لم لا نستحوذ على طيران ريّان؟

20/04/2014 0
د. إحسان بوحليقة

النقل الجوي ليس من الأنشطة عالية الربحية، فالمتوقع أن يقلّ العائد على رأس المال المستثمر عن 6 بالمائة للعام 2014، وعلى الرغم من أن هذا النشاط يتأثر بتقلبات التجارة العالمية وأوضاع الاقتصادي العالمي، إلا أن ما يجلبه من مزايا مصاحبة ينافس مكاسبه المالية المباشرة. وثمة اعتبارات تجعل الاستثمار في النقل الجوي اختياراً طبيعياً لبلادنا، وهي تعج بالمواسم والفرص.

وعلى ذكر المواسم، لا أعرف كيف تستعد الخطوط السعودية لموسم الصيف أو لموسم الحج؟ وليس لدي شك أن لدى ناقلنا الوطني خططا، لكن ما جعلني أطرح هذا التساؤل هو ما أشاهده في مطاراتنا، وهي مشاهدة عامة لا يمكن التعميم من خلالها، لكنها كافية للقول ان عشرة ملايين ونيفاً من الوافدين للمملكة ومعهم ملايين من السعوديين يمثلون سوقاً خصبة تتنافس خطوط الطيران الإقليمية لتحظى بأكبر حصة منه.

سيقول قائل: السوق تنافسية ومفتوحة، نعم هي كذلك، لكن لابد من أن يكون لنا ناقل له ثقل عالمي، سواء أكانت الخطوط السعودية الحالية، أو بعد ان تعاد هيكلتها، أو استحداث خطوط طيران جديدة. قصص النجاح في دنيا النقل الجوي عديدة، وهذا لا يعني أن تحقيق النجاح والعالمية أمر سهل، ولكن أخذاً في الاعتبار موسم العمرة الذي لا ينقطع، وموسم الحج، ووجود ملايين المقيمين في البلاد، وولوع السعوديين بالسفر داخلياً واقليمياً ودولياً، والموقع الجغرافي المتميز الرابط بين قارتي أفريقيا وآسيا من جهة وبين بلاد الشام وتركيا وأوروبا من جهة أخرى يجعلنا في وسط مثلث يمثل قلب العالم، وفوق كل ذلك فإن تطلعنا هو تنويع اقتصادنا الوطني ومن بين أولويات احداث ذلك التنويع التوسع في الأنشطة الاقتصادية الجديدة (علينا) وعلى رأسها السياحة التي يمثل النقل الجوي أحد عناصرها الرئيسية.

 

«طيران رِيّان» هي أكبر ناقل جوي دولي في العالم، نقلت 79 مليون مسافر دولياً في العام المنصرم، لتتفوق بذلك على من حل في المرتبة الثانية (لوفتهانزا) بفارق كبير يقارب 29 مليوناً.

وطيران رِيّان أيرلندية تأسست العام 1985 لتقديم خدمات النقل الجوي الاقتصادية، ونجحت في ذلك وبدأت مؤخراً في التخفيف من شروطها الصارمة لصالح مزيد من المزايا والمرونة.

فإذا أخذنا محاسن نموذج النقل الجوي الاقتصادي مع تراجع نمو شريحة الدرجة الأولى/ الأعمال، نصبح أمام الخيار المفضل عموماً للأسر وللمقيمين وللحجاج والمعتمرين.

ويبدو أننا بحاجة للتفكر في مبادرة حكومية لاستنهاض هذا النشاط محلياً، أي إيجاد طيران اقتصادي بمشاركة عامة مؤثرة عبر صندوق الاستثمارات العامة.

لاسيما أن ما يمنع المستثمرين إجمالاً من التوسع في نشاط الطيران الجوي هو أن تكلفة رأس المال (عالميا) ما زالت أعلى من العوائد، لكن هذا الأمر لا ينطبق في حالة القيام بتأسيس ناقل جوي جديد.

ولا يتسع المجال للتوسع في الطرح هنا، لكن آن الأوان لأن يجني قطاع النقل الجوي السعودي ثمار إيثاره للخطوط الأخرى وتركها تحصد المكاسب من سوقنا المتنامية.

ولن يستقيم الحال بإطلاق شركة طيران، بل لابد من امتلاك منظور متكامل لإعادة إطلاق قطاع النقل الجوي ليضيف لاقتصادنا الوطني إضافات متعاظمة، وهذا يعني أن يشمل المنظور المتكامل كل الأنشطة الفرعية للنقل الجوي، ووضع خطط عملية لاستقطاب المستثمرين والموارد البشرية المؤهلة وتوفير الحوافز المالية وغير المالية لاستقطاب مَن وما يمكن استقطابه لتوفير أسباب النجاح، ولابد من الأخذ في الاعتبار الأمر الذي كثيراً ما نتحدث عنه ولكننا لا نطبقه، وهو أن ما نقدمه من حوافز لهذا القطاع لن يكون مبالغاً فيه؛ فهو قطاع خدمي لبقية القطاعات الإنتاجية ويساهم في إنعاشها.

وعند التفكر نجد أننا بحاجة أن يمتلك المنظور الاستراتيجي للنقل الجوي للجرأة الاستثمارية من جهة لكنه لن يذهب بعيداً دون «تربيط» (تكامل) مع بقية القطاعات الإنتاجية التي يخدمها، فمثلاً ليس من الحصافة في التعامل مع موسم الحج والعمرة ألا تتحول حركة ملايين البشر إلى زخم اقتصادي متنام.

نقلا عن جريدة اليوم