يغيب عن الكثيرين معرفة المعنى الحقيقي للنشاط الاقتصادي الذي لا بد ان يكون ايجابيا حتى يسمى نشاط اقتصادي, والا فانه لا يتعدى كونه مرض اقتصادي.
ومن ابرز هذه الامراض هو مرض الاتجار بالاراضي البيضاء والذي يحقق ثروات كبيره لفئة قليله على حساب فئة كبيره دون ان يخدم اي نشاط اقتصادي اخر في البلد فهو يمثل قيمة سوقيه كبيره لا تستقطب قوى عاملة معتبرة ولا تستقطب منتجات صناعية معتبرة ولا تخدم اي صناعة اخرى وهي شبيهة بالثقب الذي يبتلع الاموال وخاصة من الشريحة الاكبر من المواطنين, تلك الاموال التي تم ادخارها عبر فترة طويلة من الزمن وعلى حساب الاستهلاك الداعم للنشاط الاقتصادي بجميع اشكاله وعلى حساب التعداد السكاني ومتوسط الاعمار وعلى حساب قيمة هذه الاموال التي تعتمد على معدل التضخم و على معدل انفاق الدولة والذي هو الاخر يعتمد على جزء من دورة هذه الاموال التي لا تعود للدوران لانها تسقط في ذلك الثقب الذي سببه الاتجار في الاراضي البيضاء.
وهذا واضح من خلال تضخم اسعار الارضي البيضاء التي لم يبذل لقيمتها اي نشاط معتبر او منتج معتبر والتي تضاف على تكلفة مشروع بناء المسكن الذي وصل في ايامنا هذه الى انه تجاوز تكلفة البناء نفسها مما اضعف معه القدرة المالية للدخول في نشاط التطوير العقاري ,ورفع من كلفة التمويل العقاري و قلة فعاليته.
والنمو في هذه التجارة هو نمو حاد معاكس لاتجاه النمو الاقتصاي للبلد , لان نموه لم يساهم او يشارك في نمو فرص العمل او نمو استهلاك منتجات المصانع او نمو الخدمات بل انه اضعف معدل او ابطى من معدل بناء المساكن والمنتجات المرتبطة بها اضافة الى التاثيرات الاجتماعية السلبية الاخرى كما انه ساهم في تضخم اسعار منتجات اخرى بسبب ارتباط جزء من تكلفتها باسعار العقارات.
ولا يوجد مبرر للتردد في اتخاذ قرار يمنع هذه التجارة تماما بحيث يمنع اعادة بيع الارض البيضاء لتعتمد قيمتها على ما تحتويه من بناء او مشروع تجاري ,صناعي او زراعي , وذلك بعد معالجة المشاكل المرتبطه بها وابرزها المساهمات العقارية المتعثرة.
واتخاذ مثل هذا القرار سيقدم آلية لاستبدال ما يعرف بمنح الاراضي بمناقصات لتطويرهاء الذي لا يقتصر على البنية التحتية وحسب بل على اكمال بناء المسكن او المشروع ,والذي بدوره سيساهم في توفير الكثير من الاعباء المالية.
تشخيص رائع ومقنع للمواطنين ولكن من يقنع الاقطاعيين؟