لا أحد ينكر الدور الكبير الذي يلعبه حافز في التخفيف من الأثر السلبي على العاطلين الباحثين عن عمل وتحفيزهم على البحث عن عمل مناسب.
والذي يعرف حجم المبالغ التي تصرف على هذا البرنامج يدرك مدى الدعم السخي الذي تنفقه الدولة على هذه الفئة من أبنائها والتي لم تجد عملاً.
ولكن في المقابل فإن استمرار حافز بهذا الأسلوب الذي يعتمد على المنح والعطاء ربما لا يساعد على تحقيق الأهداف التي أسس من أجلها والتي ترتكز على حفز الباحثين عن عمل ومساعدتهم في إيجاد عمل مناسب،كما يوحي به مدلول اسمه ...الخ.
تقدر حجم المبالغ التي تصرف على المشتركين في حافز بأكثر من ثلاثين ملياراً سنوياً. وهو مبلغ طائل بكل المقاييس وربما يزيد عن حجم الميزانية الوطنية لكثير من الدول النامية.
وهي تمثل مصرفات استهلاكية لا تضيف قيمة اقتصادية تذكر للوطن ولا تطويراً لقدرات وخبرات المشاركين.
وهي بهذا أشبه ما تكون بالضمان الاجتماعي الذي يفضي إلى تكريس الفقر والبطالة لا الحد منهما.
ماذا لو تم تخصيص المبالغ التي يتم صرفها سنوياً على مشتركي حافز لبناء كيانات إنتاجية (مصانع، شركات خدمات، مزارع...الخ) بحيث يتم قصر العمل فيها على العاطلين عن العمل فقط حتى وإن لم تكن ذات مردود ربحي.
المهم أن تمكننا من توظيف الفئة الجادة من المشتركين في حافز. إذا ما اتجهنا إلى البناء بدلاً من العطاء فإنه يمكننا أن نبني كل سنة أكثر من ثلاثين مصنعاً إنتاجياً أو شركة خدمية (على افتراض أن الكيان الواحد يكلفنا مليار ريال) موزعة على كافة مناطق المملكة، أي أنه يمكننا تأسيس ما يقارب 150 كياناً كبيراً كل خمس سنوات.
هذه الكيانات ستوظف عشرات الآلاف من الشباب والشابات سنوياً وفي مختلف مناطق المملكة. وسنتمكن من تحقيق الأهداف التالية:
1ـ تأصيل مبدأ وقيمة العمل والإنتاج واكتساب الرزق على حساب الدعة والسكون.
2ـ تمحيص الجادين في البحث عن عمل.
3ـ تمكين الشباب والشابات وتدريبهم من خلال إدراجهم في أعمال مهنية ومجالات متعددة لاكتساب الخبرات.
4ـ الحد من أسلوب العطاء والأخذ الذي يكرس الاعتمادية والتوكل على عوائد المنح والعطاء.
5ـ تأصيل وتعزيز السلوك الإنتاجي الادخاري على حساب الاستهلاكي.
6ـ المساهمة في إيجاد عوائد ثابتة ومستدامة وبناء اقتصاد مستدام.
7ـ المساهمة في تنويع القاعدة الاقتصادية.
8ـ إيجاد مصادر دخل جيد للقادمين الجدد للعمل تضمن لهم حياة كريمة.
9ـ.......الخ لعل أحد المظاهر الاجتماعية السلبية لدينا تتمثل في تأصيل سلوك الاعتمادية على الغير لدى النشئ.
فمنذ أن يشب الفتى وهو يعتمد اعتماداً كلياً على والديه حتى إذا أنهى مراحل الدراسة والتحصيل وأصبح راشداً ومؤهلاً بدأ ينظر إلى الدولة كمصدر لضمان عوائده المادية وحياته الاجتماعية، الأمر الذي أفضى إلى الدعة والكسل والسكون وكراهية المغامرة والخوف من مواجهة تحديات ورياح الزمن وقلة الإبداع والحركة.
أعتقد أنه حان الوقت لتبني سياسات تقوم على نبذ الاعتمادية وانتظار المنح والهبات كسلوك اجتماعي، وتعزيز الثقة بالنفس والسمو بها عن الأخذ والاعتمادية وبناء ثقافة حب العمل واكتساب الرزق والاستقلالية، وهذا كله أصل في ديننا.
فهل إلى ذلك من سبيل؟،،،
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع