اتخذت الحكومة المصرية أخيراً قرارات في شأن الدعم فقررت إلغاءه للغاز وخفضه للخبز بنسبة 13 في المئة، على أن تعتمد القرارات في موازنة السنة المالية 2014 - 2015.
وخلال السنة المالية السابقة، بلغت قيمة الدعم للغاز الطبيعي نحو 1.12 بليون دولار. وتقرر رفع سعر الغاز المستخدم في عربات النقل بنسبة 175 في المئة، ورفع سعر الغاز المستخدم في مصانع الإسمنت والحديد والصلب بنسب تتراوح بين 30 و75 في المئة. ويقلص خفض دعم الخبز قيمة هذا الدعم إلى 2.6 بليون دولار من مستواه في الموازنة السابقة البالغ 2.98 بليون دولار.
لا شك في أن هذه القرارات تمثل تطوراً في الإدارة السياسية للشأن الاقتصادي، فالتكاليف الباهظة التي تتحملها الدولة من جراء تحمل الدعم السلعي ودعم الوقود زادت الأعباء ورفعت العجز في الموازنة ودفعت من ثم إلى الاستدانة فزاد الدين العام.
وساهمت هذه الزيادات في الأسعار التي واكبتها أيضاً زيادات في أسعار البنزين والسولار بنسب تتراوح بين 40 إلى 63 في المئة، في خفض الأعباء الحكومية. وربما تساعد هذه الزيادات، إذا لم تُلغَ لأسباب سياسية، في ترشيد الاستخدام في مجتمع اعتاد على دعم الدولة منذ زمن سحيق.
يذكر المؤرخون أن دعم المواد الغذائية والسلع الأساسية مؤطر في النظام الاقتصادي المصري منذ عهد الفاطميين. وتأصل الشعور لدى الأنظمة السياسية المتعاقبة في مصر بأن من الالتزامات المعنوية أن تؤمّن الحكومة الخبز والمواد الغذائية والسلع الأساسية مثل الوقود بأسعار في متناول المستهلكين.
وبعد مرور الحكومات بأزمات مالية خلال العقود الماضية جرت محاولات لرفع الدعم أو خفضه بما يمكن من خفض العجز في الموازنة العامة. لكن الاحتجاجات على تعديل سياسات الدعم أدت إلى التراجع.
وفي 1975 و1977 جرت احتجاجات عمالية وجماهيرية عندما فكرت حكومة الرئيس الراحل أنور السادات بتعديلات للدعم بناء على توصيات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير. وحدثت احتجاجات مماثلة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك عام 1986.
وحاول السادات أن يعيد هيكلة الاقتصاد ويحرره من الديون التي تراكمت في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر نتيجة لمشتريات الأسلحة والحروب التي خاضتها مصر في اليمن وضد إسرائيل. بيد أن فلسفة الانفتاح الاقتصادي لم تحقق النتائج المرجوة من ترشيد لنشاط الدولة أو خفض للإنفاق العام أو تقليص للدعم أو ترشيد للتوظيف في القطاع العام.
وتشير البيانات إلى أن الدعم السلعي كان من أهم التحديات التي واجهت إصلاح السياسات المالية في البلاد. ويمكن عزو ذلك إلى ارتفاع مستوى الاستهلاك الغذائي للفرد فمستوردات السلع الغذائية، مثل القمح والذرة والرز، كانت تساوي 50 كيلوغراماً للفرد سنوياً في الستينات، لتخفض إلى 20 كيلوغراماً في السبعينات قبل أن تقفز إلى 150 كيلوغراماً في الثمانينات.
ويبدو أن السياسات الحكومية السابقة فشلت في توجيه الدعم السلعي إلى لفئات الفقيرة المستحقة. وعقّد التردد في معالجة ملف الدعم مساعي الإصلاح المالي في مصر بعدما أصبحت المسألة حقاً مكتسباً في نظر مصريين كثيرين.
وينتظر من الحكومة المصرية الجديدة أن تكون أقدر على مواجهة الاحتجاجات المحتملة من تطبيق سياسات تقليص الدعم، خصوصاً للوقود والمحروقات، ورفع الأسعار.
وفي موازاة ذلك لا بد من مواجهة أزمة الفقر المدقع وتبني فلسفة خلق وظائف دائمة في مؤسسات القطاع الخاص، وذلك لن يتحقق من دون تحديد مشاريع حيوية ومثمرة وقادرة على تشغيل الشباب الذين يتدفقون إلى سوق العمل سنوياً.
وتعتبر حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي وكذلك المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، معالجة أزمة الفقر في مصر مسألة ذات أهمية وتعتبرها من أولويات تحقيق الاستقرار المعتمد على الارتقاء بمستويات المعيشة وتوفير فرص العمل الملائمة.
وتشير تقارير إلى أن نسبة الفقر بين المصريين ارتفعت في 2013 إلى 26.3 في المئة من السكان، أي ما يعادل 24 مليون مصري.
لكن الذين يعانون الفقر المدقع، أي من يعيشون بما لا يزيد على 1.25 دولار يومياً للفرد، يمثلون 4.4 في المئة من السكان أو حوالى أربع ملايين شخص. لكن كيف يمكن محاربة الفقر في بلد مكتظ بالسكان ومحدود الموارد السيادية من دون تطوير آليات استثمار وخلق أعمال مجدية اقتصادياً وتحرير الإدارة من القيود والعقد البيروقراطية المزمنة؟
ثمة أهمية للابتكار والإبداع عند صياغة السياسات الاقتصادية الجديدة لموائمة الانفتاح على القطاع الخاص وتعزيز السياسات الملائمة لمواجهة الفقر والعوز. ويتطلب الإصلاح الاقتصادي معالجة أنظمة التعليم السائدة وتطويرها لتتناغم مع متطلبات التحول المنشود، ولذلك لا بد من زيادة الإنفاق على التعليم.
كذلك فإن أي إصلاح اقتصادي يتطلب توافر قوى عاملة مؤهلة وقادرة على التعامل مع التقنيات الحديثة ومتطلبات الإدارة العصرية.
ويتعين على الحكومة أن تهتم بمسائل الرعاية الصحية والقضاء على الأمراض المزمنة التي لا يزال المصريون يعانونها. ويتضح أن المهمات التي ستواجهها الحكومة في عملية الإصلاح الاقتصادي ستكون معقدة وتتطلب وعياً وحزماً.
نقلا عن الحياة
السيسي يبيع الغاز ليهود اسرايل باقل من اسعار السوق ويرفع اسعار الوقود على شعبه.. هيا حل هذه
كل شئ ذكره الكاتب الا محاربة الفساد والفاسدين !!... والله لولا الفساد - ليس فقط في مصر - وإنما في اغلب الدول العربيه لتحسنت الأحوال المعيشية كثيراً في العالم العربي ... لكن الفساد هو ( ام الخبائث )،..بسبب الفساد ينتشر الثالوث القاتل الفقر والجهل والمرض .
ان مقولة أن الحكومة تدعم البنزين بعدة مليارات من الجنيهات مقولة مخادعة؛ فالدعم هنا حسابي وليس حقيقي ؛ مفترض وليس واقعي ؛ إذ انهم يحسبون سعر البنزين الذي تنتجه مصر عالميا ويطرحون منه سعر البيع المحلي والفارق هو الدعم ؛ أي انهم يفترضون أن خيرات مصر أنما تنتج في الأصل لتصديرها للخارج وليس لإستهلاكها في الداخل ؛ وينسون أن لكل مصري حق أصيل فيما تنتجه بلاده ؛ والحكومة لاتدعم البنزين المباع للأفراد بمليم واحد ولكنها تتصور ذلك علي فرض أن هذا البنزين بيع في محطات تموين أوروبا .