خريجون .. من «قبيلهم»!

03/06/2014 1
د. إحسان بوحليقة

هل تعرف جامعاتنا مصير خريجيها؟ هل تستطيع إصدار إحصائية محددة عن قابلية خريجيها للتوظيف؟ هل بوسع ملحقياتنا الثقافية أن تصدر مع إحصاءات تخرج المبتعثين بيانات عن توظيفهم؟ هل بوسع وزارة التعليم العالي نشر تقرير سنوي عن مدى ملاءمة خريجي مؤسسات التعليم العالي وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث لسوق العمل المحلية من واقع البيانات الميدانية لتوظيف الخريجين؟

لعل إصدار مثل هذه التقارير العامة من قبل الوزارة، والمحددة من قبل الجامعات أصبح أمراً ضرورياً لرصد التقدم في دقة مقولة "المواءمة" والقابلية للتوظيف التي يتعلق بها البعض للنيل من كل جهد تعليمي لتحسين فرص توظيف أبنائنا وبناتنا.

ولن ينفع الجدل، بل ستبين البيانات إذا رصدت بدقة ونشرت في أي اتجاه نسير فيما يتصل بالارتقاء بقابلية الخريجين السعوديين للتوظف، وقدرتهم على المنافسة وقابليتهم للتطور المهني والوظيفي. 

كما أن فوائد صدور تقرير متكامل عن أوضاع مخرجات التعليم العالي سنوياً سيوضح الصورة، من حيث: أين يعملون (في القطاع الحكومي أم العام أم الخاص)؟ وفي أي قطاع اقتصادي (زراعة أم صناعة أم مالية أم تجارة الخ)؟ وما مسمى وظائفهم؟ وما متوسط رواتب وظائف الدخول للخريجين؟ وفي أي المناطق والمحافظات يعملون؟

أتيحت لي الفرصة أن أحضر مهرجان الوظائف الذي نظمته الملحقية الثقافية في الولايات المتحدة ليلتقي من خلاله الخريجون والخريجات مع أصحاب الوظائف، والعكس بالعكس.

 فهل بوسعنا معرفة كم من الخريجين المبتعثين تلقوا عروضاً لوظائف من خلال هذا المهرجان؟ وهل بوسع الجهات التي شاركت وكان لها أجنحة في المهرجات، هل بوسعها أن تبين كم من الخريجين استقطبت؟ 

السؤالان ينطبقان على المهرجان الذي عقد قبل أيام في واشنطن وسواه من المهرجانات المشابهة، فهي مناسبات تنظم، لكن دون أن يكون لها أية مؤشرات أداء.

فمثلاً هل يعقل ألا تعرف الجامعة كم من خريجيها من توظف؟ وأين؟ حتى لو من باب إبداء الاهتمام بشخص قضى سنوات في رحابها. 

وموضوعياً، فمن أهم مؤشرات الأداء لأي جامعة تلك التي ترتبط بتخرج طلابها وحصولهم على أعمال.

وبما أننا تجاوزنا في المملكة أخيراً جدال: هل التعليم العالي من أجل الثقافة أم من أجل التوظيف، حيث حسم هذا الجدل لصالح التوظيف، ما يستوجب أن تدرك جامعاتنا أن قابلية خريجيها على التوظيف أمر مرتبط بها بقدر ارتباطه بالخريج نفسه، بل يمكن القول: إن الخريج يكتسب جزءاً مهماً من قابليته للحصول على وظيفة (أي ملاءمته لسوق العمل) مما يكتسبه من معارف ومهارات سلوكية أثناء مكوثه في الجامعة. 

وفوق ذلك، فوجيهٌ اتخاذ خطوات لتوظيف الخريجين ووضع سياسات متسقة لتحقيق ذلك الهدف، إذ لا يصح أن نخرج الطلاب ونتركهم خارج أسوار جامعاتهم ليلاقوا مصيرهم في سوق العمل وحيدين، لا سيما أن هناك مؤشرات على أن خريجينا يلاقون منافسة غير عادلة من حديثي تخرج وافدين. 

ولعل من الملائم أن توجه وزارة التعليم العالي جميع الجامعات الحكومية والخاصة التي ليس لديها وحدات بأن تستحدث وحداث للتوظيف والتدريب ضمن تشكيلة عمادات شئون الطلاب، وهدف هذه الوحدات محدد وهو : السعي حثيثاً لتوظيف الخريجين وإيجاد فرص للتدريب الصيفي والتعاوني لطلاب الجامعة المعنية، فذلك جزء لا يتجزأ من معايير أداء الجامعة. 

وبالقطع فلا بد من استقطاب أشخاص قادرين ومؤهلين ومتحمسين للعمل في هذه الوحدات، وقد يجادل مجادل بأن ليس من مهمة الجامعة توظيف خريجيها. قد لا تستطيع الجامعة - أي جامعة - ضمان وظائف لتخريجيها، لكن من حقها على نفسها أن تسعى حثيثاً لتوظيف من يتخرج عبر صلاتها بالمجتمع من حولها ومع مجتمع الأعمال على الوجه الأخص.

والأمر كذلك ينطبق على الملحقيات الثقافية في الخارج بحكم مسؤوليتها عن برامج الابتعاث، وأكبر هذه الملحقيات دون منازع الملحقية في واشنطن، التي يقع تحت إشرافها عدد من الطلاب يتجاوز أكبر جامعاتنا المحلية قاطبة وهي جامعة الملك سعود. 

لذا فما ينطبق على الجامعات من حيث السعي لتوظيف خريجيها، ينطبق كذلك على الملحقيات في الخارج. لا سيما أن هناك من يشيع أن الخريجين من المبتعثين يبقون أشهراً يبحثون عن عمل وأنهم أصبحوا من "أفضل" زبائن حافز! ما الذي سيحدثه نشر مثل هذه البيانات عن أحوال الخريجين هو أنه سيخرجنا من تناول أوضاعهم من خلال انطباعات عامة ويجعلنا نرتكز إلى حقيقة أوضاعهم في سوق العمل، وكيف تتطور عاماً بعد عام أو حتى شهراً عقب شهر.

نقلا عن اليوم