متعة السفر إلى لندن لا تضاهيها أي متعة سفر أخرى، حتى لو كانت إلى باريس، أو فيينا.
وأخص بالذكر الجانب الثقافي، والسبب هو التاريخ البريطاني العريق في إخضاع كل شيء للنقاش، والمداولة، وبشكل مفتوح، وهو ما يجعل المراقب يقف مشدوهاً أمام تلك الظواهر الفريدة، وسأورد فيما يلي أربعة أمثلة معبّرة عنها:-
1 – قامت وزارة التعليم باستطلاع الآراء حول مدى انجذاب، أو عزوف، الطلبة، والطالبات عن القيام بزيارات ميدانية للمتاحف، والبلد يعجّ بمختلف أنواع المتاحف، وقد جاءت نتائج الاستطلاع سلبية، فعقدت جلسات موسعة للمختصين من الجانبين (المتاحف، والأهالي)، وانتقلت نتائج ذلك النقاش إلى مجلس العموم، والذي قرر إلغاء رسوم الدخول، وجعل المتاحف مجانية، تمولها الخزينة العامة.
ونتيجة لذلك أصبح معتاداً رؤية طالب، أو طالبة، وبيدهم كراسات رسم، وهم ينقلون رسماً فرعونياً، أو إغريقياً،كل ذلك حدث بسبب إخضاع كل شيء للنقاش، بهدف تحسين البيئة العامة.
2 – قبل نشر نظام مراقبة الكاميرات في كل الأماكن العامة، عقدت حلقات نقاش موسعة، وكان هناك رفض واسع من قبل الجمهور، من منطلق الخصوصية، ولكن القائمين على المشروع نجحوا في إقناع الأغلبية، ومن ثم تحقق المشروع، بشكل لا يوجد له مثيل اليوم في العالم.
وكل ذلك كان قبل حوادث الإرهاب في بريطانيا، واليوم أكّدت تلك الحوادث جدوى، ونجاعة، ذلك القرار. وقد بلغت قدرة ذلك النظام إلى حد أنه يمكن من خلال صورة فقط، أن تصل الجهات الأمنية، إلى اسم، وعنوان صاحب الصورة، وخلال ساعات، فقط.
3 – منذ خمس سنوات، وسوق العقار في لندن يشهد ارتفاعاً غير مسبوق، سببه إقبال مختلف أغنياء العالم على شراء العقار، ليس بالضرورة لغرض الاستثمار، بقدر ما هو لغرض حفظ الثروة، أو توزيع المخاطر، أو إخفاء الثروة، خصوصاً وأن كثيراً من أولئك الأثرياء، يأتون من دول العالم الثالث.
ورغم أن الإنجليز يحصلون على نسبة ضريبة عالية، على تلك العقارات، إلا أن ملّاك المنشآت الصغيرة في تلك الأحياء، بدأو يشتكون، بأن مشاريعهم تخسر، لأن الملّاك الجدد لا يقضون أكثر من أيام معدودة في السنة، في مساكنهم الجديدة.
وبسرعة انتقل ذلك البحث، والأصح تلك المشكلة إلى مجلس العموم، وتقرر فرض ضريبة إضافية على تلك الاستثمارات، ومن المحتمل أن يحوّل جزء من تلك الضريبة، لمساعدة المشاريع الصغيرة، المتضررة. تذكرت وأنا أستمع إلى ذلك النقاش، الجدل القائم لدينا، عن فرض رسوم على الأراضي البيضاء، من عدمها!! بالرغم من المبررات الكافية!!.
4 - شكّت الإدارة الصحية المختصة بصحة الأطفال، بأن الأطفال لا يحصلون على قدر كاف من مادة الكالسيوم،وذلك مرتبط بكمية الحليب التي يتناولونها، وعقدت حلقات نقاش موسعة حول ذلك، ورأت الإدارة الصحية، الحاجة لتحديد حجم المشكلة، ولذلك قامت بتوزيع أكياس على عيادات الأسنان، لغرض تجميع أسنان الأطفال المنزوعة، لغرض تحليلها، ويتوقع أنه نتيجة لذلك الجهد، ستكون هناك قرارات هامة حول تغذية الأطفال.
كل تلك الأمثلة، وغيرها، نجحت، لأن القضايا خضعت إلى نقاش موسع، ولم يأت دور صاحب القرار، إلا في المراحل النهائية، لاعتماد ما رأته الأغلبية، وذلك يحقق أفضل النتائج، وهو ما نفتقد إليه في العالم الثالث.
نقلا عن جريدة الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
تماااام كده ,
مقال رائع وجميل .. شكرًا لك
ونحن نشكل لجنة وتأخذ بدل الجلسات والانتدابيات ثم نشكل لجنة لبحث عدم نجاح اللجنة السابقة
لماذا رأي الأغلبية والنقاشات والقرقره ؟؟ عندنا أفضل من لندن شخص واحد يقوم بدور مجلس العموم كامل !! فعلا هذه من مظاهر تخلف دول العالم الثالث القرارات بيد أشخاص معينه وياليت فاهمه ! يا سلام يا لندن .. مقال جميل
مقال ممتع ..... لكن واضح أن السطر الأول بحاجه للحذف أو للصياغة بشكل جوهري
مقال رائع وجميل استاذ المنديل
عفوا ، لم أفهم مداخلة (Saudi CFO) بالمطالبه بحذف السطر الأول أو إعادة صياغته بشكل جوهرى . فمفهومى أن الكاتب يرى أن المتعه (الثقافيه) الى لندن لاتضاهيها أى متعه سفرثقافيه أخرى ، حتى لوكانت الى باريس أ وفيينا وهما عواصم الثقافه . وهذا رأيه هو حرفيه . ياليتك توضج أكثر، مع تحياتى .
آسف المقصود " ياليتك توضح أكثر" . وليس " توضج ".
مقال جميع لكن ايضا اختلف مع السطر الاول. الخليجيين يعتقدون ان لندن مدينه سياحيه يتم التردد عليها ويعتقدون ان العالم يشاطرهم نفس الرأي!!! بينما الواقع هو ان لندن مدينه اعمال يتدد لها الناس بسبب العمل اما من ناحيه السياحه فهي من المدن التي يزورها الناس مره واحده وكفى (تشك لست).
شكرا استاذ سليمان,, هل سمعت بشيخ العشيره,؟ فبقية افراد العشيره لا بد ان يسمعوا ويصدقوا كل ما يقوله شيخهم, وهذا الشيخ له وجود في اكثر من نصف دول العالم( اللي ما عندهم الا المشيخه)
مقال شيق وممتع الا انه لا علاقة له بالعنوان وليس هناك علاقه بمتعة السفر الى لندن ومحتويات المقال.
العالم المتحضر عندهم شى اسمه التخصص احنا المسؤول عندنا يفهم فى كل شى وهو الملهم القائد الضروره مشكلتنا الحقيقيه اننا نصنع الاصنام وبعدين نعبدها يعنى جاهليه معاصره وهذا سبب تخلفنا تاليه المسؤول.