حجم السلع التي تستوردها المملكة ضخم جداً، وتجاوز حاجز ستمائة مليار ريال العام الماضي، ويتطلب فسحها جهداً كبيراً وإمكانيات ضخمة بشرية وتقنية للوقوف على مستوى جودتها، وثبوت عدم وقوع أضرار منها، ويتبعها بعد ذلك متابعة مستمرة للتأكد من عدم وجود أي خلل فيها، سواء بالتخزين أو ظهور آثار ضارة لاستخدامها، قد لا تكون معلومة أو معروفة علمياً وجرى تحديث المعلومات حولها، أو عدم استخدامها من قِبل الجهة التي استوردتها للتصنيع، أي أنها لا تباع للمستهلك مباشرة، بل استُوردت لأعمال صناعية.
ومن هنا يظهر لنا أن متابعة السوق قضية في غاية التعقيد؛ وتتطلب أيضاً دعماً ومساندة من المستهلك للتفاعل مع تعليمات الجهات المعنية بمراقبة السوق المسؤولة عن ترخيص السلع التي تُستورَد أو تُصنَّع محلياً قبل وبعد طرحها للمستهلكين.
إلا أن ما نسمعه بين فترة وأخرى من تحذيرات تصدر من جهات رسمية عدة، كهيئة الغذاء والدواء أو وزارة التجارة أو وزارة الصحة، إذا كان المنتج أدوية أو ما في حكمها، وحتى من الأمانات التي لديها مخابر خاصة بها لفحص السلع، لا يُعدُّ كافياً لمنع المخاطر عن المستهلك؛ فمثل هذه الإعلانات التحذيرية تتطلب مشروعاً إعلامياً ضخماً وموحداً، تطبقه كل الجهات الرسمية ذات العلاقة بالسوق والمستهلك؛ لكي يتم ضمان وصول الرسالة للجميع.
كما يجب قبل كل ذلك البحث في الأسباب التي سُمح من خلالها بدخول هذه السلع، وهل المعايير الموجودة لدى الجهات التي تفحص السلع وتجيز أو ترفض دخولها للسوق كافية أو محدثة بآخر المعلومات حول كل مادة من مدخلات الإنتاج؟
وهل المخابر تعمل بكفاءة عالية؟ وهل هي حديثة جداً؟ وهل الكوادر التي تعمل على تشغيلها كافية وذات تأهيل عالٍ؟ وهل آليات العمل تستطيع أن تغطي الاحتمالات كافة لضمان عدم تسرب سلع ضارة؟ أي هل يمر المنتج بأكثر من مرحلة اختبارية؟ فعلى سبيل المثال، مادة الفوسفين التي تُستخدم في المبيدات الحشرية، وحسب كل ما صدر من تقارير تثبت ضررها الكبير، لم تُسحب من السوق، ولم نسمع عنها إلا منذ أسابيع بعد قيام مواطنين بعمل اجتهادي منهم إثر ضرر وقع على من تعرضوا لهذه المادة، أدى لوفيات.
فأين كانت الأجهزة المعنية كل تلك السنوات الماضية من منع استخدام الفوسفين، أو حتى منع دخولها أو إنتاجها محلياً إذا كان ذلك يحدث حالياً؟
إن الأضرار الناجمة عن دخول سلع ومنتجات ضارة كبيرة ومتعددة، وأخطرها ما قد يصيب المستهلك من أضرار، إضافة إلى الهدر المالي والاستنزاف الاقتصادي.
ولا بد من إعادة النظر بصفة مستمرة في الآليات والإجراءات المتبعة، من فحص وتدقيق ورقابة دائمة للسوق، وكذلك تطوير منهجية التوعية الإعلامية لتحذير المستهلك من أي مادة ضارة، من خلال قناة تلفزيونية رسمية متخصصة، وكذلك نشر التحذيرات الآنية المستعجلة بكل وسائل الإعلام، التي تضمن وصول التحذير للمجتمع عموماً، مع سرعة كبيرة بسحبها من السوق كافة من خلال التنسيق مع منافذ البيع، وبمتابعة من فرق عمل تتبع كل الجهات الرقابية على السوق، مع بقية الإجراءات الاحترازية عند فسح المنتج وتطوير معايير الجودة التي لا يمكن القول إنها متطورة بما يكفي؛ فبمجرد مرور المستهلك على المحال التي تبيع بضائع رخيصة يكتشف أن هناك خللاً واضحاً في المعايير؛ يسمح بمرور سلع رديئة وضارة بمختلف أنواعها وتعدد استخداماتها.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع