يشهد عالم اليوم تغيرات هائلة ومتسارعة غيرت في خارطة الطاقة العالمية وتبدلها بسرعة هائلة حتى تبدو آثارها أسرع من طاقاتنا في المتابعة وملاحقة اكتشافاتها وتطبيقاتها ،ولعلها الأسرع من حيث وقعها وتأثيرها على الاقتصاد مقارنة بتحولاتها في المائة سنة الماضية.. ولا شك أن عدم مواكبتها سيلقي بآثار سالبة على قطاع الأعمال بالمملكة والاقتصاد الوطني بعامة، آخذين في الاعتبار أن اقتصاد المملكة يعتمد على منتج وحيد وهو النفط وهذه التبدلات ستؤثر فيه من حيث تسعيره للصلة بكلفة الطاقة وأسواقها ومدخلات الإنتاج ، مما سيضغط على الدخول وهامش الأرباح وأسعار المنتجات وهذا ما يجعل الاهتمام بالمتغيرات يعادل الاهتمام بفرصها بتوظيف الطاقة المتجددة مع الاستدامة.
ومن ناحية أخرى فإن التوسع في استخدام الشبكة العنكبوتية صار عاملاً إضافياً يؤثر في الاقتصاد من حيث إزالة الحواجز الجغرافية وتسهيل التبادل التجاري والفكري ومن حيث التسوق العابر للحدود وتطورات الشبكة العنكبوتية في بداياتها وتبدو مفتوحة على آفاق مذهلة ليس أقلها نشوء تقنية السحاب الإفتراضي مع تنامي تأثير الإعلام الاجتماعي في التواصل بين الأفراد والمنشآت والوصول للمستهلك.
. ولعل هذا التوسع في الشبكة العنكبوتية دفع متخذي القرار للتحول لإدارة المنشآت على قاعدة الاستدامة التي تهتم بالأفراد (People)من حيث العمل اللائق الكريم وبيئة الكوكب (Planet) وبالأرباح (Profits)أو ما يسمى بمزيج ( PPP ) لإدراكهم أن هذه التغيرات المتسارعة إن لم يتم استيعابها ستكون مهدداً للاستمرارية والاستدامة..
وللتوضيح أضرب مثالاً بمستثمر في الضيافة الفندقية كان رزقه يأتيه رغداً من كل مكان لاختياره المكان المناسب على كورنيش جدة برمزيته وسحره وجاذبيته وجودة خدمته التي عمقها الولاء والتميز لكن له منافس تبنى مفهوم العمل اللائق الكريم بالفرد ومفاهيم البيئة المستدامة مع السعي للربح لن يطول الوقت بالمستثمر الأول حتى يكتشف بأن العوامل التي مكنته في الماضي وربما الحاضر لن تشكل أي ضمانة لاستمرارية النجاح بينما المستثمر المنافس يستطيع بالتقنية واستخدام المعرفة والاهتمام بعوامل الاستدامة أن يتفوق ويتقدم خاصة إن استخدم تقنية (الفوتو بليك) أو وظف خلايا الطاقة الشمسية في فنادق وقد أصبحنا نعرف أن كمية الفولت الذي يتولد من خلايا الطاقة الشمسية اليوم يتزايد بمعدل 10% سنويا وأن تخزين البطاريات يتحسن بمعدل 20% في سعة التخزين والحال كذلك على القطاع الخاص بالمملكة إعادة النظر في أسس استنتاجاته السابقة حول مقومات النجاح واستمراريته لأنه ببساطة في ظل السرعة الهائلة التي تدور بها عجلة التقنية وتبدلاتها وتطبيقاتها لم تعد معايير النجاح التاريخية ثابتة بل تهتز من قواعدها مما يبدل في أسس المعادلات الاستثمارية، ولهذا من يواكب ستساعده هذه التقنيات لتجاوز العقبات والتحديات فاستخدام تقنية النانو صار واقعاً وقد لا يعرف كثيرون أن المسعى حول البيت العتيق تستخدم فيه تقنية النانو التي برهنت على تحمل حمولة قد لا يتحملها الفولاذ وهو ما يعكس تطوراً مذهلاً في توظيف النانو ورقائقه ومثل ذلك ينسحب على الغرافين أو الرصاص الذي يستخدم كمادة مضافة في صناعة المعادن لتقويتها لتؤدي لتقليص كمية الطاقة وكمية المواد المستخدمة مما سينعكس على تكلفه أداء الأعمال وربحيتها..
وستفاجئنا أبحاث المستقبل بالمزيد ومنها سيارة خفيفة الوزن ورشيقة وفي نفس الوقت أقوى بمراحل عن السيارة التقليدية الحالية، فمن يضمن المعرفة يضمن المستقبل ومن لا يخطط لتوظيفها وجعلها ميزة تنافسية فإنه يخطط لفشله لإغفاله عوامل النجاح التي تقلل زمن العملية الإنتاجية وتقود لاستدامة النجاح ولهذا أمام القطاع الخاص المحلي فرص وتحديات وإلا مواجهة قانون البقاء للأصلح فلابد من خطط يقودها مجلس الغرف لتطويع هذه المتغيرات لصالح قطاع الأعمال والفرد والاقتصاد والبيئة.
والشاهد يستطيع مجلس الغرف السعودي بما لديه من خبرات لعب دور توعوي وإرشادي يمنع المفاجآت الهدامة وذلك بقيادة منتسبيه لمقابلة التحولات في منتصف الطريق ولكن يُخشى أن يكون تفكير معظمنا يميل لقياس السرعة في التبدلات والتحولات المرتقبة بخبراته السابقة بينما واقعها لا مثيل له ولهذا لا وقت للانتظار والقعود ولابد من البدء الفوري بإعداد قطاع الأعمال السعودي وتهيئته لاحتضان التغيرات المتوقعة بتقوية أسس الإدارة فيه من حيث اهتمامها بالفرد والبيئة والأرباح وكل ما يحسن معدل التنافسية والاستدامة.
إن الطاقة المتجددة على سبيل المثال في متناول اليد وهي ليست بتلك التعقيدات وقد بتنا اليوم نعرف أن متوسط ما يصل الأرض العربية من الطاقة الشمسية على سبيل المثال يبلغ ستة كيلوواطات في الساعة يومياً، وهي نسبة مرتفعة مقارنة مع باقي دول العالم. ولهذا لابد أن (تفوق) الغرف وقطاع الأعمال ليشرع الجميع في التفكير الجدي في اللحاق بالعصر وباستخدامات تقنيات الطاقة والنانو وتطبيقاتها لزيادة الإنتاج وتطوير أداء الأعمال وتحقيق الاستدامة، وإلا سنفاجأ بالتبدلات والتغيرات على طريقة (الفأس وقع في الرأس) وحينها لا ينفعنا استدراكنا المتأخر.
نقلا عن المدينة