في الجزء الاول تحدثنا عن معارضة الحكومات البريطانية المتتالية منذ تدشين العملة الموحدة لمنطقة اليورو عام 1999م تبني بريطانيا لليورو والتخلي عن الجنية الاسترليني وذكرت ايضا ان سوق اليورودولار الذي تسيطر عليه لندن والبنوك البريطانية داخل وخارج بريطانيا عن طريق بنوك الاوف شور من اهم الاسباب التي تمنع بريطانيا عن التخلي عن عملتها.
السبب في ذلك ان بريطانيا ستخسر الكثير في حال نجح اليورو في اقصاء الدولار الامريكي عن مكانتة كاحتياطي النقدي الاول في العالم حيث ان سوق اليورودولار الان و الذي تسيطر عليها لندن والمصارف البريطانية بشكل رئيسي حجمة ضخم جدا وتزايدت اهميتة بعد ارتفاع اسعار النفط وبداية نظام البترودولار في عام 1974م حيث قدر حجم سوق اليورودولار في عام 1963 اي قبل 10 سنوات من بداية نظام البترودولار بحوالي 148 مليون دولار، لكن بحلول عام 1982 وصل حجم السوق الي 2 تريليون بعد اقل من عشر سنوات من ارتفاع اسعار النفط وبداية نظام البترودولار، بنهاية الثمنينيات الميلادية وصل حجم السوق الي حوالي 4,5 تريليون دولار.
حجم سوق اليورودولار في الوقت الحالي غير معروف تماما لكن لو قارنا حجم السوق بالعرض النقدي في الولايات المتحدة علما بانة لايوجد علاقة مثبتة بين العرض النقدي في الولايات المتحدة وسوق اليورودولار لانة سوق غير مرتبط ببنك الاحتياط الفيدرالي الامريكي ولايخضع لانظمتة وتشريعاتة، نجد بانة في عام 1982 عندما كان سوق اليورودولار بحدود 2 تريليون دولار أميركي كان العرض النقدي للولايات المتحدة M-1 بحدود 442 مليار دولار في الوقت الحالي العرض النقدي للولايات المتحدة يصل الي 1,3 تريليون دولار هذا يعني ضعفي ماكان علية عام 1982م بالتالي حجم سوق اليورودولار سيكون ضعفي ماكان علية اي بحدود 6 تريليون دولار تقريبا.
لابد من الاشارة ايضا الي اهمية سوق اليورودولار الي الاقتصاد العالمي حيث يمثل وبفارق كبيرمصدر التمويل في العالم ويستحوذ اليورودولار على نسبة 90٪ من اجمالي القروض الدولية حول العالم، اي ان كل 100 دولار تقرض في العالم 90 دولار منها تاتي من سوق اليورودولار في البنوك البريطانية حول العالم خاصة بنوك الاوف شور في جزر كايمان، جزر البهاما، برمودا، توركس وكايكوس، أنتيغوا، جزيرة جيرسي، جزيرة مان، جزر الأنتيل الهولندية، بنما، سنغافورة، دبي وليبيريا و كلها تخضع بطريقة او اخرى لسيطرة بريطانيا.
معاملات سوق اليورودولارعادة من مليون دولار او اكثر أضف الي ذلك ان البنوك التي تتعامل بسوق اليورودولار يمكن لها ان تقرض 100 في المائة من الودائع التي يتلقونها وبالتالي البنوك تمنح أسعار فائدة عالية للمودعين نظرا لغياب الانظمة الرقابية او التشريعية عن السوق لكن قبل الحصول على قرض يجب اولا تغير اليورودولار الي العملة المحلية, و تستخدم ارصدة اليورودولار في اقراض المؤسسات غير المصرفية بالدولار الامريكي للاعمال التجارية من استيراد وغيرها من اعمال تجارية، اضافة الي إقراض المؤسسات غير المصرفية بعد التحويل إلى العملة المحلية أو عملة أجنبية مختلفة لتمويل المشاريع الكبرى الحكومية وغير الحكومية.
وقد ساهم سوق اليورودولار إلى حد كبير بارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء العالم والي حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي حيث ان السوق يفتقد كما ذكرت في السابق الي التشريعات والانظمة الرقابية، اضافة الي انة سوق غير خاضع للقوانين المصرفية في الولايات المتحدة هذا الغياب الرقابي التام يسهل عملية انتقال الاموال بسهولة من بلد إلى بلد مما يتسبب و يعرقل أسواق الائتمان في العديد من الدول حول العالم وقد توصل احد الباحثين من جامعة فاندربيلت (ستيفن فولر Stephen A. Fowler) الي نتيجة ختم بها بحثة بقولة "سوق اليورودولار يهدد الاستقرار المالي و السيادة الاقتصادية لجميع دول العالم".
كما ذكرت سابقا ضخامة حجم سوق اليورودولار وتاثيرة على الاقتصاد العالمي غير معروفة بشكل كافي لكن طبقا لاحد المراقبين للسوق قولة "سوق اليورودولار في الخارج (بنوك الاوف شور) offshore منذ عام 1974م وحتى الان هو حمام سباحة أوليمبي والمصرفيين المتنورين Illuminati (كلمة تستخدم للإشارة إلى التآمر أو - تنظيم المؤامرة المزعومة) هم من يسبح فية لوحدهم.
ايضا الاقتصادي المعروف ميلتون فريدمان في عام 1969م تطرق الي سوق اليورودولار ووصفة بانة "هراء او كلام فارغ" واضاف فريدمان بان "سوق اليورودولار نوع او مثال اخر من خلق المال لكن بشكل متطورحتى على الكثير من المصرفيين انفسهم" ، وذهب فريدمان الي وصف سوق اليورودولار انة "مجرد جرة قلم من محاسب لااقل ولا اكثر"، ماقالة فريدمان و فولر وغيرهم عن سوق اليورودولار بكل تاكيد يؤكد حقيقة اجمع عليها الكثيرين بانة سوق مليى بالاسرار والخفيا حتى على اكثر المتمرسين في القطاع المصرفي ولا يتم الحديث عنة في الاعلام بشكل يتناسب مع اهميتة و حجم تعاملاتة خاصة لقطاع التمويل الدولي.
بالعودة الي اسباب عدم انظمام بريطانيا الي العملة الاوربية الموحدة وكما ذكرت سابقا بان السبب الرئيسي هو ارتبط اقتصاد وعملة بريطانيا الجنية الاسترليني ارتباط وثيق بالدولار الامريكي وسوق اليورودولار بالتالي قوة الجنيه الاسترليني والاقتصاد البريطاني في الوقت الحالي غير مبررة، على هذا الاساس بريطانيا لن تتخلى عن الولايات المتحدة والدولار من اجل الاتحاد الاوربي وعملتها اليورو وستخسر في حال انظمت الي العملة الاوربية الكثير في الحقيقة ستخسر كل شي بداية الجنيه البريطاني الذي سيتحول الي قطعة تذكارية توضع في المتحف البريطاني او سيتنافس علية هواة جمع العملات النقدية للاحتفاظ بة كتذكارفقط.
الجدير بالذكر هنا ايضا انة عند تصويت سكوتلاندا على الانفصال من بريطانيا في 18 سبتمبر 2014م كان من اهم الخطوات او المبادرات التي ستتبنها حكومة سكوتلاندا في حال تم التصويت بنعم على الانفصال هي تبني عملة اليورو والتخلي عن عملة بريطانيا الجنية الاسترليني.
لذا اقول ان نجاح منظومة منطقة اليورو ولكي تضل في دارة المنافسة امام التكتلات والدول الاخرى كالولايات المتحدة، دول البريكس واليابان مرتبط باتفاق جميع دول المنظومة على الاساسيات واهمها تبني الجميع للعملة الموحدة لمنطقة اليورو لتحقيق هذا الهدف على الاتحاد الاوربي تقديم خيار لبريطانيا اما الانظمام الي منطقة اليورو بشكل كامل وتبني عملة منطقة اليورو والتخلي عن الجنية الاسترليني او مغادرة المنظومة.
ننتظر جديدك استاذ سلطان