قبل عدة سنوات كنا من قريب أو بعيد نثني على أنظمة المراقبة الالكترونية المطبقة لمراقبة حركة السير والطرق السريعة في معظم الدول المتقدمة وعواصمها، وأثر ذلك الجانب على الحركة المرورية وانضباطها مما أصبح جزءًا من ثقافة تلك الأمم، وكان الكثيرون يطالبون بأنظمة مشابهة بأن تكون متواجدة للحد من حالات عدم الانضباط والانتهاكات لأنظمة المرور وأحيانًا يتم وصفها بالجنونية الى أن أصبحت المملكة تتصدر عدد حوادث السير في العالم وحالات الوفاة نتيجة السرعة العالية خاصة على الطرق السريعة، وعندما أتى نظام ساهر استبشر الكثيرون بهذا النظام لدعم الحالة الأمنية وتأثيره الإيجابي على سلامة قائدي المركبات.
ومن جانب آخر يرون في هذا النظام انه نظام جباية وانه اصبح بمثابة معاناة إضافية تثقل جيب المواطن أو المقيم وأصبح (ساهر) هاجسًا يصعب التخلص منه.
لا شك في ان الإيجابيات التي أتى بها ساهر كثيرة، ولا اعتقد أن أي شخص عاقل يدرك أهمية هذا النظام يمكن أن ينتقد أو يعوق عمله، وهذا ما نطالب وننادي به في كل مكان، وذلك بسبب أهمية تطبيق إجراءات الأمن والسلامة وحفظ أرواح قائدي المركبات «بإذن الله»، ثم بفضل تأثير هذا النظام على حركة السير والخوف من العقوبة الجزائية المباشرة التي تتمثل بتغريم المخالف مبلغًا ماديًا نتيجة انتهاكه أنظمة المرور المعمول بها في المملكة، وقد لاحظنا تأثير ساهر الإيجابي على حركة السير والتغيير الجذري خلال سنوات بسيطة من بدء العمل به، ومتوقع المزيد من الانضباط خلال السنوات القادمة، مع التغيّر الثقافي في التعامل مع قوانين المرور والجزاءات التي تتخذ من وراء انتهاكها، فكل التحية والتقدير للقائمين على هذا المشروع.
من جانب آخر، تحدثنا في مقالات سابقة عن أهمية اعادة استثمار الأموال المحصلة من المخالفات المرورية التي سجّلها ساهر، وإعادة استثمارها في تثقيف وتطوير قائد المركبة، وكذلك تطوير الطرق بما يساعد قائد المركبة على تجنب المخالفة وانتهاك النظام في المستقبل، وهنا أطالب القائمين على النظام بأهمية الإفصاح عن المبالغ المحصّلة من المخالفات وآلية صرفها وأوجه الصرف، حيث ان الكثير من الدول تقوم بتحصيل الغرامات العامة وتضعها في صندوق خاص، ومن ثم يتم الصرف منها على الخدمات الاجتماعية التي تساعد في الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين، لذا من الأهمية أن تخصص مبالغ ساهر في هذا الاتجاه.
ومن الأهمية أن ينظر القائمون على ساهر بأن المخالفات المحصّلة ليست من مصادر الدخل للدولة، وأن كثرة المبالغ المحصّلة ليست معيار النجاح، فالإفصاح عن المبالغ من سنةٍ لأخرى والعمل على تخفيضها هو المعيار الحقيقي لنجاح تطبيق ساهر، لذا يتطلب العمل على إعادة الاستثمار في هذه المرحلة وإلغاء مفهوم الاستثمار، من أجل سلامة ووعي اكثر للمواطن والمقيم، فساهر لن يأتي لنا بالحضارة وإنما التعامل معه هو من يجعل منا اكثر تحضرًا.
نقلا عن اليوم