ارتفع المؤشر العام بنحو 524 نقطة، اقترب بها ثانية من أعلى مستوياته لهذا العام.ولا يزال من المتوقع حدوث المزيد من الارتفاعات هذا الأسبوع لنفس العاملين المشار إليهما أعلاه، وهما تواصل ارتفاعات مؤشرات الأسهم الأمريكية والأوروبية من ناحية، وتوالي إفصاحات الشركات القطرية عن نتائجها.
وبالنسبة للعامل الثاني نجد أن 18 شركة ستعلن عن نتائجها في الأسبوع الحالي بحيث تكتمل الإفصاحات لكل الشركات باستثناء فودافون.
إلا أن هناك عاملا واحدا لا يزال يشكل علامة ضعف على أداء البورصة وهو تراجع التداولات الشهرية مقارنة بما كانت عليه في النصف الأول من العام الحالي.
ففي حين كان إجمالي التداول في حالة تنامي مضطرد في الشهور الخمسة الأولى من العام؛ بحيث اقترب من مستوى 26 مليار ريال ما بين شهري إبريل ومايو، فإن الرقم قد تراجع بشكل ملحوظ في الشهور التالية لذلك بحيث أنه انخفض إلى نصف ما وصل إليه وقت الذروة تقريباً؛ أي إلى 13,9 مليار ريال في شهر سبتمبر، وأنه قد ينخفض في أكتوبر إلى حدود 11,5 مليار ريال فقط لسبب إضافي هو إجازة عيد الأضحى المبارك.
ونستخلص من تتبع ظاهرة الانخفاض في أحجام التداول ما يلي:
1-أن الارتفاع المضطرد في الأحجام خلال النصف الأول كان في معظمه مرتبطًاً بحدثين مهمين، هما الاكتتاب في أسهم شركة مسيعيد، وتوقعات دخول المزيد من الاستثمارات الأجنبية للسوق القطري بعد ترفيع بورصة قطر إلى سوق ناشئة بدلأً من مبتدئة من جانب مورجان ستانلي في الثاني من يونيو وستاندرد آند بورز يوم 22 سبتمبر.
2-أن الإكتتاب في سهم مسيعيد كان له تأثيراً بعيد المدى على أحجام التداول، باعتبار أنه أضاف أسهم شركة كبيرة للسوق، وما تبع ذلك مع عمليات بيع وشراء مكثفة على السهم.
وفي المقابل فإن تأثير التوقعات على قرار الترفيع كان قصير الأجل، وسرعان ما تلاشى معظمه بعد أن تبين أن المحافظ الأجنبية بطبيعتها لا تشتري لمجرد فتح الأبواب لها، وإنما هي تبحث عن فرص حقيقية للاستثمار والربح، وأنها بقدر ما تدخل للسوق بقدر ما تخرج منه سريعاً لجني الأرباح، وهو ما تحقق بالفعل في الفترة التي سبقت إجازة عيد الأضحى، وتلك التي أعقبته.
3-أنه لكي تعود أحجام التداول إلى الارتفاع من جديد بحيث تتجاوز العشرين مليار ريال شهرياً، ونحو المليار ريال يومياً، فإن ذلك يتطلب تنشيط الاكتتابات في أسهم شركات جديدة، ومن ثم إدراج تلك الشركات في البورصة على غرار ما حدث هذا العام في اكتتاب مسيعيد.
وفي حين أن لدى الحكومة توجيهات من حضرة صاحب السمو الأمير المفدى بطرح أسهم شركات جديدة بعد اكتتاب مسيعيد من حصص قطر للبترول في الشركات التي تملكها، فإن التنفيذ يمكن أن يكون بصورة مغايرة، بحيث لا تتكرر الأخطاء التي حدثت في اكتتاب مسيعيد أو عند إدراج أسهمها في البورصة.
والخلاصة أن إجمالي التداول اليومي أو الشهري مؤشر مهم جداً على قوة وفعالية أداء البورصة ويجب العمل على زيادة قيمة التداولات، وأن لا يُسمح لها بالانخفاض ثانية إلى ما دون 500 مليار ريال.
ويظل فيما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.