ما بين إقفال 24 إبريل، وإقفال 26 يونيو من هذا العام، خسرت البورصة القطرية ما مجموعه 152,4 مليار ريال من رسملتها الكلية. فقد حدث أن سجلت البورصة يوم 24 إبريل أعلى رسملة تاريخية لها، بوصولها إلى مستوى 796,2 مليار ريال.
ثم تقلصت الرسملة بعد هذا التاريخ- رغم أن المؤشر كان لا يزال في حالة ارتفاع؛ حيث ارتفع من مستوى 12955 نقطة يوم 24 أبريل إلى 13694 نقطة يوم 29مايو!- إذ انخفضت الرسملة يوم 29 مايو إلى مستوى 736 مليار ريال، أي بانخفاض مقداره 60 مليار ريال عنها يوم 24 إبريل!! أي أن الرسملة وصلت ذروتها يوم 24 أبريل ثم بدأت في التراجع مبكراً، في حين أن المؤشر العام قد استمر في الارتفاع حتى 29 مايو،،، ثم بدأ بعدها في مرحلة التراجع القوي.
والأرقام على هذا النحو تعكس صورة سريالية تبدو غير مفهومة للكثيرين، ولا تنسجم مع طبيعة العلاقة بين المؤشر والرسملة. ونحاول في هذا المقال تسليط الضوء على ما حدث للرسملة الكلية منذ 24 أبريل لفهم دلالات الخسارة الكبيرة التي أصابتها في هذه الفترة القصيرة نسبياً.
أولاً فيما يتعلق بالتناقض بين ارتفاع المؤشر وتراجع الرسملة بمقدار 60 مليار ريال في الفترة الأولى حتى 29 مايو،،، أشير إلى أن السبب في التراجع هو عودة سهم أزدان إلى الانخفاض بقوة... فكما يذكر الجميع أن سهم أزدان قد ارتفع لمت أب في غضون أسبوعين بما مجموعه 30 ريال حتى يوم 24 ابريل، ولأن عدد أسهم هذه الشركة يزيد عن 2652 مليون سهم، فإن هذه الزيادة قد اضافت نحو 80 مليار ريال في فترة ارتفاعه.
وعندما عاد سعر السهم إلى الانخفاض لمت داون، فإن رسملة السهم قد خسرت معظم ما كسبته، وخسرت الرسملة الكلية للسوق هذا المبلغ الكبير، رغم أن المؤشر كان لا يزال في حالة ارتفاع، وكانت ارتفاعات أسعار الأسهم الأخرى تضيف إليه.
ثانياً: بعد 29 مايو دخل المؤشر العام في حالة تراجع نتيجة تراجع معظم أسعار الأسهم، بما فيها سعر سهم أزدان، وخسرت الرسملة في الأسابيع التالية حتى 26 يونيو نحو 93 مليار ريال إضافية ليرتفع مجمل خسارتها إلى أكثر من 152 مليار ريال.
ثالثاً: باستبعاد خسارة رسملة أزدان البالغة 80 مليار ريال، باعتبار أنها ذهبت مثلما جاءت ولم يستفد من مجيئها أو يتضرر من فقدانها إلا مجموعات قليلة من المساهمين الذين دخلوا للسهم خلال الفترة، وبقي معهم حتى الآن، أو أنهم باعوه بمكسب أو بخسارة؛؛؛ نقول باستبعاد خسارة رسملة أزدان، فإن الخسارة الصافية للرسملة الكلية تصل إلى نحو 72 مليار ريال.
رابعاً: جزء كبير من الخسارة المتبقية كان خسارة نظرية فقط، تتعلق بالأسهم غير المتداولة التي تملكها الدولة في شركات مثل صناعات والوطني ومسيعيد والخليجي واوريدو. ومثل هذه الخسارة النظرية تقدر بأكثر من 14 مليار ريال.
خامساً: جزء آخر كبير من الخسارة النظرية يخص جمهور المستثمرين وخاصة القطري منهم أفراداً أو شركات، الذين درجوا على عدم تحريك اسهمهم بالبيع أو الشراء باعتبارها استثمارات طويلة الأجل،،، فهولاء ربحوا في فترة الارتفاع وخسروا ما كسبوه عندما انخفضت الأسعار... ونقدر هذا الجزء بنحو 38 مليار ريال.
سادساً: جزء آخر من الخسارة يمكن تصور أنه موزع بين الرابحين والخاسرين،،، ذلك أنك غالباً ما تجد من يربح في أسهم شركات ويخسر في أخرى، أو أنه يربح في أسبوع ويخسر في آخر... وهذه الخسارة لا يمكن تقديرها،، ولكنها قد تصل إلى 15 مليار ريال.
سابعاً: الجزء المتبقي من الخسارة نقدره بنحو 5 مليار ريال تتوزع على المحظوظين من جمهور المتعاملين أفراداً ومحافظ استثمارية، قطرية وغير قطرية. معظم هؤلاء دخل إلى السوق مع رحلة صعوده، وهم قد خرجوا منه عندما وصل إلى الذروة يوم 29 مايو.
وقد قابلت أحد هؤلاء المحظوظين، وقال لي إنه قرر الخروج من جميع الأسهم التي يمتلكها عندما شعر أن الأسعار قد ارتفعت بأكثر من اللازم في وقت قصير.
ثامناً: أن العبرة التي يجب أن نأخذها مما حصل هي أن لا نصفق كثيراً للارتفاعات المتتالية والسريعة أو المبالغ فيها للأسعار والمؤشر وأحجام الرسملة الكلية، ذلك أن كل ما يخرج عن النمو الطبيعي والمألوف وغير المبرر هو غير حقيقي وعرضة للزوال.
وأذكر أنني كتبت قبل أسابيع أنبه إلى خطورة ارتفاع مكررات الربح لأكثر من الحد الآمن وهو 15 مرة. كما أن من الضروري التمسك بالحقائق الأساسية للشركات وأسهمهما، وعدم الإنجرار وراء الاحتمالات غير المؤكدة أو الشائعات.