تعتبر شركة بروة أكبر شركة عقارية في قطر إذا ما قيست بحجم موجوداتها ومطلوباتها التي بلغت 46 مليار ريال بنهاية الربع الأول من هذا العام.
وتاريخياً كانت الموجودات قد بلغت ما مجموعه 74 مليار ريال بنهاية عام 2011 في السنة التي أعقبت سنة الإندماج مع الشركة العقارية.
لكن هذا الرقم تقلص في الأعوام التالية إلى 50 مليارا مع نهاية عام 2012 وإلى 44,9 مليار في نهاية عام 2013.
ومن المتوقع أن يسجل الرقم المزيد من التراجع نتيجة بيع موجودات عقارية لتسديد التزامات أهمها تمويل إسلامي بقيمة 26 مليار ريال. وعلى ذلك فمن المنتظر أن ينخفض حجم الموجودات في حال سداد جزء من التمويل إلى ما دون الأربعين مليار ريال، بل وربما ينخفض إلى ما دون الثلاثين مليار ريال.
هذا الإنكماش والتراجع الشديد في حجم الموجودات إلى أقل من نصف ما كان عليه قبل ثلاث سنوات هو مؤشر على أن الشركة واجهت صعوبات في تحقيق ما كانت تصبو إليه من تطلعات؛ بدليل تراجع الأرباح من العمليات المستمرة.
فبموجب البيانات المالية للربع الأول فإن الإيرادات التشغيلية قد انخفضت بنسبة 5,8% إلى 589 مليون ريال، في الوقت الذي ارتفع فيه إجمالي المصاريف بنسبة 19,4% إلى 321,9 مليون ريال. وبالنتيجة تراجع ربح الشركة من العمليات المستمرة في الربع الأول بنسبة 25% إلى 266 مليون ريال.
ولأنه كانت هنالك خسائر في العمليات غير المستمرة في الفترة المناظرة من العام السابق بقيمة 196 مليون ريال، فإن النتيجة النهائية للدخل الشامل في الربع الأول من هذا العام قد تمثلت في ارتفاعه عن السنة السابقة وليس انخفاضه.
ولأن شركة بروة من الشركات الرائدة في قطر وقامت بجهد لا يمكن إنكاره في سد العجز من الوحدات السكنية والمحلات التجارية الذي نشأ في السنوات الخمس الماضية، لذا فإن الأنظار تتطلع إليها للقيام بمثل هذا الدور في المستقبل خاصة وأن دولة قطر لا تزال تمر بمرحلة توسع سكاني غير مسبوق قد يستمر لسنوات قادمة.
كما أن سهم الشركة من الأسهم القيادية في البورصة التي يعول عليها في انتعاش السوق بما يعكس الواقع الزاهي للاقتصاد القطري.
ومن هنا فإن التراجع في أرباح العمليات المستمرة لبروة-التي هي شركة مساهمة عامة- يدفع ثمنه المساهمون، كما أن مساهمي الشركة العقارية الذين قبلوا بالإندماج مع بروة عام 2010 قد تأثروا من جراء هذا الإندماج.
فالشركة العقارية التي كانت إحدى الشركات الرابحة والمستقرة قد استبدل المساهمون أسهمها بأسهم بروة التي وزعت بالكاد عن عامي 2011 و 2012 ريالاً واحداً للسهم، ثم هي قد وزعت هذا العام ريالين بشكل مفاجئ، رغم أن صافي الربح من العمليات المستمرة قد انخفض عن السنة السابقة ولم يرتفع، فضلاً عن أن موجوداتها في حالة تراجع منذ عدة سنوات.
ومن هنا يثور التساؤل عما إذا كان لدى إدارة الشركة الجديدة استراتيجية مناسبة لا تهدف إلى التخلص من الديون التي ورثتها عن الإدارات السابقة، وإنما البحث في إمكانية التحول إلى تحقيق أرباح نقدية تدعم سهم الشركة في البورصة وتجعله سهماً تنافسياً قادراً على تحقيق ارتفاعات حقيقية وتزيد من إقبال المستثمرين عليه كسهم استثماري لا كسهم مضاربة.
ولكي يتحقق ذلك لا بد من أن تكون عمليات الشركة المستمرة مبينة على الربح التشغيلي؛ بمعنى أن تكون إيراداتها التشغيلية من الإيجارات تفوق مصروفاتها التشغيلية، وأن تكون الإيرادات قابلة للنمو وعدم التراجع. فإذا ارتفعت القيم الإيجارية للوحدات السكنية -بما في ذلك رسوم الخدمات- مقارنة بالمستويات المستهدفة من المؤجرين، فإن ذلك قد يعني عدم الإشغال الكامل لها في المستقبل.
وإذا كانت الخدمات المقدمة للمستأجرين من قبيل التكييف أو الماء البارد أو المسطحات الخضراء أو غيرها أكثر تكلفة من المستوى الذي يتحمله المؤجرون فإن ذلك قد يزيد من المصاريف التشغيلية.
قد يكون من الصعب على شركة قائمة على تحقيق الربح خدمة للمساهمين، أن تبالغ في تحقيق أهداف اجتماعية أخرى كالإرتقاء بمستوى السكن لجمهورها وفقاً لمستويات عالية من الرفاهية. ومن هنا قد يكون من المفيد الموازنة بين النوعين من الأهداف قدر الإمكان، فتقبل الشركة بقدر معقول من مستويات الرفاهية بما لا ينعكس سلباً في صورة ارتفاع في القيمة الإيجارية.
وعليه فإن ما تقوم به الشركة من خطوات مدروسة لتقليص مديونياتها بمساعدة مشكورة من شريكها الاستراتيجي شركة الديار، قد يكون أمراً مهماً وإيجابيا ً في المرحلة الراهنة، ولكنه قد لا يكون كافياً لتغيير وضع الشركة على النحو المأمول إذا لم يصاحب ذلك تغييرا في استراتيجية تشغيل الشركة إلى استراتيجية متوازنة قائمة على أسس مدروسة في الأجل الطويل.