الأسهم والسندات هي الأوراق المالية التي تصدرها الشركات المساهمة ويتم تداولها في سوق الأوراق المالية " البورصة ".
تعريف السهم: " فقهاء القانون التجاري على اتفاق بأن السهم هو الصك الذي يعطى للمساهم في شركة المساهمة لكي يمثل مقدار الحصة أو الحصص التي يشترك بها المساهم في رأس مال الشركة [1] " . وهناك تعريف آخر بأن السهم " يمثل نصيباً عينياً أو نقدياً في رأس مال الشركة، قابل للتداول، ويعطي مالكه حقوقاً خاصة[2] " . وعليه فالسهم هو الوثيقة التي تثبت ملكية كل شريك في موجودات الشركة على المشاع.
ورأس مال أي شركة مساهمة ينقسم ابتداءً إلى أسهم متساوية القيمة، وتلك القيمة هي القيمة الاسمية التي يصدر بها السهم ويتحدد على أساسها توزيع الأرباح، وتقدير الأغلبية في الجمعية العمومية [3]. ويعني تساوي القيمة الاسمية تساوي الحقوق التي تمنحهـا الأسهـم للمساهميـن، ولئن تكن المساواة في الأسهم هي المبدأ، إلا أن المشترع أجاز للشركة أن تصدر أسهماً ممتازة تجعل لحاملها حقوقاً ومزايا أكبر من التي يتمتع بها حملة الأسهم العادية ولكن بشرط تحقق المساواة بين هذه الأسهم الممتازة أيضاً، أي أن المساواة بين الأسهم هي مساواة طبقية فئوية وليست مساواة مطلقة. وهنا يجب التمييز بين كل من القيمة الاسمية للسهم، وقيمة إصدار السهم، والقيمة الحقيقية للسهم، والقيمة السوقية للسهم أو قيمته في البورصة.
ـ القيمة الاسمية للسهم: وهي القيمة المذكورة في الصك ومجموع القيم الاسمية للأسهم يمثل رأس مال شركة المساهمة.
ـ قيمة إصدار السهم: وهي القيمة التي يصدر بها السهم، وبالتالي لا يجوز إصدار السهم بأقل من قيمته الاسمية عند تأسيس شركة المساهمة أو زيادة رأس مالها، وأما إصدار السهم بأكثر من قيمته فلا يجوز إلا عند زيادة رأس المال، على أن تضاف الزيادة الناجمة عن الفرق بين قيمة الإصدار والقيمة الاسمية إلى الاحتياطي القانوني للشركة.
ـ القيمة الحقيقية للسهم: وهي تمثل نصيب السهم في صافي أصول وموجودات الشركة بعد إعادة تقديرها وفقاً للأسعار الجارية وبعد خصم ديونها[4] .
ـ القيمة السوقية للسهم أو قيمته في البورصة: ينبغي من حيث المبدأ أن تكون القيمة السوقية
للسهم مساوية لقيمته الحقيقية، غير أن هناك عوامل كثيرة تخل بهذا المبدأ بعضها موضوعي يتعلق بمدى سلامة المركز المالي للشركة ودرجة نجاح مشروعاتها، وبعضها يتعلق بتوقعات المتعاملين لأسعار الأسهم في الأجل القصير [5].
تعريف السند: " هو صك يمثل حقاً للمقرض أي للدائن، له قيمة اسمية واحدة، وهو قابل للتداول، تقدمه الشركة للدائن لقاء قرض طويل الأجل يتم عن طريق الاكتتاب العام [6]" . بمعنى أن السند " عبارة عن صك مديونية يثبت لحامله حق اقتضاء ما قدمه من أموال على سبيل القرض للشركة، كما يثبت حقه في الحصول على الفوائد التي تترتب على هذه المديونية في المواعيد المحددة في الصك " [7] .
•وجه الاختلاف بين الأسهم والسندات
بعد تعريف الأسهم والسندات يتبين أن السند يقترب من السهم من حيث أن كل منهما صك قابل للتداول، ويصدر كل منهما بقيمة اسمية متساوية، وغير قابلة للتجزئة بمعنى أنه لا يشترك أكثر من شخص في ملكية سهم أو سند، ومع هذا فالسهم والسند يفترقان من زوايا عديدة:
1- المساهم صاحب حق في الشركـة إذ يكون شريكاً بمقدار ما يملك من أسهم في الشركـة، بينما حامل السند دائناً للشركة فالعلاقة التي تربطه بالشركة هي علاقة دائنية ومديونية [8] .
2- ليـس لحـامل السهم إلا نصيب في الأرباح الصافية للشركـة في حال تحققهـا، بينما لحامل السند فضلاً عن حقه في استرداد قيمة السند بالكامل في ميعاد استحقاقه الحصول على الفوائد الثابتة من الشركة سواء حققت أرباحاً أم لا [9] .
3- للمساهم حق الاشتراك في إدارة الشركة والرقابة عليها من خلال الجمعية العامة للمساهمين، بينما ليس لحامل السند باعتباره دائناً أي حق في التدخل أو الاشتراك في إدارة الشركة [10] .
4- لحامل السند ضماناً عاماً على أموال الشركة فلا يسترد أصحاب الأسهم قيمة أسهمهم عند حل الشركة وتصفيتها إلا بعد الوفاء بقيمة السندات والفوائد المستحقة وكافة ديون الشركة [11] .
5- يمكن أن يصدر السند بأقل من قيمته الاسمية أي بخصم إصدار، بينما لا يمكن إصدار السهم بأقل من قيمته الاسمية [12] .
6- يتم استهلاك السندات في نهاية المدة المحددة للقرض أو خلالها وفقاً لنصوص إصدار القرض ونشرة الاكتتاب، بينما الأسهم لا تستهلك وتظل قائمة بقيام الشركة.
7- ليس هناك ميعاد لتوزيع الأرباح على المساهمين لأن ذلك رهن بانعقاد الجمعية العامة للمساهمين، بينما تدفع فائدة السندات في ميعاد دوري محدد مبين على الكوبون المرفق بالسند.
•موقف الفقه الإسلامي من الأسهم والسندات
الأسهم العادية التي تصدرها الشركات المساهمة التي لا تتعامل بالربا أخذاً أو عطاءً، ولا تتعامل في المحرمات بيعاً أو شراءً، وتساوى بين مالكيها في الحقوق والواجبات، ولا تعطي لأي مساهم أو مجموعة من المساهمين حق ذي طبيعة خاصة، بمعنى أنها تساوي بين الشركاء عند التصويت في الجمعيات العامة للمساهمين، وعند توزيع الربح، وعند قسمة صافي موجوداتها عند التصفية، هذه الأسهم قد سلمت مما يعيبها أو يجعلها موضع شبهة ويجوز الاكتتاب فيها شرعاً باتفاق الفقهاء المعاصرين، وماعداها من الأسهم التي تعطي مميزات خاصة لبعض الشركاء دون البعض الآخر كالأسهم الممتازة لا تجوز بإجماع أهل العلم.
أما السندات مهما اختلفت مسمياتها أو الجهة التي تصدرها فهي تغل فائدة ثابتة محددة زمناً ومقداراً أو متغيرة ولكنها لا ترتبط بنتيجة نشاط الشركة سلباً وإيجاباً، فهي عقد قرض اجتمعت فيه عناصر ربا الديون الثلاثة وهي: الدين، والأجل، وزيادة مشروطة في الدين مقابل الأجل، والزيادة المشروطة على أصل القرض ربا محرم شرعاً بمقتضى الكتاب والسنة والإجماع [13] .
أولاً: القرآن
لقوله تعالى: " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا " [14] ، وقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ " [15] .
ثانياً: السنة
لقوله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وشاهديه، وكاتبه " رواه مسلم [16] .
ثالثاً: الإجماع
لِما ذكره ابن المنذر: " أجمعوا على ان المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أم هدية فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا " [17] .