هل تعيدنا ضبابية صفقة البريكزيت الحالية إلى فلاش كراش جديد؟

20/11/2018 1
الحسن علي بكر

تستمر حالة الضبابية وعدم اليقين بالسيطرة على مشاعر الأسواق في ظل حالات الكر والفر التي نراها حول امكانية تنفيذ صفقة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لتتمكن بريطانيا من الخروج الناعم من الاتحاد الأوروبي. في الفترة الأخيرة تسارعت الأحداث من جديد مع اقتراب الموعد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ظل حالة الانقسام حول صفقة الخروج، إلا أن الأهم هنا ليس الانقسام بين الحكومة والمعارضة بل الانقسام داخل الحزب الحاكم نفسه وهو ما قوض قدرة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على تمرير مسودة الاتفاق لموافقة البرلمان البريطاني وشهدنا معه من جديد استقالات كان أهمها استقالة وزير البركزيت نفسه في ظل اعترافه بعدم وجود أمال لديه بالقدرة على الحصول على هذه الصفقة.

العاصفة قد لا تقف عند هذه الحدود فقد نشهد المزيد من التوتر خاصة في حالة أن العاصفة طالت رئيسة الوزراء البريطانية نفسها خاصة بعد تقدم برلمانية بريطانية بطلب التصويت لسحب الثقة عنها وهو ما يعني أن العاصفة قد تحمل الكثير من المفاجآت خلال الفترة المقبلة وهو ما قد يجعل الفترة المقبلة تحمل الكثير من المفاجآت التي قد تصل إلى حدود اعادة الاستفتاء حول الخروج من الاتحاد الأوروبي على الرغم من صعوبة مثل هذا السيناريو في ظل العوائق الاجرائية والسياسية لاعادته ولكن تعلمنا أنه حين يكون الخطر كبير فإن الباب مفتوح أمام كافة الخيارات.

حالة عدم اليقين باتت أمرا واضحا في الاسواق حول مصير صفقة الخروج والتحولات السريعة قد تحمل مفاجآت وهو أمر نرى أن الاسواق قد بدأت فعليا بمحاولة التحوط له وتم ترجمته بارتفاعات كبيرة في أحجام عقود الخيار للتحوط ضد أي تقلبات مفاجئة في الأسواق وشهدنا معها التقلبات في اعداد واحجام هذه العقود ترتفع بشدة لأعلى مستوياتها خلال عامين متجاهلة بذلك محاولات بنك انجلترا لاحتواء الأثر من خلال تلويح مارك كارني بامكانية رفع الفائدة البريطانية ولنشهد تقلبات قوية على الجنيه الاسترليني وانخفاض قوي خلال الاسبوع الماضي بشكل خاص في ظل تزايد التشاؤم بعدم القدرة على الحصول على موافقة للبرلمان على الصفقة التي وافق عليها الاتحاد الأوروبي.

هذه الحالة التي نشهدها حاليا يمكن أن تجعلنا نعود بالزمن إلى عامين حين جاءت مفاجأة الاستفتاء ليليها انهيار مفاجئ (فلاش كراش) للجنيه الاسترليني وهبوطه بنحو 10% خلال أقل من ساعة وسط العديد من التبريرات والتي كان أكثرها رواجا هو التداولات اللوغرايثمية ولكن أيا كانت المبررات فما يهم هو أن هذا الانهيار قد حدث.

واليوم في ظل عودة حالة عدم اليقين فهل يمكن أن نشهد انهيار مفاجئ مرة أخرى؟

هنا يبدأ التحليل الفني بلعب دورا مهما في النظرة العامة لامكانية حدوث مثل هذا الانهيار، فالبيئة ممهدة أمام هبوط قوي أو حتى ارتفاع قوي للجنيه الاسترليني في حال ظهور أي مفاجآت غير متوقعة في السوق نتيجة وجود زوج الجنيه الاسترليني مقابل الدولار في منطقة دعم قوية في الفترة الحالية وهي أيضا نفس المنطقة التي شهدنا فيها الانهيار المفاجئ عام 2016 وقد تحمل تهديدا حقيقيا بامكانية هذا الانهيار نحو الاسفل بشكل أكبر مما هو نحو الارتفاع.

حيث يشكل مستوى 1.2660 أهم الحواجز أمام حدوث مثل هذا الانهيار ويعتمد توقيت وحجم الكسر في تحديد العزم في الهبوط في مثل هذه الحالة، حيث أن وجود أي مفاجآت في فترة ذات سيولة منخفضة أو في فترة عطلة نهاية أسبوع يجعل الخطر في حدوث هذا الانهيار ممكنا بشكل كبير، في حين أن المفاجآت في أوقات التداول والسيولة العالية يمكن أن تحتويها السوق بشكل سريع ويجعل أي هبوط ضمن الحدود الطبيعية والمقبولة في الاسواق.

إلا أنه بجميع الاحوال، فإن الخطر موجود وسيكون من الخطأ أن يتم تجاهله أو عدم التحوط له ويتطلب من المتداول المزيد من الحذر في صفقاته وبشكل خاص خلال الفترات المذكورة سابقا التي يكون فيها السيولة منخفضة في الأسواق ويتطلب منه أن يستخدم آلية سليمة لإدارة المخاطر بشكلها السليم والمتحفظ بشكل أكبر من العادة.

خاص_الفابيتا