من المنتظر أن تعود أسواق الأسهم الخليجية إلى الاستقرار هذا الأسبوع بعد أن انقشعت الغيمة وعادت مؤشرات الأسهم في أوروبا والولايات المتحدة إلى الارتفاع يوم الجمعة.
والملاحظ أن مجموعة من العوامل قد ساعدت في عودة الاستقرار منها أن مؤشر ثقة المستهلك الذي صدر في الولايات المتحدة يوم الجمعة قد ارتفع إلى أعلى مستوى له في 7 شهور، وأظهرت إفصاحات بعض الشركات الأمريكية عن نتائجها في 9 شهور، زيادةً في الأرباح بأكثر مما ذهبت إليه توقعات المحللين.
ومن جهة أخرى توقع المستثمرون أن تواصل البنوك المركزية عملية ضخ السيولة لتحقيق مزيد من التحسن في الأداء الاقتصادي.
وعلى الصعيد المحلي انخفضت مؤشرات الأسهم نتيجة لعمليات بيع مكثفة قامت بها المحافظ الأجنبية في الأسبوع الماضي بلغت نحو 566 مليون ريال صافي في بورصة قطر. ومن المنتظر أن تعود تلك المحافظ إلى الشراء مجددا، بعد أن هدأت الأسواق العالمية.
على أن هناك من ربط بين انخفاض أسعار النفط وتراجع أسواق الأسهم باعتبار أن الانخفاض المشار إليه سيؤثر على برامج الإنفاق على البنية التحتية من ناحية ويخفض بشدة كلاً من الفائض في الموازنة العامة للدولة ومعدل النمو الإسمي للناتج المحلي الإجمالي القطري.
الجدير بالذكر أن سعر برميل الأوبك قد انخفض حتى يوم الخميس الماضي إلى مستوى 81,17 دولار للبرميل، مقارنة بـ 92,25 دولار قبل العيد، وهو أكبر انخفاض تعرفه أسواق النفط منذ عام 2008.
وكان السعر حتى بداية يوليو مستقراً عند مستوى 107 دولار، أي أنه فقد 26 دولاراً للبرميل في غضون ثلاثة شهور.
والحقيقة أنه رغم الانعكاسات السلبية لأي انخفاض في أسعار النفط على كافة مصدري النفط في العالم بما فيهم قطر، إلا أن التأثير المتوقع على قطر سيكون الأقل خلال عام 2015، وذلك للأسباب التالية:
1-أن الموازنة العامة للدولة في قطر يتم احتساب الإيرادات المتوقعة فيها استناداً إلى سعر برميل يعادل 65 دولار للبرميل، وأن الموازنة التقديرية كانت في كل السنوات الماضية المحسوبة على هذا الأساس مستقرة أو تسجل فائضاً محدوداً... وبالتالي فإن انخفاض السعر إلى 80 دولاراً أو حتى 70 دولاراً لن يقلق السلطات القطرية.
2-أن إيرادات قطر من صادرات المواد الكربوهيدراتية لا تأتي من النفط الخام فقط وإنما من صادرات الغاز المسال التي يتم معظمها بعقود طويلة الأجل ولا تتأثر بالتذبذبات في أسعار النفط التي قد تكون قصيرة الأجل.
3-أن لدى قطر استثمارات خارجية واحتياطيات مالية كبيرة نسبياً ستساعدها على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية في برامج تطوير البنية التحتية وتنفيذ المشروعات المرتبطة بإقامة كأس العالم في قطر عام 2022.
ومع ذلك فإن السؤال الأهم هو ما إذا كانت أسعار النفط ستنخفض بشدة إلى ما دون 65 دولاراً للبرميل أم لا باعتبار أن ذلك-إذا حدث- سيدخل الموازنة العامة في مرحلة العجز المالي السنوي، ويسهم بالتالي في سرعة استنفاد الاحتياطيات؟
الإجابة على هذا السؤال تكون غالباً بالنفي وذلك لأن هكذا انخفاض كبير وسريع سيؤدي إلى إعادة التوازن في سوق النفط الدولية... فإذا كان الفائض في السوق الناتج عن امدادات جديدة من منتجي النفط الصخري، ونفط الرمل ومن المياه العميقة، فإن التكلفة العالية لهكذا نفوط والتي تتراوح ما بين 70-100 دولار للبرميل سوف تعمل على توقف الإنتاج من هذه الحقول سريعاً، ومن ثم يتقلص الفائض، وتعود أسعار النفط إلى الارتفاع من جديد إلى أكثر من 70 دولارا للبرميل.
ومما سيساعد على ذلك، أن دول الأوبك لن تلعب هذه المرة دور المنتج المرجح حيث أنها في ظل انخفاض الأسعار لن تكون قادرة على خفض انتاجها حتى لا تفقد المزيد من أسواق تعاقداتها لصالح الآخرين، وحتى لا تزداد العجوزات المالية لديها.
كما أنها بسب عدم وجود فائض لديها –باستثناء السعودية- لن تقوم بزيادة انتاجها للتعويض عن تأثير تراجع الأسعار على موازناتها، وهو الأمر الذي أعلنته السعودية بالفعل.
وعليه فإن أي انخفاض حاد في الأسعار لن يكون إلا قصير الأجل، وسيتحمل منتجو النفوط غير التقليدية تبعاته، وسيساهم في إعادة التوازن للسوق النفطية، ليس فقط بخروج المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، وإنما أيضاً بسبب الأثر الإيجابي للانخفاض في الأسعار على اقتصاديات المستهلكين في الدول الصناعية، فيساعد ذلك على زيادة الطلب على النفط ومشتقاته.
وبالعودة إلى موضوعنا الأساسي وهو التأثيرات المحتملة على بورصة قطر والأقتصاد القطري، نجد أن من الأفضل عدم التسرع في بيع الأسهم المحلية في هذه المرحلة التي ستشهد قرب نهاية العام وتوزيع الأرباح على المساهمين.
ويظل فيما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.