تراوحت نسب البطالة العربية حتى 2012 بين 16 و17 بالمئة، وسعت الدول العربية إلى تبني سياسة إصلاح ساهمت في نمو اقتصادياتها خلال الفترة من 2000 وإلى 2008 بنسبة 5.8 بالمئة سنويا، ولكن سرعان ما هوت هذه النسبة في الفترة من 2009 إلى 2011 إلى 2.4 بالمئة؛ بسبب الأزمة المالية العالمية، وذلك وفق تقرير المدير العام لمنظمة العمل العربية.
ورغم كل ذلك، إلا «أن نماذج التنمية والخيارات الاقتصادية التي تديرها الدولة في أغلب الأقطار العربية، فشلت في إيجاد الحلول الهيكلية لتوفير ما يكفي من فرص عمل» بحسب التقرير، مشددا على أن القطاع الخاص أبرز معالجات لحل مشكلة البطالة، لكنه لم يتحرر بعد ولم يمارس دوره الحقيقي عربيا، وكانت المشاريع التي يطلق عليها «كبيرة» على مستوى القطر الواحد تقاد مناصفة بين الحكومة والقطاع الذي يتكون أساسا من شركات مساهمة فيها الحكومة بشكل أساسي.
لنصل إلى حقيقة، اقتصاديات الدول العربية منفردة، لا تحقق نموا مأمولا، فهي لن تتزحزح عن نسب التنمية المعلنة لا الآن ولا بعد مئة عام، فهي اقتصاديات ضئيلة وتفتقر إلى الكثير من الديناميكية المطلوبة. وعليه، فإن التعاون العربي الذي شدد عليه التقرير هو أنجح الحلول؛ لتشكيل كيان اقتصادي خلّاق.
بالطبع، التعاون الاقتصادي هو أشبه بمقطورات مترابطة، يلزمها سكة وطريق معبّد، فالتعاون الاقتصادي يحتاج لتفاهم سياسي واجتماعي، وهو الأمر الذي نفتقده للأسف، لتبقى «الميزات التفاضلية محدودة ما لم يعززها محيط سياسي واقتصادي واجتماعي تنافسي يمكّن من رؤية واضحة وطويلة المدى».
لذا، «أغلب الاستثمارات الأجنبية تنجز فيما يسمى بالمثلث: أمريكا الشمالية والاتحاد الأوروبي وجنوب آسيا، ويأتي العالم العربي في المرتبة قبل الأخيرة بعد إفريقيا جنوب الصحراء رغم أهمية المنطقة العربية على مستويات السوق، وغزارة الموارد، وحركة إعادة الهيكلة الصناعية» وفق التقرير.
ولا يقصد التقرير بالتعاون العربي «الوحدة العربية» الكلاسيكية، وإنما الارتكاز على «البعد الاقتصادي/العقلاني» بحسب وصفه، ويقصد بذلك «التكتل الاقتصادي» والذي يمكّن الدول المتشابهة في أبعاد اجتماعية وتاريخية وقِطريّة وتوحدها لغة مشتركة في أن يكون بينها تكامل اقتصادي، يسانده استقرار إقليمي، وتفاهم سياسي وتقارب اجتماعي.
الحائل بين التكتل الاقتصادي العربي أسباب كثيرة، منها: ميل العرب إلى التعامل التجاري الأجنبي، الخلافات السياسية، التردد في الدخول بالتجارة الحرة، الارتباط بالاقتصاديات الغربية، انعدام الشفافية.
ويتباين فيها كل قطر على حدة، وإن كانت سياسة الإصلاح قد حركت بعض الركود إلا أن «مؤشرات التنمية في المنطقة العربية ما زالت متفاوتة جدا على مستوى معدلات الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات دخل الفرد ومعدلات البطالة ومعدلات التعليم وتمكين المرأة ..الخ»، بل حتى التجارة البينية بين الأقطار العربية لم تتجاوز نسبتها 10 بالمئة خلال العقدين الماضيين.
وسنؤجل طرح الحلول للمقال القادم.
نقلا عن اليوم