همومنا الاقـتصاديـة 1/ 2

30/12/2013 3
سليمان المنديل

بمناسبة العام المالي الجديد، سأرصد وعلى مدى مقالين، (13) من همومنا الاقتصادية، وسأبدي ملاحظات حولها، ولكنني أستدرك، وأوضح بأن هناك هموما أخرى، وبأنني لا آتي بجديد، لم يطرح في مؤتمر ما، أو كتب عنه في موقع ما، ولكن من المهم من وقت لآخر، وضع ملخص لتلك الهموم، علّنا نشعر بتغيرها إلى الأحسن:-

1 – كشخص مهتم بالشأن الاقتصادي، لابد من أن أكيل المديح (وهو ليس بحاجة له) إلى خادم الحرمين الشريفين، أطال الله في عمره، وهو الذي نقل الوضع المالي للحكومة، من اقتراض تجاوز الناتج الوطني، إلى حالة فائض لم تشهده الدولة السعودية.

وأتمنى أن يستمر ذلك النهج، لأن أسعار البترول خادعة!!

2 – وانطلاقاً من النقطة الأولى، ونحن نعتمد كلّية على تصدير البترول، فلابد أن نعي مقدار رغبة الدول الكبرى المستهلكة للنفط والغاز، الاستغناء عنّا، وهو ما يجب أن يؤثر فينا، ويجعلنا نضع خططاً حقيقية، تضمن استمرار نمونا الاقتصادي، حتى ولو نقص الطلب العالمي على النفط، وخير مثال على ذلك، التقنيات التي طورت اليوم، لتسمح باستخراج النفط والغاز من الرمل الصخري، وهو مالم يكن متاحاً قبل خمس سنوات مضت.

3 – لأن الاقتصاد السعودي، ومعه القطاع الخاص، يعتمد كثيراً على الإنفاق الحكومي، فإن الدور الحكومي، كان، ومازال، وسيبقى، المحرك الرئيسي للاقتصاد، وبالرغم من الكلام الإنشائي عن تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط والغاز، فقد فشلنا، حتى الآن، في تنويع مصادر الدخل، ومازال الإنفاق الحكومي، هو المحرك الأساسي، وهذه مشكلة!!

4 – موضوع التخصيص: أقـرّ مجلس الوزراء عملية التخصيص، عندما وصل سعر برميل البترول إلى تسعة دولارات، ولكن حال تحسن الظروف، وضع الموضوع على الرف، ولم تكتف البيروقراطية الحكومية، بتجاهل الموضوع (لأنه يفقدها السلطة، لصالح القطاع الخاص)، ولكننا شاهدنا ظواهر غريبة، وهي قيام كل جهة حكومية، بتأسيس شركة تابعة لها، لغرض تحاشي النظام المحاسبي الحكومي الخانق، ولغرض تعيين المقربين.

من المسؤول الأول في وظائف لا تخضع لنظام الخدمة المدنية، أي أن الهدف النهائي ليس تحقيق إنجاز ما، وإنما إيجاد وسيلة لتنفيع المقربين.

5 – موضوع البطالة: آه كم أن هذا الموضوع يخلق قلقاً لدى أي حكومة، أما لدينا، فإننا نستمر في أسلوب إدارة ومعالجة يعمّـق المشكلة، ودعوني أوضح:-

- في ظل وجود البطالة بين الجامعيين، فمن هو على استعداد للنظر في حالات التسرب والبطالة بين خريجي الثانوية، والمتوسطة، والابتدائية، وهم كثر.

ومهما أملّـنا، فإن تلك الشرائح غير الجامعية يمكن أن تستفيد من وظائف ضرورية، مثل الحراسة، والكاشير، وغيرها، ولكن أعداد تلك الشريحة هو أكبر بكثير من حاجة تلك المؤسسات، ولابد من إعادة تأهيلهم لوظائف مهنية.

وهنا لابد من أن أبدي رأيي حول ما تقوم به مؤسسة التعليم الفني، وهي بصخبها الإعلامي، تذكرني بهيئة الاستثمار، وجامعة الملك سعود، في العهد السابق، وقد وصفت تلك الحالة في التراث العربي بـ «أسمع جعجعةً، ولاأرى طحناً»، وهنا أتمنى أن تخضع هذه المؤسسة للتقييم من قبل جهة محايدة، وربما عالمية!! لأن ميزانياتها ضخمة، وإنتاجيتها متواضعة! أما البطالة بين الخريجين الجامعيين، فلابد من التذكير بأن كثيراً من المجتمعات، ونحن منهم، كان يجب التركيز على الوظائف التي يشغلها غير السعوديين، وقد لا تكون الشهادة الجامعية، هي ما هو مطلوب أساساً، ولكن لو نظرنا إلى موضوع البطالة بين الجامعيين، فهي تقع ضمن نوعين، أولاً خريجي الابتعاث الخارجي، وهؤلاء مصدومون بقلّـة الفرص المتاحة لهم، بالرغم من تعليمهم الجيد، والسبب هنا هو موضوع سهولة استقدام عمالة أجنبية مدربة، تقبل بنصف راتب المتخرج السعودي، والمشكلة الأعمق، هي خريجي الجامعات السعودية، وهم بعشرات الآلاف، وعندما زاد عدد الجامعات في مختلف مناطق المملكة، فقد سمح باستمرار التخصصات الأدبية، وكان ذلك بمثابة مخدر لاستيعاب أكبر عدد، وتأجيل المشكلة أربع سنوات، ومن بعدها سيشعر ذلك الخريج بالإحباط، لأنه لن يجد من يوظفه حسب طموحه، وعندما تسأل المسؤولين في الجامعات، عن سبب عدم تركيزهم على احتياجات سوق العمل، يجيبونك الجواب التقليدي، بأن تخصصات الكمبيوتر، والهندسة، والطب، تتطلب مختبرات مكلفة، ومعها جهاز التدريس، أو بمعنى آخر أننا نصرف البلايين، ونحن (أو بالأصح المسؤولين عن التخطيط لتلك الجامعات) نضحك على أنفسنا، لمعرفتنا مقدماً بأننا سنخرج أجيالاً ستكون أقرب إلى البطالة، منها إلى العمالة، والله يحمي وطني من إحباط جيل الشباب. وسأكمل باقي الهموم الأسبوع القادم.

نقلا عن جريدة الجزيرة