هناك اتجاه آخذ في التوسع لدى المصارف العربية خلال السنوات الأخيرة، وهو تزايد نشاطها عبر البلدان العربية الأخرى، أو عبر بلدان العالم، ما يساهم من جهة في تنويع الأخطار الجغرافية، ولكن من جهة أخرى يعني أيضاً تعدد الأخطار الجغرافية والاقتصادية التي تتعرض لها هذه المصارف.
ضرورة زيادة الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية، وتعزيز سلطة المصارف المركزية وزيادة التعاون والتنسيق بين الدول العربية، حتى يمكن تفادي وقوع المشكلات وتحديد أساليب الحل المشتركة لأي أزمة مستقبلية.
كما كشفت الأزمة عن الحاجة الى مزيد من التعاون والتنسيق بين المصارف العربية وزيادة المبادلات البينية، خصوصاً الموجهة للاستثمار في الدول العربية، ومن هنا كان من الطبيعي أن تتم مناقشة قضايا تطوير نظم التسويات وغيرها بين المصارف العربية.
وبناء على ما سبق وعلى ما كشفته الأزمة، برزت حاجة لتأسيس مركز للاستعلام الائتماني وتجميع أخطار الائتمان، وهو المقترح الذي بادرنا في اتحاد المصارف العربية الى طرحه سابقاً.
وهو اقتراح نعتبره مهماً جداً، لكون خدماته لا تطاول المصارف فحسب، بل جميع المقترضين، والاقتصاد الوطني، وهو يصب بالنهاية في خدمة المصارف المركزية ذاتها لكونه يساعدها في رسم سياسات نقدية ومالية أكثر دقة وسلامة.
ويمكننا أن نلاحظ بارتياح بالغ أن المصارف المركزية الخليجية قررت المضي في تنفيذ هذا الاقتراح بين المصارف الخليجية.
وكلنا يعرف أن جميع المقترضين في الدول العربية يلجأون إلى المصارف المحلية والخارجية للاقتراض، حيث أن المصارف بالتالي في حاجة إلى تجميع معلومات عمليات الاقتراض هذه وتبادلها في ما بينها من أجل تحسين مراقبة هذه الأخطار وإدارتها.
وكما نعلم، ربما كل المصارف العربية أو معظمها يمتلك في الوقت الحاضر مثل هذه المعلومات، إلا إن تبادلها على المستوى العربي من خلال البنوك المركزية ومنها للمصارف العربية، من شأنه أن يساهم في تعزيز التعاون النقدي والمالي بين الدول العربية.
كما تواجه المصارف العربية خلال ما تبقى من العام الحالي، تحدي استيفاء متطلبات بدء تنفيذ معايير «بازل 3»، حيث أن المصارف العربية في شكل عام والخليجية بخاصة، مدعوة للحفاظ على رؤوس أموالها عند مستوى أعلى من المطلوب وفقاً للحد الأدنى من المعايير الدولية، نظراً الى التقلبات التي يشهدها الاقتصاد الكلي في دول مجلس التعاون، نتيجة لاعتمادها على العائدات الهيدروكربونية أو مادة تصديرية رئيسية.
وبالنسبة الى المصارف التي لا تستوفي المتطلّبات فهي ستكون أمام خيارين: إما زيادة رأس المال عبر بيع جزء كبير من أصولها، أو زيادة رأس المال عبر الاقتراض، أو خيار الاندماج خلال فترة متوسطة الأجل خلال فترة كانون الثاني (يناير) 2015.
كذلك يقترب سريعاً موعد دخول قانون الامتثال للضريبة الأميركية حيز التنفيذ، حيث استعدت له المصارف العربية جيداً وهي عموماً على استعداد للامتثال له.
لكن هذا لا يمنع من القول أن أهمية تحرك الحكومات العربية لحماية مصارفها العربية باتت أكثر إلحاحاً، مع توسع تطبيق القانون ليصبح قانوناً دولياً في شكل تدريجي، حيث أن الامتثال للقانون ينطوي على تكاليف تشغيلية كثيرة ناجمة عن تعديل إجراءات فتح الحسابات الجديدة ومتابعتها ومراقبتها والتدقيق بها، وأنظمة معالجة المعاملات وإجراءات التعرف إلى الزبون، التي تستخدمها المصارف الأجنبية، وتكاليف التوعية وإنشاء وحدة خاصة بالامتثال للقانون يعمل فيها موظفون أكفاء وذوو خبرة، بخلاف أخطار السمعة وغيرها.
لذلك ندعو الحكومات العربية لتوقيع اتفاقات ثنائية مع وزارة الخزانة الأميركية لتنفيذ القانون.
وأخيراً، فإننا نتوقع سنة جيدة أخرى للمصارف العربية، مع نمو أرباحها بنسبة 12 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، بينما نتوقع ارتفاعها إلى 15 في المئة بالنسبة الى المصارف الخليجية.
أما بالنسبة للعام الحالي ككل، فإننا نتوقع نمو أرباح المصارف العربية بنسبة 10 في المئة والمصارف الخليجية 15 في المئة مع بلوغ صافي أرباح المصارف العربية 40 بليون دولار هذه السنة.
نقلا عن الحياة