عند سؤال المرشحة لمنصب رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي (جانيت يلين) خلال جلسة استماع اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الأمريكي في 14 نوفمبر 2013م من قبل عضو اللجنة (دين هيلر) عمّا إذا كان من الممكن أن يكون ارتفاع أو انخفاض أسعار الذهب بمثابة مؤشر اقتصادي؟ كانت إجابتها:
" لا أعتقد أن أحدًا لديه نموذج جيد للغاية لكيفية ارتفاع أو انخفاض أسعار الذهب؛ لكن بالتأكيد "الذهب" من الأصول التي يفضل المستثمرون الاحتفاظ بها عندما يكونون خائفين جدا من حدوث كارثة أو انهيار للأسواق المالية أو جود أخطار اقتصادية ".
الغريب في الأمر أن عضو اللجنة المصرفية (دين هيلر) وهو من طرح هذا السؤال على جانيت يلين كان راضيًا عن إجابتها للسؤال أكثر من رضاه عن إجابة رئيس الاحتياط الفيدرالي الحالي بين بيرنانكي و الذي سُئِل نفس السؤال من دين هيلر عن رأيه في تحرك أسعار الذهب في شهر يوليه من عام 2013م بقوله: " أنّ لا أحد حقيقةً يفهم تحرك أسعار الذهب، و أنا بدوري (بيرنانكي) لا أدّعي بأنّي أفهم ذلك أيضًا".
بالعودة إلى إجابة المرشحة لمنصب رئيس الفيدرالي الأمريكي يلين أعتقد بأنّ ما قالته إضافة إلى ما قاله الرئيس الحالي بين بيرنانكي بأنهما لا يفهمان تحرك أسعار الذهب كلام غير صحيح ؛ فبدون شك إنّ استخدام الألفاظ والمصطلحات خلال جلسات اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ من قبل رؤساء بنك الاحتياط الفيدرالي مثل الرئيس السابق ألن جرينسبان والرئيس الحالي بين بيرنانكي والمرشحة الجديدة لمنصب رئيس الفيدرالي الأمريكي لها معاني ودلالات و مفهوم آخر مختلف وبحاجة إلى خبراء في اللغة لفهم ما يقصد بتلك الكلمات و إلى ما ترمي إليه.
إنما بشكل عام من الصعب الاعتقاد بأنّ منظومة بنك الاحتياط الفيدرالي و الحكومة الأمريكية غير ملمين بتحرك أسعار الذهب التي تعني الكثير للسياسات النقدية و الإصدار النقدي حيث أنّ الكثير من المحللين الاقتصادين والماليين إلى جانب عدد غير قليل من العاملين داخل القطاع المصرفي على علم من أنّ الفيدرالي الأمريكي يؤثّر أو بمعنى أدق يتحكم ، ليس فقط من خلال الأدوات النقدية التقليدية مثل أسعار الفائدة ، التسيير الكمي ، استهداف التضخم وغيرها من الأدوات الأخرى.
بل من خلال التدخل المباشر داخل سوق المشتقات عن طريق مايعرف ببولين بنك مثل جولدمن ساك وجيبي مورجن تشيسي وغيرهم وذلك لعدة أسباب من أهمها أن تضخم أسعار الذهب يعني انعدام الثقة بالعملة الورقية ممثلة في الدولار مما قد يشكل تهديدًا مباشرًا للاقتصاد الأمريكي والنظام النقدي العالمي بشكل عام، لهذا السبب وغيره من الأسباب وقف ألن جرينسبان رئيس الفيدرالي السابق و لاري سمر و روبرت روبن وزيرا الخزنة السابقين امام إحداث تعديلات وتنظيم سوق المشتقات في أواخر التسعينيات الميلادية.
وقد أشار إلى هذا التدخل في مسار أسعار الذهب أيضًا و بشكل صريح رئيس جمعية التعدين بالصين التي تُعَد أكبر منتج للذهب بالعالم اليوم و على مدى السنوات الست الماضية في مؤتمر بشنغهاي يونيه العام الماضي قوله: " إن سياسة الولايات المتحدة هي قمع أو كبح أسعار الذهب للحفاظ على هيمنة الدولار الأمريكي كعملة رئيسية للاحتياط النقدي العالمي خلال حرب العملات القائمة الآن".
الجدير بالذكر أن من أهم المهام التي تقوم بها البنوك المركزية حول العالم هو التحكم بحجم العرض النقدي داخل الاقتصاد هذا ليس سرا الجميع يعلم ذلك لكن الغير معروف او المعلن هو أن هناك علاقة مباشرة بين العرض النقدي والسعر الفعلي للذهب طبقًا للمجلس العالمي للذهب الذي نشر تحليلاً عن كيفية ردة فعل أسعار الذهب إلى حجم العرض النقدي ، التحليل (مرفق) بني على أساس نموذج الانحدار المتعدد الذي يبين أن هناك علاقة مباشرة بين المعروض النقدي وأسعار الذهب.
على سبيل المثال عندما يزيد مجلس بنك الاحتياط الأمريكي المعروض النقدي بنسبة 1٪ أسعار الذهب تزداد بنسبة 0.94٪ لكن هذا لا يعني بطبيعة الحال أن ما يقوم به الاحتياط الفيدرالي الأمريكي ينطبق على البنوك المركزية الأخرى لأن تأثير الفيدرالي الأمريكي على أسعار الذهب أكثر بكثير من البنوك المركزية الأخرى وهذا دليل آخر يثبت أن أسعار الذهب لا تخضع لعامل السوق (الغرض والطلب) بقدر ماهي مرتبطة بالسياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشكل مباشر.