المؤشرات العالمية لانتشار البنوك التجارية والفرص المتاحة

27/01/2014 0
سعيد بن محمد

شهدت الخدمات البنكية خلال العقديين الأخرين نمواً كبيراً مدعوماً بالتطورات الاقتصادية والتقنية، وتسعى البنوك التجارية للوفاء باحتياجات العملاء عبر الفروع و الخدمات الإلكترونية بما يُمكنهم من الحصول على النقد أو الشراء خلال أجهزة الصرف الألي أو نقاط البيع، بالإضافة للتطور الكبير في تمكين العميل من إدارة حساباته واستثماراته خلال الــ 24 ساعة.

وحيث أن البنوك التجارية ترتكز في عملها وإيراداتها على العملاء فأن انتشار فروع البنوك التجارية وارتفاع عدد عملائها يحقق لها دخل إضافي، لذا تسعي البنوك لجذب العملاء من خلال التنافس و التنوع في الخدمات المقدمة والتميز في خدمات ما بعد البيع. وفي المقابل تقوم البنوك بتنمية إيراداتها بالاستفادة من النقد المتوفر لديها بتنوع مصادر التمويل المختلفة للأفراد، القطاع التجاري الخاص،  والحكومات. 

وتوضح الأرقام الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي إلى ارتفاع عدد فروع البنوك العاملة في المملكة العربية السعودية إلى 1,696 فرع وبنسبة نمو بلغت 43.2%  عند مقارنة عام 2012م بعام 2000م، كما توسعت البنوك في إصدار البطاقات البنكية حيث بلغت  16.4 مليون بطاقة بنسبة نمو 241.7% ، وارتفع عدد أجهزة الصرف الألي ليصل إلى 12,712 مقارنة بـ 2,234 في عام 2000م وبمعدل نمو بلغ 469% وارتفع عدد موظفي القطاع المصرفي بنسبة 186.8% ليصل إلى 44,661 موظفً بعام 2012م. 

وفي المقابل وخلال فترة المقارنة ارتفع النقد المتداول خارج البنوك من 51 مليار ريال إلى 133 مليار ريال وارتفعت الودائع تحت الطلب من 115 مليار لتصل إلى  754 مليار ريال، ويعتبر النقد خارج البنوك فرصة ممتاز للبنوك للتوسع وزيادة الإيرادات.

وبمقارنة عدد فروع البنوك في المملكة مع المؤشرات الصادرة عن البنك الدولي والتي تشير إلى أن متوسط عدد فروع البنوك التجارية لكل 100 الف بالغ لدول العالم يصل إلى 12 فرع خلال السنوات الأخيرة في حين نجد أن عدد فروع البنوك في المملكة العربية السعودية لكل 100  بالغ أقل من المتوسط العالمي حسب الشك البياني التالي:

ويوضح الجدول التالي مقارنة بين عدد فروع البنوك التجارية لكل 100 الف بالغ  في المملكة العربية السعودية والدول المجاورة و المتقدمة، حيث نجد أن معدل عدد فروع البنوك في المملكة تتراوح بين 8 - 9 فرع خلال الأعوام الأخيرة  أقل من متوسط عدد الفروع في تلك الدول والتي تخدم  100 الف عميل بالغ.

وكما نعلم أن السوق السعودي يعد من الأسواق ذات الجاذبية المغرية للبنوك التجارية لارتكازه على اقتصاد قوي يتمتع بسيوله عالية وكثافة سكانية مرتفعة مقارنة بالمنطقة و نسبة كبيرة من السكان تقع في الشريحة الشبابية التي تحتاج الخدمات البنكية المتطورة، ويشير المسح الديمغرافي في المملكة العربية السعودية لعام 2007م إلى أن 16.2 مليون نسمة اعلى من 15 سنة، وبأخذ نسبة نمو السكان لعام 2012م نجد هذه الشريحة تصل لأكثر من 20 مليون نسمة.

وبالرغم من ذلك نجد أن البنوك تحقق أرباح سنوية هائلة ففي عام 2013م تجاوزت أرباح البنوك 37 مليار ريال ومعظم البنوك بلغت الاحتياطيات العامة لديها لأكثر من 50%  من رأس المال بل أن بعضها يتجاوز رأس المال.

ونخلص إلى أن عدد فروع البنوك الحالي في المملكة العربية السعودية لا يتماشى مع المؤشرات العالمية ولا يتناسب مع النمو السكاني والطفرة الاقتصادية التي تعيشها المملكة، كما أن ارتفاع النقد خارج البنوك يدل على عدم قدرة البنوك للوصول لشرائح معينة من العملاء و على قصور البنوك في عملية الوعي المصرفي، ويلاحظ خلال العشر سنوات الأخيرة طول فترة انتظار العميل داخل البنك للحصول على الخدمة وتعدد نقاط الاتصال!! لاكتمال الخدمة، في الوقت الذي تعمل البنوك العالمية على تخفيض معدل انتظار العملاء وخدمتهم بأسرع وقت ممكن و يعتبر هذا من المؤشرات الرئيسية لكفاءة أداء البنك لأعماله، والأهم من ذلك أن النقد المتداول خارج البنوك فرصة للبنوك لتحقيق إيرادات عالية لكن بشرط التوسع في عدد الفروع والذي من خلالها يتم توظيف عدد كبير من خريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة في الشؤون المصرفية.

لذا فمؤسسة النقد العربي السعودي عليها دور رئيسي في ممارسة مزيد من الضغط على البنوك للوصول إلى كافة شرائح المجتمع، والعمل على زيادة الوعي المصرفي لدى الجمهور للأهمية الاقتصادية والأمنية لتخفيض النقد المتداول خارج البنوك، والتأكيد على أهمية الحفاظ على وقت العميل وضرورة تقليصه كل عام من خلال وضع معايير ومؤشرات عالمية لسرعة الخدمة وزيادة عدد الفروع و عدد الموظفين. المكاسب كبيرة للجميع فالمحصلة النهائية مزيد من الأرباح لملاك اسهم البنوك، والمساهمة في تخفيض البطالة من خلال التوظيف عبر زيادة فروع البنوك،  تحريك عجلة الاقتصاد من خلال الحفاظ على وقت العميل.