طرحت أسهم «هرفي» وتمت تغطيتها خمس مرات من قبل الصناديق ومرة واحدة من قبل الأفراد. وطرحت شركة السريع وتمت تغطيتها بالعكس تماما مرة واحدة من قبل الصناديق وخمس مرات من قبل الأفراد. وسيبدأ طرح شركة الطيار للصناديق والمؤسسات المالية اليوم ولا أدري من سيفوز في سباق التغطية.
والملاحظ أن سعر طرح شركة هرفي هو ضعف سعر شركة السريع. ولذا من الواضح أن الأفراد لا يزالون ينظرون إلى السعر كأداة تقييم مهمة وهي على فكرة وجهة نظر لها ما يبررها في علم تمويل الشركات.
وحين تطرح شركة ما بعلاوة كبيرة يغضب البعض ويشجب ويستنكر ولكنه يكون أول من يكتتب. والحقيقة أنه لا يلام لأنه يعلم يقينا بأنه - وفي ظروف طبيعية – سيرتفع السعر في أول أيام التداول على أقل تقدير. والسؤال المهم هل الأسعار التي تطرح بها الشركات منطقية وعادلة؟
هناك عشرات الأدوات المستخدمة في تسعير الشركات أهمها وأكثرها شيوعا هما طريقة مكرر الربح وطريقة خصم التدفقات النقدية. لكن هناك أداة رئيسية هي أهم من كل ما سبق وهي الطلب أو رأي المشتري. ولأن الطروحات ما زالت تحقق ارتفاعات بعد الطرح فإن أي اكتتاب هو استثمار مضمون ولذا فلا ألوم من يكتتب بأي سعر.
وفي كل اكتتاب هناك طرفان رئيسيان، الأول هوالبائع وهو ملاك الشركة المصدرة للأسهم والآخر هو المشتري وهو الجمهور. يميل البائع الى المبالغة في سعر طرحه وقد يكون لديه حد أدنى للطرح بينما لا يكاد يوجد حد أعلى لدى الجمهور للدخول في شركة معينة. ومن هنا تفرض هيئة السوق المالية وجود مستشار مالي يقوم بتقييم الطروحات. هذا المستشار المالي تعيّنه وتدفع تكاليفه الشركة المصدرة للأسهم ولذا لا عجب أن يكون ولاؤه «للمعازيب» وأن يميل أيضا إلى رفع السعر. تقوم هيئة السوق المالية بالضغط على الشركات المصدرة لتخفيض سعر الطرح إلى أقصى حد حسب ما يسمح لها النظام و المنطق. لكنها لا تستطيع وحسب نظام السوق الحرة أن تحدد سعر الطرح. كإجراء إضافي قامت هيئة السوق المالية بوضع آلية بناء الأوامر، التي تعطي الصناديق والمؤسسات المالية حصة في الشركات المطروحة بعد تقييمها من قبلهم. ولكن لا تزال تلك الآلية محدودة الأثر في تحديد السعر العادل.
والسؤال المهم: هل الأسعار التي طرحت بها الشركات سابقا منطقية وعادلة؟ لعل انخفاض بعض الشركات عن سعر طرحها هو دليل يقدمه الكثير لإثبات خلل اليات التسعير. لكن الأزمة المالية وانهيارات السوق وتغير أداء الشركة كلها عوامل قد تكون سببا لذلك. مما يعيدنا إلى الاختبار الرئيس وهو التغطية. ولأن كل الشركات التي طرحت يتم تغطيتها فإما أن تكون كل الأسعار السابقة التي طرحت بها الشركات هي أسعار حقيقية ودقيقة وأقل من قيمة السوق وهو ما ينكره بعضهم أو أن تكون غير دقيقة فيكون لدينا خلل في آلية العرض والطلب.