المضاربون وفن صناعة الأزمة

28/01/2014 1
زكريا فكري

الذين يبنون استثماراتهم وينمونها اعتمادا على وسائط الاتصال الاجتماعي لا شك خاسرون ولن يتمتعوا بتحقيق أي نمو يذكر لا في محافظهم المالية ولا في استثماراتهم العقارية والتجارية…ربما هذا التحذير ان صح التعبير يختص فقط بشعوب المنطقة العربية وحدها حيث لا ميزان للكلمة ولا سقف للشائعات ولا مصداقية للأنباء.. وكل من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من فيسبوك او واتساب او وكالات أنباء ما انزل الله بها من سلطان وتنتشر على مواقع التواصل كما السرطان سيدرك وعلى الفور كم ما يلقى فيها من شائعات وأنباء كاذبة وكذلك آراء فاسدة … فالبعض يلقي برأي أو نبأ يبغي من ورائه مزاحا أو يظنه جدا أو يعتقده حقيقة وهو لا يدري كم الإساءة والضرر الذي يلحقه بنفسه وبوطنه … وكلنا يعلم تلك المقولة الشهيرة ان رأس المال جبان .. أي ان المال لا يأتي إلى بلدان قائمة على الإشاعات وتستقي معلوماتها عبر مواقع التواصل خاصة الواتساب الذي يصفه العديد من المحللين والمراقبين بأنه الكذاب الأكبر في هذا العصر….

وإذا كان رأس المال جبانا فهو أيضا ليس له وطن وإنما وطنه كل بقعة أرض مستقرة وآمنة.. قد يقول البعض ان المبالغة والفبركة عبر مواقع التواصل هي نتيجة طبيعية لعدم تدفق المعلومات وانسيابها ولهم حق في ذلك لأن توفر المعلومات هو حائط الصد في مواجهة الشائعات والمعلومات المضللة والمضرة بالاقتصاد ويحب العمل بكل الطرق لضمان تدفق المعلومات ومن منابعها الصحيحة وغلق الباب امام الفبركة والتأليف والاجتهاد.

يخبرنا احدهم انه بسبب رسالة كاذبة عبر الواتساب اعطى امرا للبروكر الذي يدير اسهمه في سوق المال ببيع أكثر من 10 آلاف سهم دون أن يتحقق من أنه يبيع في الوقت المناسب وعندما سئل لماذا لم تتحقق قال لأن مصدر الرسالة ثقة ولكنه هذه المرة لم يبن توقعاته بشكل صحيح !!

ايضا هناك ما يمكن ان نطلق عليهم/ صناع ازمة/ وهؤلاء يقومون من خلال وسائط وعبر المواقع بالترويج ضد او مع  ذلك بغرض التأثير سلبا او ايجابا سواء في سوق العقار او السلع او سوق المال او سوق الاراضي .. فلم يعد المضاربون بمنأى عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي فقد استخدموها ولا يزالون يستخدمونها من اجل تحقيق رواج لسلعة لا تستحق او الاضرار بسلعة لتبويرها في السوق … وقد شهد عام 2008-2009 اكبر عملية خداع لسوق العقار وسوق الأرض في السلطنة وذلك ابان الأزمة المالية العالمية حيث قفزت أسعار الأراضي على نحو مذهل وتضاف سعر القطعة عشرة أضعاف وبشكل متسارع وغير معقول وأسرع نحو الشراء من يملك ومن لا يملك ولو كان ذلك عن طريق الاستدانة من البنوك …وكما ارتفعت الأسعار فجأة هبطت فجأة ليصاب الجميع بالذهول… بينما يقف المضاربون يبتسمون بعد ان نجحوا في صناعة الأزمة وجني ارباحها.

نحن نحتاج لميزان العقل .. والكلمة.. ومن يحب بلده لا يصنع لها السوالف تلو الاخرى على مواقع التواصل .. ولا يخترع قضايا من العدم ليظهر نفسه عالما ببواطن الأمور او مفكرا مبدعا وملهما ينهال (التايم لاين) عليه بالإعجاب والثناء… فاذا كنت تعلم شيئا فقد غابت عنك اشياء.. وهناك من ينتظر كذبتك او شائعتك او ارهاصاتك  ـــ كما تحب سمها ـــ كي ينفث سمه فيها ويصنع منها ازمة تمكنه من جني الارباح وذلك على حساب وطنك ومقدراته ومكتسباته…. فانتبه.

نقلا عن جريدة عمان