التعليم العالي والتدريب التقني والمهني.. ‏الكل يغني على ليلاه

11/03/2014 4
د. جون سفاكياناكيس

لا يزال التعليم العالي والتدريب التقني والمهني بعيدا كل البعد عن متطلبات سوق العمل، تحديداً القطاع الخاص.

تشير البيانات الرسمية إلى أن نسبة الملتحقين بالجامعات السعودية من خريجي وخريجات الثانوية 78 % (أكثر من 383 ألف طالب وطالبة)، الأعلى بالعالم، مقارنة بحوالي 56 % في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وأقل بقليل من 30 % في تركيا.

بينما تشير البيانات الرسمية أن نسبة الملتحقين بكليات التدريب التقني والمهني في السعودية لا تتعدى 9 % مقارنة بأكثر من 41 % في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وحوالي 37 % في تركيا. حيث إن المعدل العالمي للملتحقين في الكليات التقنية والمهنية في حدود 40 %.

وما يدعو بالخوف ويطلق صفارة الإنذار هو أن أكثر من 63 % من طلاب الجامعات السعودية منخرطون في تخصصات تربوية وعلوم إنسانية واجتماعية ودراسات إسلامية لا تتواءم مع سوق العمل ولا يقبلها القطاع الخاص، خاصة أن عدد العاطلين من حملة شهادة البكالوريوس يشكلون حوالي 46.2 % من مجمل العاطلين في المملكة.

في الحقيقة هناك عدم توافق بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل. 

الكليات التقنية والمهنية في المملكة تحتاج إلى تحسين شامل في الجودة التعليمية ونوع التخصص والمنهج التعليمي وتطوير أساليب التدريب بما يواكب احتياجات سوق العمل.

القطاع الخاص السعودي في حاجة ملحة للتخصصات التقنية والمهنية وهذا من شأنه أن يجعل الاقتصاد السعودي يتحول من الاعتماد المفرط على العمالة الوافدة إلى الاعتماد على العمالة الوطنية.

وحتى يحدث هذا، يجب إدخال مواد تقنية وتدريب مهني مكثف في مراحل التعليم العام لمد سوق العمل بالعمالة الوطنية المدربة.

لذا لا بد من الاهتمام بضمان تمكين نظام التعليم العام من تزويد الطلاب بالمهارات التقنية التي تحتاجها سوق العمل، خصوصا أن السعوديين يمثلون حاليا أقل من 13.4 % فقط من إجمالي العاملين في شركات القطاع الخاص المحلي، وفقاً لبيانات وزارة العمل.

 لذا الموضوع لا يتعلق فقط ببناء كليات وجامعات وتخريج تخصصات غير مرغوبة في القطاع الخاص إنما إعادة هيكلة هذا القطاع المترهل من خلال إعادة النظر في نسبة القبول والتسجيل في الجامعات السعودية، الوضع القائم لكليات المجتمع وتحويلها إلى كليات تقنية ومهنية في ظل العدد الكبير للجامعات المتواجدة في كل مناطق المملكة وأغلب محافظاتها.

والأهم من ذلك هو اعتماد برامج التجسير بين الكليات التقنية والمهنية والجامعات لتحفيز طلاب الثانوية العامة للالتحاق بها مع معادلة الساعات الدراسية التي تم الانتهاء منها في التعليم التقني والمهني بالساعات الدراسية في الجامعات لغرض الاستكمال في الدراسة الجامعية ونيل شهادة البكالوريوس أو الانخراط في سوق العمل.

هناك قصور واضح وهائل سواء في التعليم العالي أم على مستوى التدريب التقني والمهني، بالرغم من المخصصات المالية الضخمة إلا أن المركزية في العمل والبيروقراطية تحدان من اتخاذ القرارات الفورية وعدم التقدم بشكل عام في المجال التدريبي التقني والمهني بشكل خاص.

ولتجنب العمل التقليدي في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لابد من تخصيص المعاهد والكليات التابعة لها والتعاقد مع شركات تدريب عالمية مختصة بالمجالات التقنية والمهنية لإنشاء والإشراف على كليات مهنية في التخصصات الهندسية والصحية وزراعية وتقنية المعلومات وغيرها من التخصصات المهنية.

آن الاوان لإعادة هيكلة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والحد من نسب القبول في كافة الجامعات السعودية.. فهل من مجيب؟

نقلا عن جريدة اليوم